المشاهد نت

«القات» يزاحم «الكراث» في تعز

يزيد طلب اليمنيين في رمضان على ”الكراث” - تصوير: أسامة كربش

تعز – أسامة الكُربش
يمتلك المزارع محمد حميد أرضًا زراعية تبلغ مساحتها 60 قصبة في مديرية المعافر بمحافظة تعز. مهنته في الزراعة تمتد لسنوات، وبها يستطيع إعالة أسرته المكونة من ستة أفراد.
يخصص حميد جزءًا من أرضه لزراعة الكراث، ويهتم بهذه النبتة ثلاثة أشهر حتى يصير المحصول جاهزًا. تعتمد عدد من الأسر، معظمهم من فئة المهمشين في عزلة الكلائبة في مديرية المعافر بتعز، على زراعة الكراث والفجل وبيعها كمصدر دخل في ظل الظروف الصعبة التي خلقتها الحرب في اليمن منذ 2015.

تخصيص مياه الآبار لري القات مقابل حرمان زراعة الكرات – تصوير: أسامة كربش


في ظل تمدد مزارع القات في البلاد، بما في ذلك محافظة تعز، تستمر زراعة الكراث في الانحسار، الأمر الذي يشكل تهديدًا كبيرًا لهذه النبتة وغيرها مثل الفجل والجرجير والبقدونس.
تشتهر منطقة الكلائبة بزراعة الكراث والفجل والجرجير والبقدونس. لكنها في الفترة الأخيرة شهدت توسعًا ملحوظًا لزراعة القات، وتراجع الاهتمام بزراعة الخضروات.
يقول حميد لـ”المشاهد” إن ما يقارب 70% من مزارعي الكراث والفجل اتجهوا مؤخرًا لزراعة القات، الذي بدأ في الاستحواذ على مساحات زراعية شاسعة في المنطقة، ويعتقد أن السبب في ذلك هو العائد المادي الوفير والربح السريع من زراعة القات.
تشير دراسات إلى أن عدد أشجار القات المزروعة في اليمن وصل إلى قرابة 350 مليون شجرة حتى 2019، والمساحة المزروعة تجاوزت الـ167 ألف هكتار. ويبلغ الإنفاق السنوي على القات نحو 12 مليار دولار، وفق تقديرات حكومية.
إن التوسع في غرس شجرة القات يتسبب في شحة المياه، وهذه من أبرز الصعوبات التي يواجهها مزارعو الكراث والمحاصيل العشبية. أوضحت مصادر حكومية في صنعاء، العام الماضي، أن زراعة القات احتلت المركز الثاني بعد الحبوب، بنسبة 14% من الأراضي الزراعية، متجاوزًا عددًا من المحاصيل، بما في ذلك الخضار والفواكه والمحاصيل النقدية.
يقول حميد: “نضطر في فصل الشتاء لشراء صهريج ماء كل 5 أيام لري الكراث، بقيمة تصل إلى 25 ألف ريال للصهريج الواحد، ويرفض مالكو الآبار الري لنا بعد تخصيص الماء لري القات”.
تكشف تقديرات منظمة الصحة العالمية أنّ نحو 90% من الذكور البالغين في اليمن يمضغون القات من ثلاث إلى أربع ساعات يوميًا، وتبلغ نسبة الإناث المتعاطيات أكثر من 50%.

إقرأ أيضاً  عدن ..إحصائية بأعداد الإصابة والوفيات بالكوليرا

نظرة دونية
انتشار زراعة القات ليس العدو الوحيد لمزارعي الكراث. النظرة الدونية لهذه المهنة هي العدو الآخر. في بعض المناطق اليمنية، يُنظر إلى مهنة بيع الكراث والفجل باحتقار، بحسب حميد.
يضيف حميد: “لا أعلم ما هو السبب في امتهان مهنة بيع الكراث في المجتمع، لا تهمني تلك النظرة المجتمعية. ما يهمني هو أن لدي عملًا، أكسب من خلاله بالحلال، أفضل من مد يدي للناس أو أنتظر المساعدة منهم”.
ويشير إلى أن من يمتلكون مزارع الكراث هم من القبائل “ذوي البشرة البيضاء”، لكن من يقومون بالزراعة والقطف والبيع هم من المهمشين مقابل أجور بسيطة.

طريقة زراعة الكراث
الكراث نبات عشبي من الفصيلة الثومية، وتحتوي على مجموعة من العناصر الغذائية والمركبات المفيدة للجسم.

يتحدث حميد لـ”المشاهد” عن كيفية زراعته، فيقول: “في البداية نغرس البذور ونقوم بسقيها بالماء لمدة ثلاثة أشهر، وهو الوقت المحدد حتى نحصد الفسائل لأول مرة، وبعدها يتم حصدها مرة كل 15 يومًا”.

بعض المجتمعات في اليمن تنظر بصورة دونية لباغة الخضار بما فيهم بائعي الكراث – تصوير: أسامة كربش


ويوضح أن نبتة الكراث تحتاج إلى الماء مرة كل خمسة أيام، ولا تحتاج إلى أي مبيدات أو سموم إلا في حالة وجود مرض فيها، وهذه حالة نادرة. أما عن أرباحه من زراعة الكراث، فيقول إنه يربح في كل قطفة للفسائل ما بين 300 و400 ألف ريال بالعملة الجديدة (نحو 1٫200 ريالا للدولار الواحد). ويعتقد أن الطلب على الكراث يزيد خلال شهر رمضان، ويعد هذا الشهر موسمًا مهمًا لبيع هذا المحصول.

مقالات مشابهة