المشاهد نت

تجارب السكان الأصليين في الحلول الزراعية

حلول مجتمعية للمزارعين لتخفيف كلفة الإنتاج-تعز

تعز-سكينة محمد

 يسوي عبد القوي قاسم قامته ويمسح عرق جبينه بمعصم يده اليسرى ويحدق لبرهة في الافق قبل ان يعاود الانحناء ومواصلة تقليب التربة بمنجله الحديدي ذي الساق الخشبية (الحجنة) وهو يردد بعض الاهازيج الزراعية.

يستخدم قاسم آلته تلك لاستكمال تقليب التربة في مساحة طرفية صغيرة لم تصلها الحراثة الميكانيكية وهو يريد استغلال كامل المساحة في زراعة محصول الحبوب هذا العام.

“اعط الارض تعطيك” يقول المثل الشعبي والمقصود ان تمنح الارض بعض الجهد كي تمنحك الكثير من المحصول.

 يملك عبد القوي عددا من المساحات الزراعية المتفرقة في قريته الواقعة في منطقة شرعب شمال غربي محافظة تعز ومثله مثل آخرين ظل يواجه مشكلة في حرث وتسوية كامل ارضه بسبب ارتفاع تكاليف الحراثة التقليدية باستخدام الماشية (ضمد الاثوار). لكن 20 مزارعا تمكنوا من ايجاد معالجة بديلة خلال الموسم السابق.

يقول عبد القوي: “تجمعنا واستأجرنا حراثة وتمكنا من حراثة كامل اراضينا في يوم واحد بتكلفة اقل من المعتاد باستخدام (الضمد)”.

بهذه الطريقة تخلص سكان عزلة بني وهبان في مديرية شرعب السلام من عجزهم السابق في حراثة كامل الارض وتسويتها للزراعة في ظل تدني الحالة المعيشية الناتجة عن حالة الحرب في اليمن.

 التجربة ذاتها تناقلتها قرى السهال ووادي هزام والكبسة والنجدين المجاورة حراثة اكثر بكلفة اقل رغم ارتفاع اسعار الوقود.

تنجز الحراثة في يوم عمل واحد مايزيد عن عشرة اضعاف ماتنجزه الطريقة التقليدية باستخدام الثيران كما يمكنها الحراثة في الوقت المحدد بدلا من انتظار الدور لأيام طويلة كثيرا ما تتسبب في “مخالفة الموسم” وضعف المحصول يقول عبد القوي.

ويضيف ” كنا ندفع بشكل فردي مبالغ مضاعفة مقابل الحراثة باستخدام الثيران و مع قلة تواجد الماشية القادرة على الحراثة، يستغرق الامر وقتا طويلا أما الان فبتنا جميعا نتشارك كلفة الحراثة ولا نحتاج سوى ليوم او يومين مايجعل الكلفة معقولة”.

مع طول فترة الحرب المستمرة في اليمن منذ العام 2015 م وانهيار العملة المحلية حيث قفز سعر الدولار الواحد من 575 إلى 1140  ريال خلال الفترة بين 2019  -2022  بنسبة 73%   انعكست على اسعار المواد الغذائية الاساس.

ومع استمرار الحرب الروسية الأوكرانية وازدياد المخاطر المتعلقة بسلاسل إمداد الغذاء، لجأ المزارعون في الريف اليمني الى اعادة استصلاح اراضيهم الزراعية تحت مخافة ارتفاع مؤشر انهيار امنهم الغذائي.

يزخر الريف اليمني بالكثير من البطالة مابين الحرفيين وخريجي الجامعات بسبب توقف الاعمال والتوظيف خلال فترة الحرب.

ويعمل اناس ممن ينتمون الى مايوصف بـ “السكان الاصليين” مثل عبد القوي من اجل نقل الخبرات الزراعية الى اجيال تالية باتت تتجه صوب اعادة احياء الاراضي الزراعية بعد اهمالها لوقت طويل ظلت خلاله مادة القمح المستورد سهلة المنال.

تشتهر مديريات شرعب بزراعة الذرة الرفيعة البيضاء ، والغرب ، والدخن ، والذرة الشامية، وكذا البطاطا و الفلفل الأخضر، والموز و المانجو، وتقدر مساحتها بـ 210.1 كم2 بقطنها نحو 109730نسمة) حسب تعداد العام 2004.  وتضم المديرية (116) قرية تنتظم في (18)عزلة. 

ويعد تقليب التربة وتهويتها وتغذيتها من العناصر المهمة من اجل محصول وافر.

