المشاهد نت

صحيفة “الجمهورية”.. متى تعاود الصدور من تعز؟

تعز – سالم الصبري:

مضى 4 أعوام على توقف صحيفة “الجمهورية” الحكومية التي استمرت بالصدور لأكثر من نصف قرن من الزمان، من مدينة تعز، رغم أن المبنى التابع لها واقع تحت سيطرة الحكومة، لكن الأخيرة غضت الطرف عن معاودة إصدارها مجدداً.
وعملت الحكومة على إعادة تفعيل معظم مؤسسات الدولة، خلال العامين الماضيين، باستثناء مؤسسة الجمهورية، الأمر الذي جعل جماعة الحوثي تعاود إصدارها من العاصمة صنعاء، في 31 يناير 2017، بطاقم صحفي بديل عن طاقمها الأساسي.
وتفرق الطاقم الصحفي الأساسي لهذه الصحيفة العريقة، في مناطق يمنية شتى، بحثاً عن مصدر رزق بديل، كما هو شأن معظم الصحفيين الرسميين الرافضين للعمل تحت سلطة الانقلاب.
ويقول نجيب قحطان، مدير عام مكتب الإعلام بمحافظة تعز، لـ”المشاهد”: “ليس هناك صعوبة في إعادة إصدار صحيفة الجمهورية إلى هذا الحد، ولا يحتاج إعادة إصدارها إلى معجزة، بل يحتاج إلى إرادة وطنية، وتحمل المسؤولية. نحن في مكتب الإعلام بمحافظة تعز، رفعنا باحتياجات صحيفة الجمهورية، إلى المحافظة، وإلى وزارة الإعلام، لإعادة تفعيلها، ولكن ليس بيدنا أن نعيد إصدارها، كونها تحتاج إلى إمكانيات كبيرة، وبالتالي هذه من اختصاصات الحكومة”.

نهب أجهزة المؤسسة

وتعرض مبنى صحيفة “الجمهورية”، الكائن في شرق مدينة تعز، للنهب، بما في ذلك المطبعة والأجهزة الأخرى، بعد تحرير المنطقة من قبضة جماعة الحوثي، بحسب سكرتير تحرير الصحيفة طيب رشاد.
والأغرب أن أجهزة المؤسسة تم إخراجها من منطقة تحت سيطرة الحكومة، إلى الحوبان شرق مدينة تعز الواقع تحت سيطرة الحوثيين، حيث تم بيعها هناك.
وتعد صحيفة “الجمهورية” المنبر الإعلامي الوحيد في محافظة تعز، قبل وبعد أن تكون المنبر الإعلامي الأبرز على مستوى الجمهورية، إذ لعبت دوراً هاماً في حركة التنوير على مدى عقود، كما يقول رشاد.
ويضيف طيب رشاد لـ”المشاهد”: “للأسف الشديد لم نجد أي اهتمام من قبل الحكومة، ولا من قبل السلطة المحلية بتعز، لإعادة تفعيل صحيفة الجمهورية. ما تم من جهود لإعادة إصدار “الجمهورية” إلكترونياً، هي بمثابة مبادرة فردية وجهود حثيثة قمنا بها من خلال إنشاء موقع إلكتروني وصفحات بي دي إف، واستمررنا في العمل لمدة 3 أسابيع، ولم تلقَ الصحيفة أي اهتمام من قبل وزارة الإعلام للاستمرار ومواصلة عملها، بينما تم الاهتمام والاحتفاء بإعادة إصدار موقع “الثورة نت” (تابع لمؤسسة الثورة للصحافة الحكومة التي تصدر من العاصمة صنعاء)، من قبل الحكومة، وتم دعمه بشكل كبير، فيما لم نجد نحن في صحيفة الجمهورية أي اهتمام، وما قمنا به هي جهود ذاتية”.

