المشاهد نت

أخطاء مؤلمة للقابلات في البيوت

الإستعانة بقابلة في البيت للولادة يعرض صحة وحياة الطفل للخطر

تعز – محمد الأصبحي

في الوقت الذي استقبلت فيه أم راكان مولودها الأول، ينتظرها في الجانب الآخر وجع سيظل يكبر مع طفلها يومًا بعد يوم، فقد استقبل الطفل الحياة بجسد معاق نتيجة الاستعانة بقابلة قامت بتوليده بطريقة خاطئة.

مطلع شهر أبريل المنصرم، نقلت أم راكان (18 عامًا) إلى المستشفى الجمهوري بتعز، إثر آلام المخاض، لكن الطاقم الطبي أكد أن وقت الولادة لم يحن بعد، ما جعلهم يعودون إلى المنزل”، حسب قائد، جد الطفل.

ويضيف: “في المنزل كشفت القابلة على ابنتي، وأخبرتنا أنها على وشك الولادة، وعندما أشارت الساعة إلى العاشرة مساء كانت ابنتي قد وضعت طفلًا معاقًا إثر استخدام القابلة لثلاث حقن طلق”.

إعاقة دائمة

نتيجة شدة تدهور حالة الطفل الصحية، تم نقله إلى المشفى السويدي، وبعد عرضه على طبيب مختص، أكد على ضرورة بقائه في الحاضنة، إثر ذلك تم نقل الطفل إلى مشفى الروضة الخاص، ليوضع في الحاضنة وبين الأسلاك بدلًا عن حضن أمه.

وبعد مرور 7 أيام، نقل الطفل مرة أخرى إلى المشفى السويدي الذي يقدم خدمات الحاضنات بالمجان، بدعم من منظمة اليونيسف، نتيجة عجز الأسرة عن دفع تكاليف الحاضنة في المشفى الخاص.

“من يسمون ملائكة الرحمة يتحملون جزءًا من حالة العذاب الذي أعيشه نتيجة عدم إخباري بأن ولادة ابنتي ستكون متعسرة عند عرضها عليهم”، هكذا يختتم قائد حديثه، مضيفًا: “لا أتمنى أن تتكرر حالة ابنتي لأي شخص أيًا كان”.

ولا يختلف الحال كثيرًا بالنسبة لمحمد (40 عامًا)، الذي يعد هو الآخر أبًا لطفل مصاب بضمور في خلايا الدماغ إثر خضوع زوجته للولادة المنزلية نهاية العام 2019.

ويقول محمد: “داهمت زوجتي آلام الولادة، ونتيجة لبعد المستشفى (يسكن في جبل صبر) وتدهور الوضع الأمني، اضطررت للاستعانة بقابلة تسببت بإعاقة طفلي، نتيجة استخدامها حقنتي طلق أثناء توليد امرأتي”.

ثقافة أو خوف

“تلجأ النساء إلى الولادة في المنزل نتيجة الثقافة السائدة بينهن عن حجم الإهمال وعدم احترام الخصوصية الذي تتعرض له المريضة أثناء الولادة، خصوصًا في المشافي الحكومية، فضلًا عن أن ارتفاع تكاليف المشافي الخاصة يعد سببًا آخر لذلك”، تقول طبيبة النساء والولادة في مركز الناصر بالعاصمة صنعاء، أمل المخلافي.

وتضيف: “نواجه حالات نساء يومية تعاني من تبعات الولادة المنزلية، بدءًا من النزيف، مرورًا بالتلوث وحمى النفاس، وصولًا إلى الوفاة، كما يعاني الأطفال الوافدون من الاختناق نتيجة نقص الأكسجين الذي قد يتطور إلى الإعاقة الدائمة أو الموت نتيجة استخدام القابلات لجرعات زائدة من حقن الطلق”.

إقرأ أيضاً  رداع.. ضحية جديدة في قائمة «تفجير المنازل»

يعد مرض الضمور الدماغي أحد الأمراض العصبية التي يحدث معها تراجع بكتلة الدماغ نتيجة تلف بخلاياه كلها بشكل عام أو في أحد أجزائه، ما يؤدي للعجز الوظيفي لأعضاء الجسم التي يسيطر عليها الجزء التالف في الدماغ. وينتج هذا الضمور إما عن توقف إنتاج خلايا الدماغ أو التلف السريع لهذه الخلايا، ويمكن أن يصاب به الطفل خلال فترة الحمل أو بعد الولادة مباشرة، كما يمكن أن يصاب به الأطفال الرضع.

وتقول الدكتورة ريم المليكي، طبيبة النساء والولادة في المستشفى الجمهوري بتعز، إن قلة الوعي بمضاعفات الولادة المنزلية التي قد تحصل للأم أو الطفل، والإشاعات المتداولة في أوساط النساء عن ولادة المشافي، تعد سببًا رئيسيًا في تفضيل النساء الولادة في المنزل.

وتضيف المليكي: “وصلت إلينا حالات نساء تعرضن لانفجار الرحم، ولم نستطع إنقاذهن دائمًا، أما الأطفال الوافدون إلينا والمولودون على أيدي قابلات، فهم يفقدون الحياة في أغلب الأحيان”.

وتوضح أن عدم الرقابة على القابلات، وانعدام الوعي الصحي لدى أغلب شرائح المجتمع بخطورة الولادة المنزلية، يعدان جذرين رئيسيين للمشكلة.

أطفال معرضون للموت

في حين أن معظم النساء الحوامل اللاتي يخترن الولادة المخطط لها في المنزل، يلدن دون مضاعفات، فالأبحاث تشير إلى أن الولادات المنزلية المخطط لها ترتبط بارتفاع خطر موت الرضع والنوبات المرضية بالمقارنة مع الولادات المخطط لها بالمستشفى.

كما أفادت دراسة أن 15 من كل 1000 طفل يولدون في أماكن غير المستشفيات، يموتون، مقارنة مع 5 من كل 1000 طفل يولدون في المستشفيات.

وتؤكد أحلام السيد، أخصائية نفسية، أن القصص المتداولة عن انعدام النظافة في المستشفيات تزيد من التوتر النفسي لدى المرأة الحامل، مضيفة أن استعانة قسم النساء والولادة في المشافي بطالبات للتطبيق، يساعد بشكل كبير على نفور المرأة الحامل من الولادة في المشفى، كونه مكانًا غير مناسب.

وتنوه السيد إلى أن العادات والتقاليد التي تحكم بعض الأسر لا تصب في مصلحة المرأة الحامل للولادة في المشفى.

مقالات مشابهة