المشاهد نت

إيناس تتحدى الإعاقة وتلهم المجتمع  

غلاف كتاب مجموعة قصصية بعنوان "أشباح من الجنة" لكاتبه إيناس حنش

صنعاء- ماريا البتول 

تعرضت إيناس حنش لخطأ طبي تسبب لها بإعاقة حركية دائمة منذ أن كانت في الرابعة من عمرها. لم تفلح المحاولات الجراحية والعلاجية في إصلاح الخطأ، وظلت الإعاقة الحركية ملازمة لإيناس حتى اليوم، لكنها لم تمسح لذلك الخطأ أن يسلبها القدرة على الإبداع والإنتاج في الحياة. 

تقول إيناس، 25 عاما، لـ “المشاهد”: “لقد تعرضت لأخطاء طبية جسيمة عندما كنت في الرابعة من عمري، تسببت بإعاقتي حركياً، إلا أنها لم تمنعني من تحقيق أحلامي”.

نشأت إيناس في صنعاء، ولا تتذكر حياتها قبل الإصابة بوضوح، لكنها تؤكد أنها كانت تمشي بحرية دون عوائق. تتذكر لحظة استخدامها للكرسي المتحرك لأول مرة، وتقول: “جلستُ على الكرسي المتحرك، شعرتُ كأن العالم انتهى، لا أعرف ماذا أفعل، وكيف سأعيش”. 

قرأت إيناس الآية القرآنية ” وعسى أن تكرهوا شيئًا وهو خيرٌ لكم”، فأعادت لها الأمل، وساعدتها على تقبل إعاقتها، والبدء في بناء حياة جديدة. في حديثها ل “المشاهد”، تقول إيناس: “لقد نشأت في مجتمع يرى في المرأة عورةً، وفي المعاق عبئاً يجب التخلص منه، كان الجميع مقتنعًا بأن حياتي قد انتهت، إلا أسرتي لم تتركني أبدًا، ولم تجعلني أشعر بأنني أقل من أي شخص بسبب إعاقتي”.

تحسنت حالة إيناس ببطء، والتحقت بالمدرسة برفقة كرسيها المتحرك، وعزيمتها القوية، مما عرّضها للتنمر ونظرات الشفقة، فكان ذلك بمثابة مغامرة محفوفة بالصعوبات. ومع بدء المرحلة الجامعية، واجهت إيناس تحديات جديدة، لكنها لم تقلل إيمانها بنفسها. 

كانت إيناس تبحث عن جامعة تُلبي احتياجاتها الخاصة، وواجهت صعوبة في العثور على جامعة تقبلها بكرسيها المتحرك، واستطاعت الانضمام إلى جامعة خاصة، وبدء رحلتها الجامعية. 

تقول إيناس بأنها تعرضت للتنمر في الجامعة، لكنها تجاوزت ذلك بتركيزها على الإيجابية، حتى تمكنت في عام 2023  من التخرج والحصول على درجة البكالوريوس تخصص علاقات عامة، وأصبحت إعلامية وكاتبة معروفة. 

إبداع وإصرار 

إيناس تتحدى الإعاقة وتلهم المجتمع  
نادي القصة اليمنية (إلمقه) يحتفل بباكورة إيناس حنش الأدبية المعنونة “أشباح من الجنة”-14 أكتوبر 2020-تصوير وكالة سبأ-صنعاء

في أكتوبر 2020 ، أصدرت إيناس كتابها الأول بعنوان “أشباح من الجنة”، حيث جمع بين الواقع الممزوج بالخيال، بطريقة تعكس تجربتها في الحياة، وكيف تغلبت على الصعوبات. تقول ل “المشاهد”: “كانت لحظة نشر روايتي الأولى هي أجمل لحظة في حياتي. لقد برهنت للجميع أن الإعاقة ليست عائقًا أمام تحقيق الأحلام”.

إقرأ أيضاً  دور النساء في تحسين جودة الدراما اليمنية

واجهت إيناس تحديات كثيرة بعد أن تضاعفت مضاعفات الأخطاء الطبية التي تعرضت في طفولتها، الأمر الذي زاد من صعوبة التنقل والعمل في بيئةٍ غير مُهيأة لاحتياجاتها كشخص ذي إعاقة. 

لكنها رفضت الاستسلام، وسعت لتحقيق طموحاتها المهنية، فاتجهت إلى سوق العمل. تقول إيناس:”أُحب العمل والإنتاج، وأُسعى دائمًا لتطوير مهاراتي وتحقيق أفضل النتائج”. رفضت بعض الشركات توظيفها لاعتقادهم أنها غير قادرة على العمل بكفاءة. كما واجهت صعوبات في الوصول إلى أماكن العمل، حيث لم تكن التسهيلات مناسبة للأشخاص ذوي الإعاقة.

تؤكد إيناس أنها لا تريد أن تكون عبئًا على الآخرين، فقررت الاعتماد على نفسها لكي تشعر بمعنى المسؤولية، وتصبح وقادرة على تلبية احتياجاتها. تريد إيناس أن يُغيّر المجتمع نظرته تجاه ذوي الاحتياجات الخاصة، وأن يدرك أنهم جزء لا يتجزأ من المجتمع. 

اتجهت إيناس إلى العمل كمذيعة في إذاعة جراند أف أم وهواء اليمن، ومن خلال برامجها المميزة، ألهمت الكثير من المستمعين وعملت في التسويق، وأصبحت خبيرة في هذا المجال. 

واليوم إيناس عضوا في نادي القصة اليمنية (إلمقه) وتُشارك إيناس تجربتها مع الآخرين من خلال محاضرات وندوات تحفيزية لتشجيع الأشخاص ذوي الاحتياجات الخاصة على التمسك بالعلم، والانخراط في المجتمع بكل كفاءة واقتدار. وترى “أنّ المدارس الخاصة بذوي الاحتياجات الخاصة ليست كافية، وأنّ دمجهم في المدارس العامة يساعدهم على التأقلم والتفاعل مع المجتمع”. 

تُعبر إيناس عن شعورها بالمسؤولية لنشر الوعي حول حقوق ذوي الاحتياجات الخاصة، وتُؤكّد على أنهم موجودون، وعلى المجتمع تقبلهم والتعامل معهم دون تمييز، وضرورة تقبل الاختلاف والتعايش معه.

تختم إيناس حديثها لـ “المشاهد”، وتقول: “الإعاقة ليست في الجسد، بل في العقل. الأشخاص ذوو الاحتياجات الخاصة قادرون على استخدام عقولهم بشكل فعال، وإحداث تغيير إيجابي في المجتمع، و رسالتي للمجتمع أن يحرص  على التعامل معنا كأشخاص لهم حضور وتأثير”. 

تم إنتاج هذه المادة ضمن مشروع تعزيز أصوات النساء من خلال الإعلام الذي ينفذه مركز الدراسات والإعلام الاقتصادي.

مقالات مشابهة