المشاهد نت

ينابيع الجوف الحارة.. مشفى طبيعي بحاجة للاستثمار

آلاف المواطنين يرتادون ينابيع منطقة الواغرة بمديرية الحميدات بمحافظة الجوف

الجوف – عبدالوهاب حسين 

عانى ناصر المكحلي (65 عامًا)، المنحدر من مديرية ذيبين بمحافظة عمران؛ من روماتيزم في المفاصل وانزلاق غضروفي في العمود الفقري، وضيق تنفس، لينصحه الطبيب بالسفر إلى منطقة الواغرة الواقعة بمديرية الحميدات، محافظة الجوف، للاغتسال في حماماتها من أجل مساعدته على الشفاء.

يقول المكحلي لـ”المشاهد”، إنه استنفد كافة الخيارات الطبية، واستخدام أنواع عديدة من الأدوية والعقاقير الكيميائية لتخفيف آلامه الناتجة عن الانزلاق الغضروفي والروماتيزم في المفاصل، وضيق التنفس.

ويضيف: ”أخيرًا.. انصعت لتوجيهات الأطباء، وذهب في شهر يناير/كانون ثاني الماضي إلى منطقة الواغرة، للاستحمام في المياه الحارة التي أعادت للي الامل بإمكانية الشفاء”.

المكحلي واحد من بين آلاف المواطنين اليمنيين الذين يرتادون المنطقة يومياً للاستحمام والتداوي من الامراض الجلدية والعصبية.

مشفى طبيعي

ما زالت منطقة الواغرة بمديرية الحميدات، في محافظة الجوف (شمال اليمن)، تحتفظ بأهميتها وشهرتها كمنطقة جاذبة للسياحة العلاجية.

المنطقة تحتضن أهم الينابيع الحارة المتميزة بمياهها الكبريتية، ويقصدها آلاف اليمنيين الراغبين في الاستشفاء أو قضاء ساعات من الراحة والاستجمام.

وتمثل ينابيع الواغرة الطبيعية البركانية الحارة مشفى طبيعي للتخلص من الأمراض والجلطات والأعصاب والروماتيزم والانزلاقات الغضروفية والامراض الجلدية، ويستخدمها الزائرين كعلاج طبيعي؛ وفق تأكيد عبدالله محسن، أحد المواطنين المقيمين في نفس المنطقة لـ”المشاهد”.

ويرى محسن أن الحمامات بحاجة إلى خطة استثمارية لتنشيط السياحة العلاجية من خلال بناء متنزه سياحي يحتوي على غرف متعددة على غرار الحمامات السياحية في المحافظات أو الدول الأخرى.

وبيّن محسن أن الحمّام البركاني تحيط به استراحات مبنية من الطين وبعضها من البلك والأحجار، قام ببنائها فاعلي خير، كما يوجد سوق قريب وجامع ومدرسة في نفس المنطقة.

الطب الحراري

وعرف دور المعالجة بمياه الينابيع المعدنية الكبريتية للأمراض الجلدية منذ العصور القديمة، حيث كان يجب على المرأة أن تذهب إلى الحمامات للحصول على بشرة ناعمة ومخملية.

وربما كان أول مستحضر تجميل طبيعي في التاريخ؛ كما يقول الدكتور رضوان النجار، أستاذ ورئيس قسم الطب البشري بكلية الطب في جامعة الجيل الجديد بصنعاء لـ”المشاهد”.

وأضاف: اكتشفت الخصائص المفيدة للمعالجة بمياه الينابيع المعدنية الكبريتية والوقاية من الأمراض واكتسبت الخصائص التجميلية للمياه الحرارية شعبية. 

وفي وقت لاحق، زادت الأدلة العلمية التي تثبت الخصائص العلاجية للمياه المعدنية الكبريتية في العديد من الحالات المرضية، بحسب النجار.

وأنشأت منظمة الصحة العالمية (WHO) بروتوكول إدارة الألم لتخفيف الألم بواسطة المعالجة بمياه الينابيع المعدنية الكبريتية، وقد تم توثيق فعاليته جيدا في علاج الأمراض الروماتيزمية وأمراض القلب والأوعية الدموية.

إقرأ أيضاً  وفاة وإصابة 16 شخصًا بحادث مروري في ريمة

وتابع الدكتور النجار: علاوةً على ذلك، أظهرت دراسات مختلفة أن المعالجة بمياه الينابيع المعدنية الكبريتية تعمل على علاج الأمراض الجلدية التي يتم علاجها بشكل متكرر عن طريق العلاج بالمياه المعدنية بمعدل نجاح مرتفع هي الصدفية والتهاب الجلد التأبي.

وبحسب الدكتور النجار؛ تشمل الحالات الأخرى التي يتم علاجها عن طريق المياه المعدنية حب الشباب، والكزاز المسطح، والحكة، والوردية، والتهاب الجلد الدهني، والجفاف. 

غير أنه لم يتم توضيح الآليات التي من خلالها تخفف المياه الحرارية من طيف واسع من المرض. ومن المعروف أن الطب الحراري هو نهج تكميلي إكلينيكي في علاج الالتهابات منخفضة الدرجة والأمراض المرتبطة بالإجهاد. ومع ذلك، فإن الآليات البيولوجية التي من خلالها يخفف استخدام المياه الحرارية من أعراض العديد من الأمراض لا تزال غير مفهومة تمامًا.

المياه الكبريتية

ويوجد في محافظة الجوف مياه كبريتية حارة في مديريتي المطمة والحميدات وتتفاوت درجة حراراتها؛ حسب ما ذكره عبدالرحمن الظمين، أحد وجهاء المحافظة لـ”المشاهد”.

ويضيف: المياه الكبريتية في مديرية الحميدات حرارتها مرتفعة أكثر من الأخرى المتواجدة في مديرية المطمة.

 ويقصد المواطنون من أبناء محافظة الجوف ومن المحافظات الأخرى هذه الينابيع الكبريتية لغرض العلاج من عدة أمراض منها الأمراض الجلدية أو المصابين بالشلل سواء النصفي أو الكامل الناتج عن الجلطات أو الناتج عن إصابات الرصاص وإلتهاب المفاصل وغيرها من الأمراض؛ وفق الظمين.

ويرى الظمين بأن الكثيرين يعتقدون بأن لهذه الينابيع الكبريتية أثر إيجابي أدى إلى تحسن كثير من الحالات المرضية التي لم تستجب للعلاج الكيميائي في المستشفيات، باستثناء من يعانون من ارتفاع ضغط الدم.

رهان جديد

وأصبحت السياحة العلاجية رهانًا جديدًا يخوض مضماره العديد من المهتمين بالقطاع السياحي، فقد عنيت الدول بهذا النوع من السياحة، باعتبارها وسيلة لتعويض النقص في السياحة العادية.

خاصة وأن عوائد السياحة العلاجية حول العالم تصل إلى عشرات المليارات سنويًا، ومن هذا المنطلق، فإن على السلطة المحلية في محافظة الجوف والحكومة اليمنية التهيؤ للاستفادة من حجم السوق المحلي والإقليمي والعالمي المتزايد على السياحة العلاجية الذي يتوقع أن يصل إلى حوالي 500 الف سائح في العام المقبل 2024، حسب تقديرات غير رسمية.

مقالات مشابهة