المشاهد نت

جمعية البنوك: عجز متناهي وسيطرة حوثية على القرار

صادق أمين

صادق أمين

خبير مصرفي يمني

صنعاء -صادق أمين – خبير مصرفي يمني :



تعيش جمعية البنوك اليمنية حالة من العجز اللامتناهي في تبني قضايا البنوك التي أنهكتها الحرب ومزقتها قرارات جماعة الحوثي المتتالية يوماً بعد يوم، فمؤخراً أجبرت الجماعة جميع البنوك التي مقر إداراتها في صنعاء بإيقاف التعامل مع البنك المركزي في عدن بالقوة، وباستخدام أساليب الهمجية من خلال اختطاف مساعدي مدرائها وبعض مدراء إداراتها، ولم تكتف الجماعة بإيقاف فروع البنوك الواقعة في الإطار الجغرافي لسيطرتها بل تعدت ذلك لتصل لإلزام البنوك بإيقاف تعامل الفروع التابعة لها في عدن وجميع المحافظات الواقعة تحت سلطة الشرعية .
للأسف حدث ذلك وتكرّس بشكل أكبر بالتزامن مع تَسلّم محافظ البنك المركزي الجديد حافظ معياد مهامه خلال العام الجاري، والانتقالات التي شملت بعض كوادر البنك من صنعاء إلى عدن وتعيينهم في مناصب رفيعة دون استطاعتهم عمل شيء يذكر في كل ما من شأنه إحداث تغيير إيجابي في إعادة تنظيم وترتيب العمل المصرفي، فالريال مازال يتدهور، وأدوات السياسة النقدية لا تزال محدودة وفاقدة التأثير في ظل العمل الهامشي لقيادة المركزي والغالب عليه المصالح الذاتية والأجندة السياسية.
لم يسبق للجمعية أن تبنت أي قضية حقيقية تذكر- منذ سنوات – يمكن أن تشفع لها بالرغم من المشاكل المتعددة والمعقدة التي واجهها ويواجهها ابتداءً من فشل شركة الخدمات المالية (المشغل الوطني للصرافات الآلية والخدمات الإلكترونية) التي لم ترَ النور إلى الآن، وتدفع البنوك ميزانيتها منذ أكثر من 15 عاماً، ومروراً بالتدمير الذي تعرضت له بعض فروع البنوك من سلب ونهب لخزائنها وممتلكات عملائها من الذهب والمجوهرات منذ اندلاع الحرب في سبتمبر 2014م.
ناهيك عن أزمة السيولة النقدية، وتدهور العملة المحلية، وتلاعب شركات الصرافة بأسعار صرف العملات الأجنبية وتبنيها التحويلات المالية الخارجية، وغسل الأموال، وتدخلها بأعمال البنوك كفتح حسابات طرفها للشركات التجارية، والأفراد التي هي بالأساس من صميم عمل البنوك وفقاً للقوانين المنظمة لعمل العمل المصرفي في البلد.
واليوم تتماهى جمعية البنوك اليمنية مع جمعية الصرافين في صنعاء (والتي تضم في عضويتها بعض الشركات المشبوهة)، وتنساق وراء إعلان الإضراب بالتنسيق معها في جميع فروع البنوك في المحافظات اليمنية وهذا أخطر تصرف تقوم به هذه الجمعية لإلحاق الضرر بسمعة البنوك المحلية خارجياً أمام البنوك والمؤسسات المالية الأجنبية من خلال ربط شركات الصرافة بالقطاع البنكي وإظهار التنسيق المشترك بينهما.
يعلم رئيس الجمعية والذين يسيرون أعمال الجمعية وهو مصرفي سابق بأن البنوك الأجنبية وجميع مقررات وقوانين مكافحة غسيل الأموال العالمية تعتبر تعامل البنوك مع شركات الصرافة من أعلى درجات المخاطر وهذا التصرف من شأنه إفقاد البنوك الأجنبية ثقتها بالبنوك المحلية وإغلاق حساباتها، بعد أن بدأت تستعيد بعض الثقة معها.
التضييق الذي تتعرض له البنوك ومحاولة الضغط عليها، وإقحامها في الصراع واستخدامها كلافتة تتخفى وراءها جمعية الصرافين يهدف إلى بقاء بعض الشركات المشتبه بها في غسل الأموال لاعب قوي ومتحكم في إدارة السيولة النقدية بالعملة المحلية والأجنبية وتدفقاتها على حساب حصة البنوك، وهذا يتيح لجماعة الموت وتجار الحروب تمويل عملياتهم العسكرية، وإدخال البلد في أتون حرب مفتوحة تغذيها تلك الأموال القذرة وتطيل أمدها.
وهذا التصرف غير المبرر يضع قيادة الجمعية تحت المساءلة ويجب أن توضح ذلك، مالم فهي متواطئة مع مؤامرة تستهدف القطاع البنكي والعمل المصرفي برمته.
والغريب في الأمر أن البنك المركزي في عدن يصمت على كل تلك التهديدات والقرارات الكيدية في حق البنوك وتعطيل عملها ويكتفي بردود هزيلة عبر مواقع التواصل الاجتماعي للمحافظ لا ترتقي إلى حجم ما تتعرض له البنوك من تضييق وتعسف.
السؤال الملح هنا لماذا لا تصدر لائحة سوداء بشركات الصرافة غاسلة الأموال وتجريم التعامل معها من قبل الشركات التجارية؟! لماذا إلى الآن لم يتم اتخاذ أي إجراء فيما يتعلق بشبكات المضاربة بالمكشوف بأسعار الصرف وبشكل منظم؟!

الأكثر قراءة