المشاهد نت

اللجنة العسكرية.. تحديات دمج الفصائل المسلحة

أولوية تنظيم القوات اليمنية تحت قيادة موحدة

عدن – بشرى الحميدي

بعد عدة أيام من تشكيل اللجنة العسكرية والأمنية المكوّنة من 59 عضوًا، بقيادة اللواء الركن هيثم قاسم طاهر، لم تجتمع ولمرة واحدة لوضع خطوط عريضة لدمج الفصائل المسلحة في جيش موحد.

وتهدف اللجنة إلى تهيئة الظروف واتخاذ الخطوات اللازمة لتحقيق تكامل القوات تحت هيكل قيادة وطنية موحدة في إطار سيادة القانون.

ويقول مستشار وزير الدفاع، العميد الركن محمدالجرادي، إن إعلان تشكيل اللجنة العسكرية والأمنية المشتركة، جاء ترجمة للتوجهات القيادية العليا الاستراتجية لحسم المعركة مع جماعة الحوثي المدعومة من إيران سلمًا أو حربًا.

ويتقتضي ذلك إعادة دمج كل التشكيلات العسكرية والفصائل والنخب المقاتلة والمقاومة الوطنية والشعبية، تحت مظلة وزارة الدفاع ورئاسة هيئة الأركان العامة، وبموجب ذلك تخضع هذه القوات بعد إصلاح كل الاختلالات التي رافقتها خلال سنوات الحرب، لخطط وبرامج وتعليمات قيادة الوزاره ونظام ولوائح السلك العسكري المعمول به من أجل المضي قدمًا نحو الهدف المنشود بقلب رجل واحد.

وعلى ضوء نتائج عملها سيعمل صانع القرار على صياغة الاستراتيجية التحررية والتنموية، حد قول الجرادي.

متطلبات الدمج

يقول الباحث في علم الاجتماع العسكري، اللواء محسن خصروف، إن المؤسستين الدفاعية والأمنية بحاجة ماسة وعاجلة إلى إعادة النظر في وضعهما الحالي غير الطبيعي وغير الدستوري، وأولى الخطوات التصحيحية تنفيذ عملية إحصاء دقيقة للقوى المادية والبشرية، ومن ثم إعادة هيكلتها ودمجها في إطاري وزارتي الدفاع والداخلية، بتبعية مطلقة لهما، والجميع للقائد الأعلى للقوات المسلحة والأمن رئيس الجمهورية، وتحريم وتجريم، بالمطلق، أية تبعية أو علاقة أو ولاء حزبي، مذهبي، قبلي، مناطقي أو مليشياوي خارج الإطار المؤسسي، وتجسيد الصفة الوطنية في أجلى صورها لتصبحا حقًا من الوطن وإليه، ثم صياغة عقيدة عسكرية وقتالية منطلقة من السياسة العامة للدولة، واستئصال شأفة الفساد والفاسدين والمفسدين في المؤسستين.

ومن الملفات التي ستعمل اللجنة على دراستها، الكشوفات الوهمية، والترقيات والضم خارج القانون، وواحدية العقيدة العسكرية، وتحريك الوحدات العسكرية إلى خطوط المواجهة، إضافة إلى توحيد القيادة والقرار العسكري والخطط العملياتية والإسناد اللوجستي وقواعد البيانات، وتنظيم التعاون بين الوحدات والمناطق العسكرية والأمنية والاستخباراتية بما يحفظ الأمن والاستقرار في المناطق المحررة، ويقضي على آفة الإرهاب، حسب الجرادي، مؤكدًا أن هذا يتطلب تحديد المدة الزمنية لمهمة اللجنة، لأن تلك الثغرة سيكون لها أثر سلبي على أداء اللجنة إذا ما تم تداركها بشكل عاجل وسريع، وفق اعتقاده.

وبين الجرادي أن تلك التحديات والإشكاليات الراهنة تكمن في تصحيح الكشوفات وفق القوة الموجودة فعليًا، وتنزيل ما هو وهمي ومزدوج، وتوجيه إنذار أخير لكل من لم يتواجد في الميدان، ومراجعة الترقيات والتعيينات الصادرة ومدى التزامها بالشروط والمعايير، وإحالة كل من بلغ الأجلين بعد تسوية أوضاعهم إلى شعبة الرعاية، ثم تكثيف الجهود في إعادة تدريب وتأهيل بقية القوة على أسس علمية ووطنية بحتة، يكون ولاؤها المطلق لله والوطن والثورة والجمهورية والوحدة والقيادة الجماعية.

