المشاهد نت

طقوس جديدة لحفلات الزفاف في تعز

الاعراس في تعز - صورة تعبيرية

تعز – وفاء غالب:

تجهيزات كثيرة وطقوس متعددة تسبق حفل الزواج في اليمن. لم يعد الاحتفال بالزواج مناسبة يسيرة كما كانت في الماضي، بل أصبحت أكثر تعقيدًا، وتستغرق عدة أيام.

شهد المجمتع اليمني مظاهر جديدة خلال سنوات الحرب التي بدأت عام 2015، والمبالغة في الاحتفال بالزواج أحد تلك المظاهر.

بالرغم من صعوبة الوضع الاقتصادي الذي تعيشه أغلب الأسر، وارتفاع معدل الفقر إلى 80%، والغلاء المعيشي جراء انهيار الريال اليمني أمام العملات الأخرى، إلا أن العديد من الأسر اليمنية تنفق مبالغ باهظة في مناسبات الأعراس.

التعقيدات الكثيرة والتكاليف المادية المرتفعة أضحت عبئًا كبيرًا لأهل العروسين. ليس من المبالغة القول بأن الزواج في تعز قد يكلّف 10 آلاف دولار، لاسيما في المدينة، بعكس الأرياف التي تقل فيها التكاليف.

سلسلة من الحفلات

يسبق يوم الزواج في اليمن سلسلة من الحفلات، يقوم بها العروس والعريس، وتختلف من محافظة إلى أخرى، وذلك حسب أفكار وقرارات العرسان أنفسهم.

تتم الخطوبة، ثم عقد القِران قبل الزفاف بأشهر أو سنوات، ومثل هذه المناسبات أصبحت تُقام مؤخرًا في قاعات احتفالات صغيرة أو في المنازل، وتكون ليوم واحد فقط، يلبس فيه العروسان خاتم الزواج، ويقدم العريس هدايا لعروسه وأهلها.

يطلب بعض العرسان تصوير إحدى المناسبتين (الخطبة أو العقد)، وعمل فيديو لتوثيق تلك اللحظات، والبعض ينشر صورًا لتلك المناسبة في مواقع التواصل الاجتماعي. قبل موعد العرس بأسبوع، يقوم أهل العريس بعمل لوحة إعلانية وتعليقها بالقرب من المنزل، وتظهر عليها صورته، وموعد الزفاف، وعنوان القاعة التي سيجتمعون فيها لمضغ القات وتبادل الحديث.

حفلات العروس أكثر من حفلات العريس. ففي تعز مثلًا، وبـ10 أيام قبل الزفاف، تكون أغلب الاحتفالات في المنزل. تستأجر العروس أو تشتري ملابس بما يتناسب مع طبيعة الحفلة، وترتدي الإكسسوارات المناسبة، ويتم تجهيز الكوشة “الديكور”، حيث تجلس العروس.

أما قبل الزفاف بثلاثة أيام، فتبدأ حفلة الحناء، وفيها ترتدي العروس زيًا شعبيًا بلون أخضر، يليه يوم الغسل الذي تقوم فيه العروس بالاستعداد ليوم الزفاف بالنقش الأسود أو بالحناء.

حفلات العروس أكثر من حفلات العريس. ففي تعز مثلًا، وبـ10 أيام قبل الزفاف، تكون أغلب الاحتفالات في المنزل. تستأجر العروس أو تشتري ملابس بما يتناسب مع طبيعة الحفلة، وترتدي الإكسسوارات المناسبة، ويتم تجهيز الكوشة “الديكور”، حيث تجلس العروس.

تستمع الحاضرات في تلك الحفلة لأغانٍ شعبية من بلدان عديدة، بما يتناسب مع الحفلة، وبحضور بعض الصديقات والأقارب من الإناث. عدد الحضور في هذه الحفلة أقل من حضور يوم الزفاف، ويتم توثيق تلك اللحظات بعدسة إحدى المصورات التي تقوم بذلك بمقابل مادي.

اليوم الأهم هو يوم الزفاف، ويكون في قاعة أفراح مستأجرة، وترتدي العروس كما هو متعارف عليه فستانًا باللون الأبيض. يحضر العريس لعمل جلسة تصوير خاصة، ويصطحب زوجته بسيارة مُزينة.

