المشاهد نت

سقطرى..مصيرمجهول لـ39 راكبا وغموض يلف الحادثة

قوارب في ميناء المكلاء
سقطرى..مصيرمجهول لـ39 راكبا وغموض يلف الحادثة
المشاهد – حضرموت – خاص
 مأساة جديدة حلت على أهالي محافظة أرخبيل سقطرى اليمنية في المحيط الهندي، مثلها غرق السفينة الأصطياد “فرج الله 2” وعلى متنها 70 راكباً غالبيتهم من النساء والأطفال كانوا في طريقهم إليها قادمين من محافظة حضرموت.

 تم إنقاذ 31 منهم فقط، فيما لايزال مصير 39 مجهولاً مع تضاؤل الأمال في العثور على المزيد من الناجين بعد مرور أكثر من 5 أيام منذ أن عثرت فرق البحث والإنقاذ على أخر الناجين.

منذ اللحظة الأولى لإعلان السلطات بمحافظة أرخبيل سقطرى فقداتها الاتصال بالسفينة على بعد 26 ميل بحري شمال غرب الأرخبيل، أعلنت السلطات بحضرموت حالة الطوارئ والاستنفار في المحافظة وشكلت غرفة عمليات لمتابعة الحادثة.

أرسلت فرق من قوات خفر السواحل للمساعدة في عمليات البحث والإنقاذ. وقال المدير التنفيذي لمؤسسة موانئ البحر العربي – ميناء المكلا – المهندس سالم باسمير، أنهم طلبوا من قوات التحالف المساعدة في عمليات الإنقاذ وكذلك الأمر بالنسبة للسفن المارة في تلك المنطقة.

لكنه وبعد مرور 8 أيام على الكارثة عاد ليؤكد لـ “المشاهد” توقف كنترول الميناء عن بث ندأت الاستغاثة التي كان يُطلقها على مدار الساعة للسفن المارة في أعالي البحار لطلب مُشاركتها في عمليات الإنقاذ. وبرر (باسمير) ذلك التوقف نتيجة لعدم وجود أي استجابة من تلك السفن. قائلاً “ربما لأنه لم يكن هنالك المزيد من ناجي”.

فيما أعلنت البحرية الباكستانية ليلة أمس تمكن “فرطاقة” عسكرية تابعة لها تعمل ضمن قوات التحالف الدولي لمكافحة القرصنة في المحيط الهندي وخليج عدن، من تحديد موقع غرق السفينة. لكنها لم تشر إلى عثورها على ناجين.

غموض يلف الحادثة:

ومن المعلوم أن أجراء رحلة بحرية بين سقطرى وحضرموت يتطلب نحو 24 ساعة، وقد تطلب زيادة نصف تلك المدة  وفقاً لحالة الطقس.

المعلومات التي قدمها ميناء المكلا لـ “المشاهد” تُشير إلى أن السفينة المنكوبة والتي كانت ترفع العلم العماني، قد غادرت الميناء ليلة السبت الموافق 3 ديسمبر الحالي وعلى متنها 47 راكباً وفق الكشوفات الرسمية. لكن الغريب أن السفينة المنكوبة بدأت بالغرق على بعد 26 ميل بحري من الجزيرة في ساعات الصباح الأولى ليوم الثلاثاء الموافق 6 ديسمبر، أي أنها غرقت بعد ثلاثة أيام من مغادرتها الميناء في رحلة لا تطلب أكثر من يوم ونصف.

وحتى اللحظة لم تكشف السلطات الأسباب التي أدت إلى تأخر السفينة في الوصول إلى وجهتها. فيما قالت لجنة التحقيق التي شكلتها وزارة النقل وعلى لسان رئيسها المهندس محمد بن عيفان، وهو أيضاً رئيس هيئة الشؤون البحرية أنهم يواصلون جمع المعلومات والتحقق من مدى صحتها.  وأضاف في حديثه لـ (المشاهد) ” لا نستطيع الجزم بأي شيء حول الحادثة والأسباب التي أدت لوقوعها حتى ننتهي من عمليات جمع المعلومات والتأكد من سلامتها”.  وكانت مصادر إعلامية قد أشارت إلى أن السفينة قد غرفت نتيجة للحمولة الزائدة وتسرب المياه إلى غرفة المحرك.

تلاعب واستهتار بالأرواح:

ما أن وقعت الكارثة حتى أعلنت مؤسسة موانئ البحر العربي أن السفينة المنكوبة لا تخضع لسلطة المؤسسة وضوابطها ولا توجد هنالك أي لوائح تُحدد العلاقة بين المؤسسة وهذه النوعية من السفن حيث وأنها سفينة صيد للأسماك وليست مخصصة لنقل المسافرين.