مواسم

يبدأ الإهتمام بالحصول على محصول زراعي جيد من حبوب وفواكه تناسب نوع تربة المنطقة من خلال المعرفة بالمواسم بحسب عبدالقوي الذي يتعرف على المواسم الزراعية من خلال طرق عديدة.

إقرأ أيضاً  زيارة الريئس العليمي لمأرب.. رسائل سياسية وعسكرية

 ويفيد مزارعون في هذا الجانب  بالقول:” يبدأ سهيل يوم الأول من أغسطس ويظهر في  12 الشهر نفسه الروابع الأولى، وتظهر الروابع الثانية في 24 أغسطس وهو موسم تساقط الأمطار،  وتظهر الثريا وقت العشاء من 27 مايو،  وهكذا نستدل بالنجوم..

الى جانب التعرف على رائحة الأرض وأحيانا من طيور المواسم الصفراء التي ترافق قدوم الصيف لبناء الأعشاش.

تبدأ عملية تنظيف الارض وتهيأتها بين كانون الثاني يناير وشباط فبراير ويبدأ الموسم الزراعي رسميا في 13 آذار / مارس حيث يفتتح بزراعة القياض الذي يوفر غذاء للماشية وتغذية للتربة ويحتاج فترة زمنية قصيرة، حيث يمثل شهر نيسان ابريل بداية الصيف في اليمن.

يبذر المزارعون خلال تلك الفترة القليل من الفاكهة أو الخضار سهلة الزرع قصيرة الامد ثم يتم حصدها لبدء زراعة محصول الحبوب وهي زراعة طويلة الامد يترافق معها موسم عسل السدر ورعاية النحل.

في شهر تموز يوليو تجف الارض بفعل الرياح فيما يعمل المزارعون على صيانة ممرات المياه استعدادا لشهر آب اغسطس ثم ايلول سبتمبر المعروف بالامطار الليلية. وهي اشهر ماطرة تتم خلالها تغذية الارض بالمياه اللازمة من خلال اعادة توجيه مسارات السيول الناتجة عن هطول الامطار

وخلال الشهرين التاليين في (تشرين أول/أكتوبر وتشرين ثاني / نوفمبر ينتهي موسم محصول الحبوب  فيعمل المزارعون على تجميع المياه الفائضة من خلال انشاء الحواجز للاستفادة منها خلال الشتاء.

وللحد من  هدر مياه الامطار يرصف المزراعون الكثير من السواقي  من خلال عمل جماعي او مدفوع الاجر من خلال صندوق مالي مخصص لهذا الغرض يساهم فيه المزارعون والمغتربون ما مكنهم من اعادة توجيه السيول الى الحقول الزراعية ومناطق التجميع الواقعة اسفل المنحدرات الجبلية .

دعم مائي

تتسبب المنحدرات الجبلية في جلب كميات كبيرة من المياه الا ان معظمها يذهب هدرا في كثير من مناطق الريف اليمني غير ان خبرة السكان الاصليين في مديريات شرعب شجعت البنك الدولي على تمويل انشاء سدود مائية لحجز المياه اسفل الجبال ما وفر قدرا جيدا من مياه الري للمزارعين للزراعة اكثر من مرتين في العام.

يبدأ الشتاء خلال الفترة بين كانون أول / ديسمبر وكانون ثاني / يناير وهنا يبدأ الحصاد وتجميع المحصول لا راحة الارض ويتم خلال الفترة ايضا قطع الأشجار الكبيرة.

تغذية الارض

قبل ان تطلب غذاءك من الارض عليك ان تغذيها اولا يقول المزارعون الاصليون.

يعتمد المزارعون في مديريات شرعب على تغذية الارض بطريقتين استخدام مخلفات الماشية كسماد والتغذية النيتروجينية من خلال الزراعة الاولية لبعض النباتات الغنية بالنيتروجين خلال عملية الزراعة التمهيدية.

يجمع المزارعون طيلة العام مخلفات الماشية غير الآكلة للحوم وبقايا أوراق الشجر والأعواد الصغيرة ويضعونها في حفرة كبيرة بجانب المنازل من جهة الشرق للتخلص من الرطوبة وتتم معالجتها برش المياه وتعريضها لاشعة الشمس مدة تتراوح بين 5 إلى 9 أشهر، ثم يتم نثره على التربة وتقليبها اثناء تهيئة الارض للزراعة.

بهذه الطريقة احصل على انتاج أكثر بمرتين يقول غلاب احد المزراعين هناك.

وبحسب تقارير الأمم المتحدة تعتبر أراضي السكان الاصليين الأكثر محافظة على التنوع البيولوجي بنسبة 80% هنا2.

تم إنتاج هذه المادة بدعم من مركز الدراسات والإعلام الاقتصادي

مقالات مشابهة