عندما يحل المساء، يبدأ الاستعداد للزفة أو مغادرة العروس قاعة الأفراح إلى بيت الزوج. أثناء ذلك، يحضر عدد من الأصدقاء والأقارب بسياراتهم والدراجات النارية، ويتحركون في موكب واحد، مع إطلاق بعض الألعاب النارية، ابتهاجًا بتلك المناسبة.

إقرأ أيضاً  عملة معدنية جديدة.. هل فشلت جهود إنهاء الانقسام النقدي؟

طقوس الزفاف قبل الحرب

قبل الحرب، كان يتسم احتفال الزواج بالبساطة في تعز، ويقتصر على حفلة عقد القِران، وهي التي تسبق الزفاف بأيام أو أشهر. والحفلة الأخرى كانت حفلة الحناء -وهي اختيارية- وترتدي العروس ثوبًا تقليديًا بلون أخضر يسمى “الدِّرع”، وتغطي وجهها بقطعة من القماش. في نفس اليوم، يحتفل العريس مع أصدقائه خارج المنزل بالحي الذي يسكنه، ويرقصون على أغاني فرقة موسيقية.

يوم الغسل مخصص لنقش العروس، سواء على يديها وذراعها، أو حسب رغبتها، بالإضافة إلى الرقص على إيقاع الأغاني المختلفة، في حفلة صغيرة في المنزل.

بعد يوم أو يومين من النقش، يبدأ الاحتفال بالزفاف في إحدى القاعات المخصصة لذلك، بوجود فرقة موسيقية ومصورة خاصة، أو في المنزل، ويكتمل ذلك اليوم بزفة العريسين ليلًا بالسيارات إلى منزلهما أو الفندق. ويقوم البعض منهم بذبح بعض رؤوس الماشية لإطعام الضيوف، وهو أمر اختياري حسب استطاعة كل أسرة.

في اليوم الثاني أو الرابع من الزفاف، يجتمع الأقارب في منزل العروسين أو في منزل أحد أقاربهما، كنوع من التقريب بين الأسرتين، والتأكيد على متانة الصلة بينهما.

التباهي لا يصنع السعادة

تستعد سرور فكري لزفافها في الأسابيع القادمة، لكنها لا تخطط أن تفعل كل تلك الحفلات التي لا فائدة منها. وترى أن حفلات قبل الزفاف تشكّل عبئًا ماديًا كبيرًا على الأهل، بخاصة مع استمرار فقدان الريال قيمته وارتفاع الأسعار.

في حديث مع “المشاهد”، تقول فكري: “لا أريد عمل كل ذلك، لكني أرغب بإدخال الفرحة إلى قلوب الصديقات والأسرة، وسأكتفي بالحفلات التقليدية البسيطة، كالعقد والحناء والغسل والزفاف”.

وتعتقد أن الأموال التي ينفقها العروسان على تلك الحفلات المكلفة، يمكن الاستفادة منها لاحقًا في بناء مستقبل الزوج والزوجة. وتضيف أن تلك الحفلات القصد منها التباهي، لكنها لا تصنع السعادة.

حفلات الزفاف مصدر دخل

تتسبب حفلات الزفاف باستنزاف مدخرات الكثير من الأسر، لكن بالمقابل يستفيد آخرون من هذه المناسبات. الفتيات اللائي يعملن في تنسيق الحفلات وإعداد الديكور الخاص بهذه المناسبة ومحلات الخياطة أو التصوير يحققون مكاسب مادية جيدة.

بدأت نسرين أحمد، قبل عامين، العمل في تصوير حفلات الزواج، وتجهيز التصاميم الخاصة بالأعراس، مثل دعوات الزفاف والغلافات حسب طلب العروس. تقول نسرين إنها مبتدئة في هذا المجال، ولا تطلب مبالغ كبيرة، لأنها تريد أن تكسب المزيد من الزبائن.

وبينما تأخذ بعض العاملات في التصوير 200 دولار مقابل تصوير حفلة زفاف، تأخذ نسرين 100 دولار. وتقول لـ”المشاهد”: أنا لا أعمل لصالح استوديو تصوير، وأعمل بشكل مستقل، وأحلم أن يكون لدي استوديو خاص مستقبلًا”.

تقوم نسرين بتصوير الاحتفالات الخاصة بما قبل الزفاف، ويوم الزفاف، كما تقوم بتعديل بعض الصور بالفوتوشوب للعروسين. اعتمدت نسرين على نفسها ماديًا، وساعدت أخواتها، وأسهمت في تخفيف العبء المالي الذي يتحمله والدها.

مقالات مشابهة