المشاهد نت

عقول أجبرتها الحرب على افتراش الرصيف

الكثير يفترشون الشوارع لبيع الكتب
الكتب تنشتر في شوارع صنعاء

المشاهد – صنعاء – نجيب العدوفي :
الحرب لا تقتل الإنسان وتدمر المباني والممتلكات فحسب، بل تمتد لتدمر الثقافة وتفكك النسيج الاجتماعي للبلدان التي تعيش واقع الحرب، فوق أرصفة الشوارع باتت تلك الكتب التي انتجتها العقول لتفيد المجتمعات بعد أن ضاقت بها الأمكنة.

اليمن كانت ضحية حرب لا تُعرف نهايتها، بل إنها كلما طالت زادت حدتها، فالمواطن اليمني يحلم بأن يصحو وقد وضعت هذه الحرب أوزارها، فكل شيء جميل في هذا البلد شوهته الحرب، فالثقافة وأماكنها لم تعد سوى ماضي.

المكتبات التي تُعد منبعاً للثقافة والمكان الذي يستأنس فيه المثقف ويجد فيه نفسه، أغلبها باتت مغلقة، وأخريات لجأت إلى الرصيف بعد أن ضاقت بها الأمكنة، فالكثير من أصحاب المكتبات يشكون عدم قدرتهم على دفع إيجارات المباني التي تحتضن مختلف العلوم والمعارف.

علوم ومعارف تستجدي المارة

في أحد أرصفة شارع الزبيري وسط العاصمة صنعاء يتخذ وليد الأغبري مقراً لمكتبته، ويعرض كتباً مختلفة تضم العديد من العلوم والمعارف، ويقول الأغبري لـ”المشاهد”: “الحرب قادت الكثير من المكتبات إلى بيع الكتب بأسعار زهيدة، وشكل ذلك فرصاً سانحة أمام الكثير من الشباب العاطلين عن العمل لاقتناء هذه الكتب والمتاجرة بها”.

الأغبري لا يقدر على دفع إيجار شهري مقابل محلاً يضم هذه الكتب، لذا لجأ إلى الرصيف، ويقول: “حركة الشراء للكتب ضعيفة للغاية، وفي حال كان علينا إيجارات فلم نستطع دفعها، وعلى هذا الرصيف لا أخسر شيئاً، وكل ما أبحث عنه هو الحصول على احتياجي اليومي من المأكل والمشرب”.

كتب مدرسية وجامعية على الرصيف
في شارع أبوظبي وبالقرب من سوق “عنس” يقف محمد بجوار الرصيف الذي تغطيه العديد من الكتب المدرسية والجامعية وبعضاً من الكتب المتعلقة بالطبخ وأخرى كقصص الأطفال والكتب الفكاهية، ويقول محمد لـ”المشاهد” إن هذه الكتب كانت تتبع مكتبة لبيع الصحف والمجلات وكتب الطبخ والتسلية وغيرها، ويشير إلى أن القدسي مالك المكتبة التي كانت بالقرب من الرصيف الذي يفترشه محمد قام قبل أكثر من عام ببيع كل هذه الكتب بعد أن عجز عن دفع الإيجارات التي تراكمت عليه، نتيجة ضعف حركة الشراء وإيقاف مختلف الصحف والمجلات.

إقرأ أيضاً  توقف حوافز المعلمين في مأرب

الكتب المدرسية والجامعية وغيرها من الكتب التي تضمها مكتبة محمد فوق هذا الرصيف هي الأكثر أهمية لدى المارة وفق ما يقوله محمد لـ”المشاهد”، ويضيف: “الناس لم تعد تقرأ، فأكثر ما يهمها هو توفير لقمة العيش، وإن كان هناك من يحبون القراءة فالوضع السيء يحرمهم منها”.

الحرب تُحرم القراء من القراءة

ضاقت الأمكنة على الكتاب في اليمن، فالحرب التي ما تزال تشتعل أكلت كل شيء في اليمن، فالناس باتت تفكر بلقمة العيش وتحلم بأن يكون ثمة نهاية لهذه الحرب، فالقراءة والمطالعة لم تعد هواية للكثيرين، وفقاً لما يراه محمود عبدالرقيب، ويقول لـ”المشاهد” إنه من محبي القراءة والإطلاع، إلا أنه بات غير قادراً على شراء أية كتب يهواها لتغذية حاجته المعرفية والثقافية.

كتب لتزيين المكان فقط

عبدالرقيب بات عاجزاً عن تلبية رغباته المعرفية نتيجة صعوبة الوضع المعيشي وانعدام الدخل، ويقترب من حالته مراد علي الذي يقول لـ”المشاهد”: “لدي مكتبة لا بأس بها، إلا أني في ظل الوضع الراهن لم أعد أقراء، وأصبحت مكتبتي مجرد ديكور يزين المكان، وأفكر كثيراً بأن أبيعها، إلا أني لا أجد من يعرف قيمتها، وإن وجدت، فالوضع لدى الناس لا يساعدهم على شراء الكتب.

الفقر والتكنولوجيا يحدان من هيمنة الكتاب

من جانب آخر يرى منصور القباطي إن حالة الفقر والجوع التي يعيشها أغلب اليمنيين باتت مصدر حرمان للحصول على الكتب، ويضيف لـ”المشاهد”: “إلى جانب الفقر الذي تعيشه البلد ثمة أيضاً سبباً يقلص من الإقبال على الكتب وهجران المكتبات يتمثل في التكنولوجيا التي باتت تمد الناس بكل ما يحتاجونه من علوم ومعارف”.

مقالات مشابهة