المشاهد نت

خطة وطنية لا تشمل الوطن

وداد البدوي

وداد البدوي

كاتبة وصحافية يمنية

منذ 20 عاماً، وتحديداً في 31 أكتوبر 2000، صدر القرار الأممي 1325، ليلفت نظر الدول حول معاناة النساء، وما يتعلق بأجندتهن في الأمن والسلام، ولا يقتصر أمنهن وسلامتهن على الحرب ومناطق الصراع، بل يمتد ليشمل أمنهن الاجتماعي والإنساني والوظيفي والصحي، وصولاً لتأمين حضورهن ومشاركتهن وفاعليتهن في الحياة العامة والعملية السياسية وصناعة القرار، ما جعل الدول التي تبنت القرار، تعيد قراءة واقع النساء ودراسة احتياجاتهن ومعرفة أولوياتهن للانطلاق منها في وضع خطط وطنية تعالج الثغرات وتقترح حلول بما يصنع واقعاً أفضل للنساء.
في اليمن، ذهبت وزارة الشؤون الاجتماعية، للعمل على خطة العمل الوطنية التنفيذية للقرار 1325، وتم تشكيل فريق فني لصياغة ومراجعة الخطة التي حددت فترتها في 2020-2023، بقرار مجلس الوزراء رقم 106 لسنة 2018. وبعد تشكل اللجنة عملت على إنتاج مصفوفة خطة وطنية بقيادة وزارة الشؤون الاجتماعية، وبمشاركة المجتمع المدني، كما جاء في الخطة المنشورة في موقع رئاسة الوزراء، عام 2020.
يؤخذ على الخطة أنها سردت في مصفوفتها أنشطة عامة تخص النساء، ولم تحدد بشكل دقيق أنشطة قابلة للقياس، بخاصة وأننا في وضع الحرب، كما أنها لم تدرس الاحتياحات للنساء بشكل أكثر تفصيلاً، ولم تشرك المجتمع المدني بجدية، وظلت مشاركته صورية، وتقتصر على المحافظات الجنوبية، ولم تهتم الخطة للمنظمات العاملة في

المجتمع المدني هو صاحب المصلحة من تنفيذ القرار 1325، والضامن لتنفذ الخطة، بل تقع ضمن اهتماماته، ومع ذلك لم يتم الإشارة إليه بالشكل المطلوب في مصفوفة الخطة، ولم تهتم الخطة بالسلطة المحلية كشريك في التنفيذ

