المشاهد نت

البهائيون في مرمى الاستهداف مجددًا

وصلت البهائية إلى اليمن في 1844، عندما مر أحد رموز هذه الديانة من مدينة المخا الساحلية، خلال رحلة من إيران إلى مكة المكرمة

صنعاء – سهى محمد

ألقى المفتي العام للحوثيين، شمس الدين شرف الدين، خطبة في صنعاء، مطلع الشهر الجاري، تنذر بهدر دماء البهائيين. محتوى الخطبة كان مليئًا بالتضليل والكراهية. لم تقتصر الخطبة على المسجد فقط، بل تم نشرها وتداولها عبر وسائل إعلام حوثية. وسبق الخطبة اعتقال 17 شخصًا من البهائيين، بينهم خمس نساء، خلال تجمع لهم في 25 مايو 2023. حيث جرت مداهمة منزل خاص لأحد أفراد البهائيين في صنعاء، خلال إقامتهم أمسية لانتخاب الهيئة الوطنية الحاكمة للطائفة البهائية في اليمن.

يعاني منتمو الديانة البهائية في اليمن الاضطهاد الممنهج من قبل جماعة الحوثي (أنصار الله) منذ  صعود الأخيرين إلى السلطة في أواخر 2014، إذ تصاعد الأمر ليشمل صدور أحكام الإعدام بتهمة التجسس والكفر، حسب ورقة لمركز صنعاء للدراسات، نشرت في يوليو 2021.

في حادثة الاعتقال الأخير، تم اقتياد المعتقلين إلى مكان مجهول، ولم يستجب الحوثيون لطلبات أسر المعتقلين بالإفراج أو الحصول على أية معلومات حولهم.

بالرغم من أن البهائية تعترف بصحة جميع الأديان، وأتباعها يقولون بأنهم  يعترفون بالإسلام ونبيه محمد صلى الله عليه وسلم، إلا أن العقيدة البهائية ديانة مستقلة، ويعتقدون أن لهم نبيًا آخر، وهذا يخالف عقيدة الإسلام التي تؤمن بأن محمد هو خاتم الأنبياء والرسل. وبالتالي فإن اعتناق الديانة البهائية يُعد ردة في الإسلام، إذا أردات  دولة مسلمة تطبيق قوانين الردة، فيمكن أن يواجه البهائيون تداعيات قانونية خطيرة، حسب ورقة مركز صنعاء للدراسات.

وأعربت بني دوغال، وهي الممثل الرئيسي للجمعية البهائية الدولية لدى الأمم المتحدة، عن قلقها العميق إزاء النوايا الكامنة وراء خطبة مفتي الحوثيين التي وصفتها بـ”البغيضة”.

وقالت دوغال، عبر بيان نشرته الجمعية البهائية الدولية: “ماذا يقول هذا عن نوايا الحوثيين عندما يكرس مفتيهم خطبة صلاة الجمعة كاملة للتنديد وشيطنة ونشر المعلومات المضللة الشريرة عن المجتمع البهائي المسالم”.

وأضافت: “نعلم من التاريخ أن خطاب الكراهية هو الخطوة الأولى عندما يرغب من هم في السلطة في التحريض على العنف ضد الأقليات المعرضة للخطر”.

اضطهاد ممنهج

يتعرض البهائيون منذ سيطرة جماعة الحوثي على صنعاء عام 2014، إلى اضطهاد منهجي، لا وجود له في العالم سوى في منطقتين فقط، هما إيران واليمن (مناطق سيطرة الحوثي)، وهذا مؤشر مهم لمدى العلاقة الثقافية والسياسية بين الطرفين، وفق حديث نادر السقاف، ممثّل مكتب الشؤون العامة للبهائيين في اليمن.

إقرأ أيضاً  وفاة فتاتين غرقًا في سد مأرب

ويقول السقاف في حديث خاص لـ”المشاهد”: “إن ملامح التشابه لما يتعرض له البهائيون في إيران وصنعاء، تتمحور في أساليب الاضطهاد والمنهجية المستخدمة، بالإضافة إلى اللغة التي يستخدمها المسؤولون ورجال الدين، أيضًا الإشاعات والأكاذيب التي تروج ضدهم”.

ويضيف السقاف المنفي خارج البلاد بسبب معتقده الديني: “ما يتعرض له البهائيون اليوم ليس مجرد اعتقال لتجمع بضعة أشخاص، البهائيون يتعرضون إلى نوع من أنواع الإبادة الصامتة، والتي تستهدف هويتم ومعتقدهم الديني وحياتهم اليومية، انتهاكات متكررة في سبيل إجبار الناس على ترك معتقدهم وإخفاء هويتهم، هناك مساعٍ حثيثة تقوم بها جماعة الحوثي بنهب ممتلكاتهم، وابتزازهم، وسجنهم ونفيهم خارج البلاد”.

ويتابع: “المجتمع اليمني بطبعه مجتمع متعايش يعتاد على  التنوع الفكري والديني، وما يمارس ضد البهائيين يناقض طبيعته وتنوعه الاجتماعي”.

ويقول: “هذا أسلوب دخيل لم نشهده في حضارات وثقافة اليمن من قبل”.

مناهضة التعايش

يقول توفيق الحميدي، محامٍ وناشط حقوقي، ورئيس منظمة سام للحقوق والحريات، لـ”المشاهد”، إن حرية المعتقد والدين محمية بموجب الدستور والقانون اليمني، ولسنوات طويلة كان يعيش اليمن في ظل تعايش مجتمعي تحميه وتحترمه الدولة، لكن انتكاسة سقوط صنعاء في 21 سبتمبر 2014، قضى على التنوع المجتمعي، وداس بدوره على جميع حقوق الإنسان، وحول البلد إلى لون واحد، ومورس في حق الإنسان انتهاكات جسيمة، منها ما حدث مع أتباع الديانة البهائية”.

الحوثيون لديهم أسباب تاريخية وفكرية، تتلخص في عدم قبول التعايش مع أية طائفة تملك فكرًا أو معتقدًا يخالفها، يرون أن هذا الاختلاف يمثل خطرًا على “نظامهم السياسي والقومي”، كما هو الحال في إيران، على الرغم أن البهائية أقلية دينية صغيرة في اليمن، لا تشكل أي خطر، خلال تاريخهم الطويل في اليمن، بالإضافة إلى رفعهم خيار السلمية، وعدم نشر دينهم في المجتمع، حسب رئيس منظمة سام توفيق الحميدي.

وصلت البهائية إلى اليمن في 1844، عندما مر أحد رموز هذه الديانة  من مدينة المخا الساحلية، خلال رحلة من إيران إلى مكة المكرمة، لنشر رسالة الديانة البهائية، وأصبحت المخا بعدها نقطة انطلاق منتظمة للبهائيين الذين يحجون من آسيا إلى حيفا، ويقدر عددهم في اليمن اليوم بنحو ألفي بهائي، وفق مركز صنعاء للدراسات.

مقالات مشابهة