المشاهد نت

الفيبروميالجيا.. مرض غير مرئي في اليمن

الفيبروميالجيا.. مرض غير مرئي في اليمن

تعز – أسامة الكُربش:

ظهرت أعراض مرضية على الطبيب عمار السبئي في العام 2018، ولم يدرك أسباب تلك الأعراض، ونوع العلاج الذي قد يساعده على استعادة صحته. كان يشعر بالصداع والدوار، والغثيان، مع زيادة ضربات القلب، وجفاف شديد في عينيه.

ذهب السبئي إلى أطباء أكثر خبرة، وأعمق معرفة، بهدف الحصول على تشخيص دقيق للمرض، لكن كل محاولاته باءت بالفشل. الوصفات الطبية التي حصل عليها في صنعاء وعدن، لم تنجح في القضاء على الأعراض التي كان يشعر بها.

طبيب الأمراض العصبية قال إن المشكلة ناجمة عن شد عضلي في الظهر، وتسبب ذلك الشد بالضغط على الأعصاب. وصف له علاجًا مهدئًا للآلام العصبية، ولاحظ أن الألم خف قليلًا، لكنه يزيد عند التعرض للبرد أو بذل مجهود أو عند السهر.

يصف عمار السبئي مرضه لـ”المشاهد”، ويقول: “لا أستطيع وصف حجم المعاناة، ولكم أن تتخيلوا أن ٤٠٠ عضلة في الجسم مشدودة ومتيبسة بشكل دائم، لا ترتخي حتى لثانية واحدة. إنه ألم شديد، ولا ينفع معه أي مهدئ”.

العثور على السبب

بعد أن فشلت كل الوصفات الطبية، قرر السبئي معرفة سبب المرض بنفسه من خلال القراءة والاطلاع في الكتب الطبية والإنترنت. اكتشف أنه مصاب بمتلازمة الألم العضلي الليفي “فيبروميالجيا”، ويقول السبئي إن هذا المرض مجهول السبب، وبلا علاج ناجع.

بعض الأبحاث الطبية توصلت إلى أن أسباب هذا المرض تتمثل في بعض الخصائص الوراثية، وأسباب أخرى تتعلق بالمحفزات، مثل الصدمات النفسية، والعدوى، والإجهاد. تصل نسبة الإصابة العالمية بمرض “فيبروميالجيا” تقريباً 2-4% من سكان العالم، ويصيب السيدات بنسبة 80% مقابل 20% للرجال.
كانت الأدوية المهدئة التي تناولها السبئي تساعد في التخفيف من الآلام العصبية بنسبة بسيطة جدًا، لكن أعراضها الجانبية مزعجة، ولهذا السبب توقف عن أخذها. قرر السفر إلى مصر بعد أن قرأ أن هناك إبرًا يمكن حقنها في العضلات لأجل إرخائها.

يضيف: “ذهبت إلى مصر، وعملت جلسات علاج بالإبر، حيث يتراوح سعر الجلسة ما بين 300 و500 دولار. عملت كل الجلسات، ولكن بدون فائدة. خسرت كل ما كان لدي من مال، وعدت إلى اليمن وقد يئست من كل المحاولات. منذ ذلك الحين، لم أستطع العمل رغم محاولاتي العديدة، بسبب الألم الدائم والإرهاق الشديد”.

إقرأ أيضاً  «عنس».. الأولى يمنيًا في مرض السرطان

مأساة الآلاف من المرضى

يُتهم المُصابون بمرض “الفيبروميالجيا” عادة بالتمارض، والكسل، والوهم، والتلبس بالجن، والعين وغيرها. فالعديد منهم يلجؤون إلى المشعوذين والعلاج بالأعشاب والقرآن.
يقول السبئي: “أجزم أن هناك الآلاف من المرضى المصابين بهذا المرض في اليمن، ولكنهم يعيشون في ظلامهم الخاص، فلا طب يشخص حالاتهم، ولا أحد يصدقهم، ولا هم قادرون على إعالة أسرهم، ولا لهم معاش تقاعدي، ما يقودهم للاكتئاب بلا شك”.

ويتابع: “قررت أن أتحدث عن تجربتي مع هذا المرض، لأني أعلم مدى حاجة الآخرين لهذه المعلومات، وأدرك مدى تخبط الأشخاص الذين يعانون حتى اللحظة، ولم يصلوا لتشخيص دقيق للمرض رغم مرورهم على أكثر من طبيب، ومعالج بالأعشاب، وبالقرآن، وعلى الكثير من المشعوذين”.

مبادرة للتعريف بالمرض

مرت 5 سنوات منذ أن بدأت معاناة السبئي. مؤخرًا، قام بإنشاء مجموعة في “فيسبوك” للتعريف بالمرض وللتوعية، والتثقيف، ويقول إن هذه الخطوة هي الأولى من نوعها في اليمن.

يؤكد السبئي، قائلًا: “من واجبي الإقدام على هذه الخطوة، كوني طبيبًا أولًا، ومصابًا بالمرض ثانيًا. أعتقد أنها ستخفف كثيرًا من معاناة المصابين، الذين يعيشون مع هذا المرض غير المرئي. للأسف، الكثير من الأطباء يقولون للمصابين بهذا المرض إن هذا الألم لا وجود له إلا في عقول المرضى، وذلك بسبب طبيعة المرض الغامضة، وأيضًا بسبب ثقافة الأطباء القليلة”.

يحث السبئي الجهات المختصة على اتخاذ تدابير وخطوات لرفع الوعي بهذا المرض أوساط العاملين في المجال الصحي ولدى المواطنين، والحديث عنه في وسائل الإعلام المرئي والمسموع، وإدراج المرض حكوميًا في قائمة الأمراض ذات الإعاقة المزمنة أسوة ببقية الدول، والاهتمام باليوم العالمي لهذا المرض الذي يوافق 12 مايو من كل عام.

حتى اللحظة، لا توجد إحصائية رسمية عن عدد المصابين بـ”الفيبروميالجيا” في اليمن، لكن هذا لا يعني أن البلاد خالية منه. ولأن السبئي طبيب يمني مصاب بهذا المرض، استطاع أن يلفت الانتباه لهذا الداء غير المرئي في اليمن.

مقالات مشابهة