المحافظات المختلفة، وبالذات المناطق تحت سيطرة أنصار الله (الحوثيين). هذا يجعل من الخطة قاصرة، ولا تتحدث عن وطن، بل عن محافظات معينة. وإذا كانت الوزارة غير قادرة على سماع النساء في المناطق الشمالية، وبالطبع لا يمكنها العمل مع المؤسسات تحت سيطرة الحوثي، فالأجدر بها الاستعانة والاستفادة من المنظمات النسوية والمجتمع المدني في المناطق المختلفة، والذي لا يتبع أي طرف، بل يهتم لوضع النساء والحقوق، وهذا يعطي مصداقة أكثر للخطة التي لم نلحظ تنفيذ نشاط منها منذ أن أعلنت عنها الحكومة في نوفمبر 2019، وفقاً لقرار مجلس الوزارء رقم 75.
المجتمع المدني هو صاحب المصلحة من تنفيذ القرار 1325، والضامن لتنفذ الخطة، بل تقع ضمن اهتماماته، ومع ذلك لم يتم الإشارة إليه بالشكل المطلوب في مصفوفة الخطة، ولم تهتم الخطة بالسلطة المحلية كشريك في التنفيذ، ولم تجعل من مخرجات الحوار الوطني الشامل نقطة انطلاق لها، خصوصاً وأن مخرجات الحوار الوطني نالت اهتماماً دولياً كبيراً، كما أن الخطة أغفلت نقطة إشراك المجتمع الدولي في التنفيذ، وهو ما سيجعل من المنظمات الدولية العاملة تهتم للأمر، وتضع تنفيذ الخطة ضمن برامجها وتوجهها.
والمستغرب أن الخطة لم تشر لأهم الأسماء العاملة على قضايا النساء في اليمن، وتجاوزت الجميع، بما في ذلك “التوافق النسوي اليمني من أجل الأمن والسلام”، أهم تكتل نسوي تشكل في 2015، ليكون منصة نسوية متنوعة تخصصت للعمل على تنفيذ القرار 1325، ويشمل نساء من كل البلد، لكن لا ذكر له في الخطة، ولا وجود له في فترات العمل عليها، وكأن الوزارة تعمل بمعزل عن التكتلات النسائية، وهذا الأمر ينطبق أيضاً على هيئة الأمم المتحدة للمرأة، التي لم تذكر في أية مرحلة من مراحل عمل الخطة خلال الإعداد والتحضير، ولا في الجهات المساعدة على تنفيذ الخطة، رغم أنها صاحب الولاية عالمياً في ما يخص هذا القرار.
لم توحد كل الجهود في العمل على الخطة، فوزارة الشؤون الاجتماعية عملت بدعم من فريدريش ومنظمة الأمم المتحدة لغربي آسيا (الاسكوا)، أما وزارة حقوق الإنسان فقد عملت بشكل منفصل في هذا السياق، بدعم من منظمة أوكسفام، ولم تتوحد الجهود من خلال الوزارات أو المانحين، والقاسم المشترك الوحيد هو مشاركة المجتمع المدني الذي يرى أن مشاركته أفضل حالاً مع وزارة حقوق الإنسان العاملة على مصفوفة الخطة.
تعمل النساء باهتمام من أجل القرار 1325، وفرض تنفيذه، بخاصة وأن هذه القرارات الأممية تشكل فرصاً للنساء اليمنيات للضغط على الأطراف المحلية التي لا تحترم تمثيل النساء أو كفاءتهن في التمكين والمشاركة بمختلف المؤسسات وصناعة القرار وبناء البلد، ولعل المرأة في اليمن أكثر حاجة للقرارات الأممية والاتفاقيات والمبادرات، لأنها ترتكن إليها في دعم مطالبها بعد أن خذلتها القوانين المحلية وثقافة الاستحواذ الذكورية التي لا تسلم للنساء بأي حضور، ولا تحترم الدعوات المحلية لمشاركة المرأة، وهذا ينطبق على المؤسسة الرسمية والأحزاب والمجتمع المحلي.
من المهم إعادة النظر بالخطة، واستقطاب الكفاءات المحلية من النساء في الداخل والخارج، للعمل عليها، وجعل المجتمع المدني شريكاً أساسياً في الإعداد والتنفيذ للخطة التي مر عام من عمرها التنفيذي، دون أن تكون هناك أية نتائج تذكر، وحتى تكون الخطة واقعية، وليست ضمن السباق الإعلامي أمام المجتمع الدولي والمانحين بأن لدينا خطة، والواقع مختلف عن المعلن.

(أعد هذا المقال لشبكة أصوات السلام النسوية في سياق الاحتفاء بمناسبة مرور 20 عاماً على صدور القرار 1325، بالشراكة مع مجموعة التسعة وهيئة الأمم المتحدة للمرأة).

رابط الخطة الوطنية
https://pmo-ye.net/post/369-%D9%88%D8%B2%D8%A7%D8%B1%D8%A9-%D8%A7%D9%84%D8%B4%D8%A4%D9%88%D9%86-%D8%A7%D9%84%D8%A5%D8%AC%D8%AA%D9%85%D8%A7%D8%B9%D9%8A%D8%A9-%D8%AA%D8%B7%D9%84%D9%82-%D8%A7%D9%84%D8%AE%D8%B7%D8%A9-%D8%A7%D9%84%D9%88%D8%B7%D9%86%D9%8A%D8%A9-%D8%A7%D9%84%D8%AE%D8%A7%D8%B5%D8%A9-%D8%A8%D8%A7%D9%84%D9%85%D8%B1%D8%A3%D8%A9-%22%D8%A7%D9%84%D8%A3%D9%85%D9%86-%D9%88%D8%A7%D9%84%D8%B3%D9%84%D8%A7%D9%85%22

الأكثر قراءة