المشاهد نت

عملة معدنية جديدة.. هل فشلت جهود إنهاء الانقسام النقدي؟

للمرة الأولى يتم سك عملة معدنية جديدة منذ عقدين

عدن- محمد عبد الله

أصدرت جماعة أنصار الله (الحوثيين)، مساء السبت 30 آذار/مارس 2024، عملة معدنية جديدة، فئة مئة ريال وطرحتها للتداول في المناطق التي تسيطر عليها. أثارت تلك الخطوة تساؤلات عن تأثير هذه الخطوة على سعر صرف العملة المحلية، وتداعياتها على القطاع المصرفي في اليمن.

يقول هاشم إسماعيل، محافظ البنك المركزي الخاضع لسيطرة الحوثيين في صنعاء، إن الهدف من إصدار عملة معدنية من فئة 100 ريال، هو مواجهة مشكلة العملة التالفة التي يعاني منها المواطنون في تعاملاتهم اليومية. 

بعد الإعلان عن العملة الجديدة، بدأ المواطنون بالتوافد إلى النقاط التي حددها البنك المركزي لاستبدال العملة التالفة في صنعاء. تزعم قيادة البنك المركزي في صنعاء أن إصدار الفئة المعدنية الجديدة لن يؤثر على قيمة العملة “كون الإصدار خصص لاستبدال العملات التالفة ولن يكون هناك إضافة لأي كتلة نقدية معروضة”.

وخلال السنوات الماضية، أعاد البنك المركزي في صنعاء ضخ عملات ورقية تالفة كانت بعضها ضمن العملة التي سيجري إتلافها. وحتى عام 2013، كان يقدر إجمالي الأوراق النقدية التالفة التي يتم توريدها يوميًا إلى البنك المركزي بـ “60 -70” مليون ريال من جميع الفئات.

تأثيرات متعددة 

اعتبرت، الحكومة اليمنية المعترف بها دوليًا، إصدار جماعة الحوثي عملة معدنية “تصعيد خطير وغير قانوني”، محذرة المواطنين من تداولها. وقالت في بيان للبنك المركزي اليمني في العاصمة المؤقتة عدن، إن “هذه العملة تعد مزورة كونها صادرة من كيان غير قانوني”، محملة الحوثيين “تبعات هذا التصعيد اللا مسؤول، وما يترتب عليه من تعقيد وإرباك في تعاملات المواطنين والمؤسسات المالية والمصرفية داخليا وخارجيا”.

منذ 2016، يشهد اليمن أزمة انقسام نقدي عقب إعلان الحكومة اليمنية المعترف بها دوليًا نقل مقر البنك المركزي اليمني من صنعاء إلى عدن. رفضت سلطات الحوثي في صنعاء تلك الخطوة، واستمر البنك المركزي في صنعاء بالسيطرة على القطاع المصرفي في المناطق الخاضعة لجماعة الحوثي. ونتيجة لذلك، أصبح لليمن بنكان مركزيان في صنعاء وعدن، يعملان بشكل مستقل عن بعضهما.

يرى رئيس مركز الدراسات والإعلام الاقتصادي، مصطفى نصر، أن إصدار فئة جديدة من الريال “تصعيدًا جديدًا نحو مزيد من الانقسام النقدي وإذكاء الصراع في القطاع المصرفي اليمني”.

يقول نصر في تدوينة على حسابه في “الفيسبوك” إن “هذا الإجراء يمثل جس نبض للاستمرار في إصدار فئات نقدية أخرى من العملة عند الحاجة، وكذلك بناء اقتصاد مستقل بشكل متكامل”.

إقرأ أيضاً  الأسر المنتجة تسعد الفقراء في العيد

بالنسبة لتأثيرات تلك الخطوة فإن ذلك سيعتمد على حجم الكمية النقدية للعملة الجديدة. ويضيف: “لو جرى إنزال كميات أعلى ما يعادلها من العملة المهترئة سيبدأ تدحرج سعر الريال نحو الهبوط مقابل الدولار في مناطق سيطرة الحوثي”. بحسب نصر، هذه الخطوة قد تقود إلى مزيد من الإصدارات النقدية لمواجهة النفقات، وبالتالي سيعمل على تدهور العملة. 

انفصال اقتصادي

وللمرة الأولى منذ نحو عقدين يتم الإعلان عن سك عملة معدنية جديدة في اليمن؛ إذ تعود آخر عملية سك عملة معدنية في البلد إلى 2004 من فئة 20 ريالا، وكانت تلك هي أعلى فئة معدنية.

ومنذ عام 1993 ، أصدر البنك المركزي اليمني عملات معدنية من أربع فئات “1، 5، 10، 20 ريالا”. استمر التداول بالعملات المعدنية ما عدا فئة 1 ريال. وبدأت العملات المعدنية  بالاختفاء تدريجيا وتراجع حجم تداولها بسبب الانقسام المصرفي في البلاد خلال السنوات السبع الماضية. 

الصحفي الاقتصادي وفيق صالح، يرى أن سك الحوثيين عملة معدنية جديدة “مغامرة غير محسوبة العواقب (…) وخطوة عدمية، ولا يمكن أن تحل أزمات القطاع المصرفي المتفاقمة في المناطق التي تسيطر عليها جماعة الحوثي”. 

ويقول في تصريح لـ”المشاهد”: “إن هذا الإجراء يُمثل ضربة لكافة الجهود والمحاولات الدولية الساعية لإيجاد الحلول والتقارب وتنسيق السياسة النقدية، لتوحيد العملة الوطنية، وإنهاء المشكلات والمعضلات المزمنة التي يعاني منها الاقتصاد الوطني، ولها تأثيرات كارثية على الاقتصاد، وعلى قيمة العملة الوطنية، لا سيما في المناطق التي تسيطر عليها جماعة الحوثي”.

يؤكد صالح أن الخطوة الأخيرة للبنك المركزي في صنعاء تهدف إلى “تكريس الانفصال الاقتصادي، ورفض أي خطوات للتقارب مع مركزي عدن، لإنهاء معاناة المواطنين”. 

منذ أواخر العام 2019، بدأت حرب العملة بين البنكين المركزيين في صنعاء وعدن، بعد أن قامت سلطات الحوثي بحظر استخدام الأوراق النقدية الجديدة الصادرة عن البنك المركزي في عدن، الأمر الذي عمق أزمة الانقسام النقدي، ونتج عنها قيمتان مختلفتان لعملة واحدة. 

ومع الإصدار الجديد لعملة معدنية في صنعاء، تنتظر البلاد أزمة أكبر في القطاع المصرفي، ومعاناة أشد لملايين اليمنيين الذين يعانون لسنوات بسبب الانقسام النقدي. 

مقالات مشابهة