المشاهد نت

العقارات في مأرب ..كيف يحصل المستثمرعلى محل تجاري للإيجار؟

العقارات في مارب أحد شوارع مدينة مأرب الرئيسية - أرشيفية

 مأرب – علي ناصر:

ظل رجل الأعمال الشاب محمد الزوقري، ثلاثة أعوام، يبحث عن مساحة صغيرة لفتح محل تجاري لبيع النظارات، أمام أحد المستشفيات في محافظة مأرب، لكنه لم يجد، بسبب التنافس الشرس بين رجال الأعمال اليمنيين في مأرب.

بعد محاولات عدة لاستئجار مساحة لمشروعه التجاري، استطاع الزوقري أن يستأجر، أواخر العام 2017، محلًا بجوار مستشفى مأرب الحكومي، وبسعر باهظ. لكنه يرى أنه أكثر حظًا من غيره من التجار الذين  دفع بعضهم مبالغ كبيرة مقابل  استئجار محل في أي شارع رئيسي من شوارع وأحياء مأرب.

قبل العام 2015، كانت مدينة مأرب تُعرف بأنها نقطة لتجمع تجار السلاح والمهربين والمسلحين. اليوم أصبحت بيئة مناسبة لجذب رؤوس الأموال، وأصبح استئجار محل تجاري أو شقة للسكن أمرًا بالغ الصعوبة.

مصلح الخضمي، رجل أعمال من محافظة ريمة، كان مغتربًا في المملكة العربية السعودية. جاء إلى مأرب، قبل أشهر، لافتتاح مشروعه الذي كان يعتبره حلم العمر، كما يقول، لكنه انصدم بمشكلة ارتفاع أسعار العقارات هناك.

يقول الخضمي لـ”المشاهد”: “قبل مجيئي إلى مأرب، أوكلت مهمة البحث عن محل لعمل مشروعي، إلى أقارب لي، وكانوا يأتونني بعروض إيجار محلات بأسعار خيالية. لم أكن أصدق ذلك حتى وصلت بنفسي إليها”.

كان الخضمي يجوب شوارع مأرب، عله يجد مبتغاه، وبالكاد استطاع أن يستأجر محلًا يقع في وسط مركز المدينة، بمبلغ ثلاثمائة ألف ريال يمني وخمسة آلاف ريال سعودي دفعها كمبلغ تأمين لصاحب العقار، بالإضافة إلى تقديم ضمانة تجارية.

يؤجر مُلاك العقارات المساحات بالمتر المربع، وبالريال السعودي بدلًا عن الريال اليمني، وهذا  سينعكس سلبًا على الحركة التجارية في مأرب إذا استمر الحال في المستقبل هكذا كما هو عليه اليوم، بحسب الخضمي.

إيجار مرتفع للمحلات والشقق

تعتبر منطقة “الفاو وبعدها منطقة المطار وبعدها منطقة الروضة ثم منطقة الميل” أبرز المناطق في محافظة مأرب التي يتم تأجير المحلات والشقق السكنية فيها بأسعار مرتفعة، بحسب رصد معد التقرير.

يصل سعر تأجير المحل التجاري الواحد في تلك المناطق إلى أكثر من نصف مليون ريال يمني شهريًا، وهو المبلغ الذي لا يقدر على دفعه أصحاب المشاريع التجارية الصغيرة والمتوسطة.

أسعار إيجارات الشقق السكنية في هذه المناطق دائمًا ما تكون مرتفعة، إذ يصل سعر إيجار الشقة التي تحتوي على غرفتين، إلى ما لا يقل عن 200 ألف ريال يمني شهريًا، وإن كانت ثلاث غرف يصل إيجارها إلى أكثر من ألف ريال سعودي، بحسب عامر الجرادي، وهو سمسار عقارات في منطقة الروضة بمأرب.

يصل سعر تأجير المحل التجاري الواحد في مدينة مأرب إلى أكثر من نصف مليون ريال يمني شهريًا، وهو المبلغ الذي لا يقدر على دفعه أصحاب المشاريع التجارية الصغيرة والمتوسطة.

