المشاهد نت

إشراك القطاع الخاص للتحفيف من الظلام

عقد شراكة بين الحكومة والقطاع الخاص لتقديم خدمة الكهرباء بسعر معقول أحد الحلول المقترحة

تعز – لؤي سلطان

بدأت المواجهات المسلحة في اليمن، في أواخر 2014، وبدأ معها الظلام في العديد من المحافظات اليمنية. وعندما اشتدت الحرب في 2015، حل الظلام في عدد من المدن، بما في ذلك تعز، التي شهدت حربًا وحصارًا تسببا في تدمير محطات توليد الكهرباء وتوقفها عن الخدمة.

منذ 2015، دُمرَ ما يقارب 210 محولات كهربائية تابعة لمؤسسة الكهرباء، من بين 270 محولًا، وتوقفت محطة “الحوجلة” ومحطة عصيفرة عن الخدمة، وظلت المدينة تعيش في الظلام. لم تستطع مؤسسة الكهرباء الحكومية بتعز إعادة تشغيل محطات التوليد، وكانت تلك فرصة التجار ورجال الأعمال لبدء الاستثمار في هذا القطاع.

برغم توفر خدمة الكهرباء بمدينة تعز في الوقت الراهن، تظل أسعارها مرتفعة لأنها تجارية. يصل سعر الكيلو وات الواحد إلى ألف ريال، الأمر الذي يزيد من معاناة السكان هناك.

زاهر المكردي، 23 عامًا، طالب جامعي، يقول إن تسديد فواتير الكهرباء بات مشقة كبيرة، لا سيما مع استمرار ارتفاع سعر الخدمة التي يقدمها مستثمرون في هذا المجال، ويشير إلى أن فواتير الكهرباء للسكن الطلابي الذي يسكن فيه تصل في الشهر إلى خمسة آلاف ريال، على الرغم من أن طلاب السكن يستخدمون الكهرباء في الإنارة وشحن هواتفهم فقط.

يضيف المكردي: “الجهات المعنية لم تقم بدورها من أجل إعادة الكهرباء الحكومية أو ضبط تسعيرة الكهرباء التجارية، بما يناسب الظروف المعيشية للمواطنين”.

حلول مقترحة 

إعادة تأهيل وصيانة محطة عصيفرة بتعز أحد الحلول المقترحة للتخفيف من الإعتماد على الكهرباء التجارية

ورقة سياسات عامة لحل مشكلة الكهرباء في تعز نشرها  مركز الدراسات والإعلام الاقتصادي في مارس 2022،  اقترحت حلولًا لأزمة الكهرباء بتعز من خلال طريقتين. 

الطريقة الأولى، وفقًا للدراسة، هي إعادة تأهيل وصيانة محطة عصيفرة بتمويل مركزي أو تمويل من السلطة المحلية أو الاستفادة من دعم المنظمات الأممية والإقليمية، ولو بشكل جزئي، تحت إشراف المؤسسة العامة للكهرباء، فرع تعز. ستبلغ الكلفة الإجمالية 18 مليون ريال وفقًا لدراسة أعدها مكتب الكهرباء في المحافظة.

الطريقة الثانية، بحسب مركز الدراسات والإعلام الاقتصادي، هي الشراكة مع القطاع الخاص، بحيث تتكفل شركة القطاع الخاص بالتوليد والتشغيل، بقدرة توليد يتم التوافق عليها، مقابل تكلفة “تحدد بالتوافق” تدفعها المؤسسة العامة للكهرباء، ويوقع عقد طويل المدى، فيما تتولى مؤسسة الكهرباء التحويل والتوزيع والتحصيل.

عبدالكريم البركاني، مدير مؤسسة الكهرباء بتعز، يقول إن المؤسسة أعدت دراسة حول تكلفة صيانة محطة عصيفرة، وبلغت التكلفة التقديرية 1,8 مليون دولار، وتم رفعها إلى الحكومة المعترف بها دوليًا في عدن، إلا أنها لم تجد أية استجابة لتنفيذها.

إقرأ أيضاً  نسبة تراجع الريال اليمني مقابل الدولار والريال السعودي

وبخصوص الشراكة مع القطاع الخاص، يقول البركاني إن المؤسسة ترى أن هذا الخيار هو الأنسب، إلا أنها لا تملك أية صلاحيات لتنفيذه، وفي حال تلقت توجيهات من المؤسسة العامة ومن السلطة المحلية، ستباشر عملها في تسهيل إجراءات الشراكة.

يضيف البركاني: “في حال تمت صيانة محطة عصيفرة سواءً كان بتمويل حكومي مركزي أو وفق شراكة مع القطاع الخاص، فإن المؤسسة سوف تنال حصة من المشتقات النفطية المقدمة من المملكة العربية السعودية. إن تعطيل المحطة يمنع حصول المحافظة على حصتها من المشتقات النفطية”.

إشراك القطاع الخاص

مفيد عبده سيف، مدير الغرفة التجارية بتعز، يقول لـ”المشاهد” إن الغرفة لديها مستثمرون مستعدون للدخول بشراكة وفق ما جاء في الدراسة البحثية، وفي حال تمت الموافقة من قبل الجهات المعنية، فإنهم على استعداد لبدء العمل بما يضمن المصلحة العامة وتخفيف معاناة المواطنين.

عبدالرحمن النقيب، مالك شركة تعز لتوليد الكهرباء، يقول إنه على استعداد للدخول في هذه الشراكة التي اقترحتها الدراسة البحثية الصادرة عن مركز الدراسات والإعلام الاقتصادي.

يؤكد النقيب أن صيانة محطة عصيفرة أصبح ضروريًا في الوقت الحاضر، وإنجاز ذلك المشروع سيضمن للمدينة حصة من المشتقات النفطية المقدمة من المملكة العربية السعودية، كبقية المحطات الكهربائية في المحافظات المحررة.

فهد المخلافي، صحفي وناشط مهتم بقضايا الكهرباء بتعز، يؤيد مقترح شراكة القطاع الخاص والحكومي في توفير خدمة الكهرباء، ويقول لـ”المشاهد”: “يتوجب فتح باب الاستثمار للقطاع الخاص بالكهرباء العامة، شريطة أن تكون عملية بيع وتحصيل الخدمة عن طريق مؤسسة الكهرباء، بدلًا من ترك المواطن كسلعة احتكار لدى المحطات التجارية، يتم استغلال حاجته للكهرباء وفرض رسوم مرتفعة تصل إلى ألف ريال لسعر الكيلو”.

المهندس أمين الحاج، رئيس لجنة حماية حقوق وممتلكات مؤسسة الكهرباء بمدينة تعز، يعتقد أن مقترحات الدراسة البحثية جديرة بالاهتمام، كونها وضعت حلولًا لإعادة الكهرباء الحكومية بما يتوافق مع الظروف التي تمر بها مدينة تعز بشكل خاص واليمن بشكل عام.

يختم الحاج حديثه مع “المشاهد”، ويقول: “لا توجد نوايا صادقة لدى السلطة المحلية في المدينة، والمسؤولين في الحكومة المعترف بها دوليًا، ولا وزارة الكهرباء بعدن، في بذل أي جهود من أجل إعادة الكهرباء الحكومية، وصيانة المحطات الكهربائية التي تعرضت للتدمير والتخريب، وخرجت عن الخدمة منذ سبع سنوات”.

مقالات مشابهة