أضرار تقدر بـ14 مليون دولار

وضاح اليمن عبد القادر، رئيس لجنة تقييم أضرار مؤسسات الإعلام الرسمي بتعز، ممثل وزارة الإعلام، يؤكد لـ”المشاهد” أن ضغوطاً حزبية عملت على إيقاف صحيفة الجمهورية في مرحلتها الأولى من مراحل إعادة التأهيل، والتي كانت عبارة عن تشغيل الموقع والإصدار اليومي بي دي إف، من قبل شخصيات حزبية نافذة (اعتذر عن عدم ذكرها).
يقول وضاح اليمن: “تم تكليفي كممثل لوزارة الإعلام، لتقييم أضرار مؤسسات الإعلام الرسمية بمحافظة تعز، كمرحلة أولى، وإعادة التأهيل لهذه المؤسسات، كمرحلة ثانية، ولو بشكل جزئي. قمت ومعي الزميلة نهى الزيادي، والزميل عمار السوائي، مدير مؤسسة المورد للتنمية وحقوق الإنسان، بتشكيل اللجنة، فور وصولي للمحافظة، وبدأنا بتنفيذ دورة تدريبية لـ3 أيام، واستدعينا منها موظفين في المجال الصحفي والتحريري والمالي والإداري والفني للمؤسسات الـ3، وهي فرع وكالة سبأ، وإذاعة تعز، وصحيفة الجمهورية. في المرحلة الأولى استكملنا تقييم الأضرار، وبدأنا مرحلة التفعيل الجزئي للمؤسسات، بدأنا بإذاعة تعز وصحيفة الجمهورية. في ما يخص صحيفة الجمهورية، تم استئجار مقر مؤقت للصحيفة، بعد استعادة بعض من أجهزة الماكنتوش المنهوبة، نظير دفع مبالغ لاستعادتها، ومن ثم قمنا بتأثيث المقر، وعمل موقع إلكتروني جديد خاص بالصحيفة، وعملنا بميزانية تشغيلية قدرها ٥٠٠ ألف شهرياً، مقابل إعادة تشغيل الموقع، وإعادة الإصدار الإلكتروني لنسخة بي دي إف بشكل يومي، عدا الجمعة والسبت”.
ويضيف: “لدينا الآن ملف مكتمل عن أضرار مؤسسة الجمهورية جراء الحرب، والذي قمنا بإعداده، وهو جاهز لتقديمه للمانحين عبر وزارة الإعلام والحكومة، وهو ملف معد وفقاً لمعايير البنك الدولي التي وضعها لتقييم أضرار المؤسسات المتضررة جراء الحرب، وفق منهجية واضحة من قبل البنك الدولي والمانحين، وهو ما عملنا عليه، وحصلنا على أرقام وإحصائيات دقيقة عن أضرار مؤسسة الجمهورية للصحافة والطباعة، والتي بلغت قرابة ١٤ مليون دولار”.

إقرأ أيضاً  مسؤول في الحكومة يتهم جماعة الحوثي بتصفية القطاع الخاص

لماذا فشل الإصدار الإلكتروني؟

وأرجع مدير عام مكتب الإعلام بتعز نجيب قحطان، فشل الإصدار الإلكتروني لصحيفة الجمهورية، إلى أن العمل فيه تم بشكل فردي، ولم يتم بشكل مؤسسي، مشيراً إلى أنه تم استخدام هذا الموقع استخداماً تجارياً بحتاً، وتم استغلاله من قبل أحد المنتسبين إلى وزارة الإعلام، وتم دعمه للأسف من قبل محافظ تعز السابق أمين محمود.
وبحسب نجيب قحطان، فإن هذا الشخص أخذ أموالاً طائلة لإنشاء هذا الموقع الإلكتروني، دون اتفاق مع شركة متخصصة في هذا المجال، لذلك كان من السهل جداً اختراقه وقرصنته، مضيفاً أن هذا الموقع كان مرتبطاً بشخص ممثل وزارة الإعلام، وبالتالي هو من أحضر أشخاصاً غير مؤهلين لإدارة الموقع الإلكتروني لصحيفة الجمهورية، وكان يعطيهم مصاريف يومية، وبمجرد تغيير المحافظ أمين محمود أخذ ممثل وزارة الإعلام بقية المبالغ، وسافر إلى القاهرة، وأغلق الموقع الإلكتروني.
غير أن ممثل وزارة الإعلام وضاح اليمن، يقول إن الموقع الإلكتروني الجديد لصحيفة الجمهورية مايزال يعمل، معتبراً أنه تم تنفيذ هذا الموقع عبر مؤسسة متخصصة، كما أن الموقع الإلكتروني مستضاف ومؤمن عبر شركة “جودادي” العالمية، بسيرفر خاص بها، وأنه يتم دفع مبلغ سنوي بالدولار الأمريكي، نظير ذلك، مضيفاً: “لقد عملنا على الأرض، وبما يملي علينا واجبنا المهني والوظيفي”.

جهود لإعادة الإصدار الورقي

ممثل وزارة الإعلام قال إن هناك موازنة تم الرفع بها من قبل قيادة المؤسسة “وسلمتها بيدي لوزير الإعلام معمر الإرياني، الذي رفع بها لمجلس الوزراء. وتشمل الميزانية إعادة الإصدار الورقي عبر مؤسسة ١٤ أكتوبر للصحافة والطباعة والنشر بعدن، كخطوة أولى”، مشيراً إلى أن هناك جهوداً تبذل بهذا الاتجاه، كانت سابقاً بالتعاون مع المحافظ السابق الدكتور أمين محمود، ومن ثم نبيل شمسان محافظ تعز حالياً، وهناك الآن متابعات بهذا الصدد، والتقى أحد قيادات مؤسسة الجمهورية للصحافة، خلال الأيام الماضية، مع المحافظ نبيل شمسان، الذي أكد على ضرورة إعادة الإصدار الورقي، ومتابعة رئيس مجلس الوزراء، خلال الفترة القادمة.

وتبذل جهود من قبل قيادة المؤسسة مع المحافظ الحالي وتم تجهيز مشروع موازنة مؤقت لتقديمه إلى الحكومة الشرعية بحسب تأكيد بلال المريري سكرتير تحرير صحيفة الجمهورية، متمنيا أن تجد هذه الجهود طريقها إلى النجاح.

مقالات مشابهة