يضيف الجرادي لـ”المشاهد”: “ما إن يأتي يوم جديد حتى يأتي إلينا زبون يكون إما مواطنًا أو تاجرًا يبحث عن محل أو شقة، للتوسط في تأجيرها، نحاول أن نقنع مُلاك العقارات بتخفيض الأسعار لتكون معقولة ومقدورًا على دفعها، ولكن دون جدوى”.

إقرأ أيضاً  حرمان المهمشين من الخدمات في اليمن

ليست المعاناة للمستثمرين فقط، بل لكل المواطنين الذين يبحثون عن شقق وبيوت للإيجار. عندما عاد نجيب الأغبس، أستاذ جامعي، من ماليزيا، بعد انتهاء دراسة الدكتوراه هناك، واجه صعوبة كبيرة في الحصول على شقة للسكن في مدينة مأرب.

يقول الأغبس لـ”المشاهد”: “مُلاك العقارات يستغلون حاجة المستأجرين برفع أسعار العقارات بمبالغ ليست معقولة”. ويعتقد أن الجهات الرسمية مسؤولة عن ارتفاع أسعار العقارات في مأرب، بسبب عدم تشجيعها الاستثمار في قطاع العقارات، وإعطاء التسهيلات والحوافز للمستثمرين من أجل توفير الوحدات السكنية والتجارية المطلوبة، وتغطية الطلب المتزايد على العقارات.

إجراءات لمواجهة ارتفاع الإيجارات

تشير السلطات المحلية في مأرب إلى أنها كانت أصدرت تعاميم هددت فيها باتخاذ إجراءات رادعة لمواجهة رفع أسعار الإيجارات، إذ وجه مكتب الصناعة والتجارة، قبل أربع سنوات، مُلاك العقارات باعتماد 25 بالمائة كنسبة مسموحة لأقصى حد لرفع الإيجارات السكنية، بحسب ما كان معمولًا به في العام 2014، من تأجير للشقق السكنية، و50 بالمائة كحد أقصى للمحال التجارية التي تم تأجيرها العام 2014.

في عام 2018 شكلت السلطة المحلية بمأرب “لجنة العقارات” التي تهدف إلى حل مشكلة ارتفاع إيجار العقارات في المحافظة، ولكن لم يتم تفعيل قرارات تلك اللجنة على أرض الواقع.

محمد الحرازي، مدير الإدارة المحلية بمأرب، يقول لـ”المشاهد”: “الناس تتطلع إلى اتخاذ قرارات حاسمة بخصوص من يسهم في تعميق معاناة الناس من خلال استمرار رفع العقارات السكنية والتجارية”.

الأسباب والحلول

في سبتمبر من العام الماضي، أصدر مركز الدراسات والإعلام الاقتصادي، دراسة بعنوان أزمة العـقارات في محافظة مارب،  وبينت الدراسة أهم الأسباب لمشكلة ارتفاع أسعار وإيجار العقارات في محافظة مأرب.

ومن تلك الأسباب، بحسب الدراسة، استمرار النزاع وموجات النزوح والفجوة في مستويات العرض والطلب، وقلة الأراضي والمساحات التي تمتلكها الدولة في مأرب، وغياب مخططات حضرية شاملة للأراضي والمناطق الواسعة داخل وخارج المدينة.

تؤكد الدراسة أهمية الدور الحكومي للتعامل مع أزمة العقارات في مأرب، وتقدم عددًا من المقترحات، منها وضع سياسات حكومية فاعلة لتفعيل قطاع الإسكان، وتشجيع الاستثمار من خلال القطاع الخاص لزيادة المعروض من العقارات لأغراض السكن أو العمل التجاري. تطبيق هذه السياسة سيسهم في استقرار الأسعار وانخفاضها التدريجي.

تقترح الدراسة أيضًا إنشاء آليات عادلة وفعالة لتسوية النزاعات، وتخصيص الأراضي العامة المتاحة لتوفير المساكن لذوي الدخل المنخفض، مع ضرورة إنزال مخططات حضرية لداخل وضواحي مدينة مأرب، وتحديد أماكن مخصصة للمدن السكنية.

تنشر هذه المادة بالتعاون مع مركز الدراسات والاعلام الاقتصادي

مقالات مشابهة