إقرأ أيضاً  الهروب من البشرة السمراء.. تراجيديا لا تدركها النساء

إلا أنها عادت لتقول أنه ورغم ذلك لم تسمح إدارة الميناء بمغادرتها إلا بعد أن تأكدت من أن أعداد الركاب والحمولة التي كانت عليها في أطار المسوح، حيث وأن أعداد الركاب الذين كانوا على متنها لحظة مغادرتها الميناء كان 47 فقط.

لكن وكيل السفينة والذي أصدر محافظ حضرموت بحقه مذكرة اعتقال، قام وبعد مغادرتها للميناء بالذهاب بها صوب موانئ غير رسمية مخصصة لقوارب الأسماك في مدينتي الشحر وقصيعر شرق المحافظة لنقل المزيد من الركاب والبضائع وبصورة غير قانونية وبدون أشعار السلطات أو الاهتمام بالوزن الذي يشكله هؤلاء المسافرين الذين أرتفع عددهم إلى 70 راكباً، والبضائع التي قام بشحنها على ظهر السفينة والتي زادت عن الحد الأقصى وهو 150 طن.

وقالت مصادر ملاحية لـ “المشاهد” أن هذا التصرف ورغم خطورته واستهتاره بأرواح المسافرين، إلا أن ليس بجديد، فجميع ملاك السفن الخشبية وسفن الاصطياد يفعلون هذا أثناء نقلهم للمسافرين إلى الجزيرة، وأنه وفي ظل عدم وجود رقابة من الحكومة وخفر السواحل بات الأمر أشبه بحركة الباصات الداخلية في الشوارع والتي تقوم بنقل الركاب من أي مكان.

مأساة زوج يُشاهد غرق زوجته وطفله أمام عينيه:

وتحدث الناشط عبدالله خميس، وهو أحد أبناء سقطرى لـ”المشاهد” عن المأساة التي عاشتها الناجون وهم يرون أحبتهم وأقاربهم يغرقون أمام أعينهم في منطقة تمتلئ بأسماك القرش المفترسة. ومن بين هؤلاء والد الطفل خالد السقطري، والذي كان شاهداً على أبتلاع مياه المحيط لزوجته وطفله (خالد) البالغ من العمر عامين أمام عينيه دون أن يتمكن من إنقاذهم.

وأضاف ” لقد شاهد بعض الناجون كيف كانت الأم تُحاول إنقاذ طفلها برفعه بيديها إلى الأعلى فيما كانت هي تغوص في الماء، هي لم تتخلى عن طفلها، لقد حاولت إنقاذه، لكنهما غرقا معاً وألتهمهما البحر بين اجنابه المظلمة.

وأستطرد قائلاً ” أتمنى من الله أن تكون تلك الأرواح التي فقدانها في هذه الحادثة، أن تكون ثمن انعتاقنا من المُعانة والانعزال الذي نُعاني منه”.

رغم المخاطر .. البحر هو السبيل الوحيد:

ومنذ اندلاع الحرب الأهلية في اليمن في مارس العام 2015، بات ركوب البحر رغم المخاطر المرافقة له، هو الخيار الوحيد أمام أبناء سقطرى في حركتهم إلى الأرخبيل والخروج منه بعد توقف الرحلات الجوية بصورة شبه كاملة.

 وكان أقارب وعائلات الضحايا قد طالبوا الحكومة والتي تعهدت بدفع تعويضات للضحايا، بفتح تحقيق مع شركة الخطوط الجوية اليمنية، وفي ذلك في وقفة احتجاجية غاضبة نفذوها في كلا من محافظات عدن وحضرموت وسقطرى. كون أن غالبية ضحايا السفينة المنكوبة كانوا ممن يحملون تذاكر سفر اليمنية عبر رحلة مطار سيئون الدولي. وأن عدم التزام الشركة بمواعيد رحلتها وتأجيلها لأجل غير مسمى – حسب قولهم – دفعهم إلى ركوب البحر رغم المخاطر المُحدقة، لتحصل الكارثة.

مطالبين كذلك بإعادة فتح مطار الريان الدولي بالمكلا كونه المطار الأقرب إلى الجزيرة، وبتفعيل الرحلات الأسبوعية إلى مطار سقطرى، وتخفيض أسعار التذاكر لأبناء الأرخبيل كون السفر جواً هو الخيار الوحيد الذي يُمكن أبناء الأرخبيل من الدخول والخروج منه بصورة آمنة.

مقالات مشابهة