المشاهد نت

في زمن الحرب.. نساء فى اليمن ينفقن على الرجال

المشاهد-نجيب العدوفي-خاص:
إذا حلت الحرب في بلد أفرزت الكثير من الاختلالات وولدت العديد من الأزمات وألقت بظلالها السلبي على مختلف مجالات ومناحي الحياة.
يدخل اليمن عامه الرابع في حرب لا شيء ينذر بنهايتها، وأطراف الصراع لا يلتفتون إلى ما خلفوه في هذا الشعب الصابر والمحتسب، لا يسمعون أنين الأطفال والنساء ولا يُحسون بأوجاع المرضى.
المرأة اليمنية كانت جزءاً في قصة وجع لم ينتهِ بعد، فقد اكتوت بنار هذه الحرب وتحملت ما لم يستطع الرجل تحمله، باتت المرأة اليمنية هي العائل الأول في أغلب الأسر اليمنية وتتحمل مسؤولية الانفاق، فقد قدمت مصوغاتها الذهبية لهذه السنوات العجاف وأخريات ممن لهن ميراث قدمن ارثهن وأخريات ممن يحملن شهادات خرجن للعمل ولو بأقل أجر لدفع شبح الجوع عن أُسرهن
.
نساء يتحدين الحرب
تجر الأستاذة وداد أحمد تنهيدة من أعماقها وهي تتحدث لـ”المشاهد” عن وضع سيء أصاب المرأة، وتقول إنها اضطرت بعد توقف صرف المرتبات إلى التدريس في مدرسة أهلية مقابل 25 ألف ريال في الشهر وبدوام يومي يصل إلى 7 ساعات، ولم تشفع لها خبرتها في التدريس الممتدة لأكثر من 12 عاماً؛ إلا أنها ارتضت بذلك الأجر الزهيد لتأمين القوت الضروري لأسرتها بعد أن أصبح زوجها بدون عمل.
أسماء وأمينة ومريم، كان لهن فكرتهن الخاصة لتجاوز الواقع المرير وتأمين الدخل المطلوب لأسرهن، حيث يقمن بعمل مخبوزات يمنية في بيوتهن وعملن على استئجار دكانة في أحد شوارع العاصمة صنعاء لبيع هذه المخبوزات، ويقولن لـ”المشاهد” إنهن استطعن تجاوز خطر الموت جوعاً ويحققن ربحاً يومياً لا يقل عن 2000 ريال لكل واحدة، ويبين أن الرجال أصبحوا عاجزين عن النفقة وأن المرأة باتت الأكثر قدرة على الانفاق وتوفير الدخل للأسرة.
من جانبها أم سامي تقول إنها أُمية ولم تستطع الخروج للعمل، وكل ما قامت به لإعانة زوجها العاطل عن العمل هو بيع مصوغاتها الذهبية وقطعة الأرض التي ورثتها عن والدها، وتضيف لـ”المشاهد” :”كل ما قدمته خلال هذه السنوات هو 7 ملايين ريال، ولا نملك الآن منها سوى مليون و200 ألف ريال وأخاف أن تستمر هذه الحرب، فليس لنا ما يمكن أن نبيعه للحصول على لقمة العيش”.
بدورها سحر عبدالله مسؤولة أحد معاهد تعليم اللغة الإنجليزية والحاسوب بصنعاء، تقول لـ”المشاهد” إن 80% من المتقدمين لدراسة الإنجليزية والحاسوب في المعهد هن من النساء المتزوجات اللواتي يحملن شهادات الدبلوم والبكالوريوس، وتضيف: “هؤلاء المتقدمات يحملن شهادات قديمة ولم يسبق لهن العمل، إلا أنهن الآن أجبرن بعد توقف أزواجهن وأقاربهن عن العمل على القيام بتأهيل أنفسهن للبحث عن فرص عمل”.
وفي ذات السياق تقول أميرة سيف لـ”المشاهد”: “أخرج كل يوم للتقديم في الشركات الخاصة، وكنت أواجه تحدي يتمثل في إجادة اللغة الإنجليزية والحاسوب، وقمت بالدراسة لمدة سنة ونصف، وحصلت مؤخراً على عمل في شركة خاصة براتب 35 ألف في الشهر، وهو مبلغ يغطي احتياجات الغذاء الأساسية أسرتي الصغيرة”.

إقرأ أيضاً  البطاطا المسلوقة.. وجبة تُشبِع جوع الفقراء 

النساء الأكثر بحثاً عن العمل
من جانبها زينب عبدالكريم مسؤولة الموارد البشرية في إحدى الشركات الخاصة بالعاصمة صنعاء تقول لـ”المشاهد” إنها تستقبل يومياً ما بين 4 إلى 8 سير ذاتية لنساء يبحثن عن العمل وأنها لم تستقبل خلال ثلاثة أشهر سوى 5 سير ذاتية لذكور، وتشير إلى أن سبب زيادة أعداد الباحثات عن العمل من الإناث يرجع إلى جملة من الأسباب أبرزها عدم موافقة الذكور على العمل بأجر زهيد في ظل الحرب والركود الذي تعيشه البلاد، إلى جانب أن النساء أثبتن أنهن الأكثر التزاماً في العمل، الأمر الذي يدفع أغلب الشركات إلى توظيف النساء، إلى جانب أسباب سياسية تجبر الرجال على عدم البحث عن عمل في ظل تردي الأوضاع الأمنية والسياسية، فضلاً عن ما خلفته الحرب من أوضاع سيئة تُجبر المرأة على تحمل المسؤولية والمشاركة في الانفاق.

مشاركة ضعيفة للمرأة في الوظيفة العامة
تعاني المرأة اليمنية من الحصول على حقها الكامل في فرص العمل الحكومية، ووفقاً للإحصائيات الرسمية فإن نسبتها في الوظيفة العامة للدولة لا تتعدى 7% من إجمالي عدد الموظفين.

المرأة اليمنية تعمل في بيئة خطرة
من جانبٍ آخر ترى الباحثة الاجتماعية الهام صالح أن الحرب فرضت على المرأة اليمنية أن تشارك في الإنفاق وأحياناً تكون المصدر الأول للإنفاق وإعالة الأسرة، وهنا يتولد مخاطر إزاء المرأة التي تدفع الحاجة إلى العمل في مهن متعددة قد لا تتناسب مع خصوصيتها وكيانها الأنثوي وفي الغالب ما يكون الأجر زهيداً يقابله تحديات العمل في بيئة خطرة في ظل غياب الأمن والاستقرار وانتشار الجماعات المسلحة والتي أغلب أفرادها يتعاملون من المرأة بوحشية ولا إنسانية.

الحرب تحرم الفتيات من التعليم
وتقول الباحثة الاجتماعية الهام صالح إن من إفرازات الحرب السلبية على المرأة أنها زادت من اتساع الأمية بين النساء وبما يعادل 75% من إجمالي عدد النساء، في حين أن النسبة المتبقية والتي تمثل 25% يعانين أيضاً من تراجع أداء تعليمهن، فالكثير من الأسر باتت تفضل عدم تعليم الفتيات نتيجة غياب الأمن وكذلك عدم قدرة الأسر على دفع تكاليف التعليم.

مقالات مشابهة