ودعا  الجرادي إلى توفير الإمكانات المطلوبة اللازمة للجيش للقيام بواجباته على أكمل وجه، وتمكين القيادة من وضع الرجل المناسب في المكان المناسب، بالإضافة إلى تفعيل جانب الرقابة والتفتيش في كل المناطق والدوائر والمرافق العسكرية، فالإجراءات الملحة والطارئة تتمثل في إعادة النظر في التشكيلة القيادية الميدانية الحالية العسكرية والأمنية،  وإتاحة الفرصة لذوي الخبرة والكفاءة وفق معيار منهجي وقانوني صارم، إضافة إلى استكمال الملاك البشري والمادي لكل الوحدات والمناطق العسكرية والأمنية.

إقرأ أيضاً  معاناة جلب الماء في معافر تعز

تحديات ماثلة

“صحيح أن اللجنة العسكرية تتمتع بكفاءات ولديها القدرة على التعامل مع التحديات التي ستواجهها، ولكن هذا لا يعني أنها غير منشدة لولاءات ومراكز نفوذ داخل الجيش أو في الحكومة بشكل عام أو حتى على المستوى الحزبي، فضلًا عن نزعتها الخاصة تجاه قضايا الجيش وتوزيع قيادة الجيش في المستويات العليا والوسطى والدنيا”، يقول الخبير العسكري علي الذهب، مضيفًا أن العملية لن تكون سهلة أمام اللجنة العسكرية، لاسيما أن هناك أجندة قوية تتعارض مع الأهداف التي رسمت لهذه اللجنة بحيث تنفذها على الأرض، ومن ذلك دمج القوات وتوزيعها وإدراجها ضمن هيكلتي وزارتي الدفاع والداخلية، فضلًا عن إذابة الفوارق والنزعات داخل منظومة التشكيلات المسلحة المختلفة.

ويتابع الذهب: “لا توجد وحدة قرار ولا وحدة إدارية تدير العمليات الأمنية على الأرض، وهناك أجهزة متفرقة، لذلك العمل الأمني مهترئ، ونتائجه على الأرض سيئة، وهذه النتائج الأمنية بأشكالها المختلفة كلها تعكس أن العملية الأمنية لا تقوم على حوكمة موثوق فيها، فهناك انفلات كبير، وهذا الانفلات مرهون بإرادة اللجنة العسكرية، والآمال التي تحد من هذه الظاهرة، ولا يمكن القضاء عليها، لأن ذلك يتطلب إمكانيات كبيرة ووقتًا كبيرًا”.

وأمام اللجنة تحديات أمنية متمثلة بمحاولات الطرف الآخر صنع الخلافات بين التحالف الجديد والانفلات الأمني في المناطق المحررة، ومواجهة تخادم الإرهاب مع الجماعات الحوثية، الذي بدوره يتطلب تنسيق الجهود بشكل دقيق بين الأجهزة الأمنية الآتي من خلال إصلاح أوضاعها بما يتطلبه الواقع، وتنفيذًا كما هو في الجانب العسكري لما ورد في المادة الخامسة كواحد من أهم مخرجات مؤتمر الرياض التشاوري، والذي يعتبره بعض القانونيين بمثابة إعلان دستوري، حد قول الخبير العسكري والاستراتيجي، العميد الركن علي ناجي عبيد.

وبناء على ذلك، يجب أن تدرك اللجنة العسكرية أهمية إيجاد توليفة لحلول وتوصيات لازمة لتفكيك عقدة هذا الملف، لأن أي إصلاحات حقيقية تتطلب بالضرورة وبالأولوية تشكيل تسلسل قيادي هرمي مبني على أساس مهني، يبرز في واجهته ضباط أكفاء وعلى مستوىً عالٍ من التأهيل والاحتراف القيادي. وهذا التسلسل القيادي -إن وجد- هو وحده الكفيل بربط وتكامل الأداء، لأنه سيتشكّل من ضباط على قدر مقبول من التشبع بالوعي القيادي والعسكري، وبما يحقق تشكيل منظومة قيادية منضبطة ومتمكنة تضمن تيسير الإجراءات العسكرية، وتستوعب أولويات المرحلة، وتؤسّس لنظام عسكري فعلي محتكم للقانون واللوائح، وعلى مبدأ الثواب والعقاب في كافة الألوية والوحدات، حسب حديث المحلل العسكري، وضاح العوبلي للمشاهد.

ويعتقد أن هذه الخطوة هي الأهم للخروج من حالة الفراغ القيادي، لتقليل الخسائر، وادخار وتوفير الجهود، وإدارة الإمكانيات في مساراتها العسكرية الصحيحة، بدلًا من استنزافها في أمور ثانوية.

مقالات مشابهة