المشاهد نت

تفشي «الحميات» في «شرعب السلام» بتعز

صورة أرشيفية لإحدى المرضى من ضحايا الحميات في اليمن

تعز – عز الدين الصوفي

الحمى والسعال والتهابات المفاصل وآلام الظهر أعراض ظاهرة على العديد من المواطنين في قرى مديرية شرعب السلام بمحافظة تعز، جنوب غربي اليمن. خلال الأسابيع الماضية، انتشرت الحميات في شرعب السلام، بالتزامن مع اشتداد حرارة الصيف وموسم هطول الأمطار.

يسكن علي عبدالله، 30 عامًا، في إحدى قرى شرعب، ويشكو من تفشي بعض الأمراض في قريته والقرى المجاورة، إذ يقول لـ«المشاهد»: “تفشت الحميات بيننا بصورة سريعة ومفزعة، ولا نجد مراكز طبية تستطيع التعامل مع هذه الأمراض بصورة سليمة، والرعاية الصحية تكاد تكون معدومة”.

تدهور القطاع الصحي في اليمن منذ نشوب الحرب الأهلية عام 2015، وتوقفت العديد من المؤسسات الصحية جراء الصراع العسكري، إذ يشير تقرير منظمة الصحة العالمية الصادر في فبراير 2023، إلى أن العنف المستشري في اليمن أدى إلى التفشي المتكرر للأمراض، وتسبب في انهيار النظام الصحي في البلد. بحسب المنظمة، فإن 46% من إجمالي المرافق الصحية في اليمن تعمل جزئيًّا، أو قد تكون خارجة عن الخدمة كليًّا، بسبب نقص الموظفين والموارد المالية والكهرباء والأدوية والإمدادات والمعدات.

تقول مصادر طبية في مراكز صحية تابعة لمديرية شرعب السلام، إن عشرات الحالات المصابة بالحميات تصل إلى المراكز الصحية، وتزيد تلك الحالات يومًا بعد آخر، في ظل الإمكانات المحدودة في المراكز الصحية في المديرية.
وتشير المصادر إلى أن انتشار الحميات بالمنطقة جاء نتيجة لمياه الصرف الصحي المكشوفة، وتكدس النفايات التي تسببت في انتشار البعوض الناقل للأمراض.

الدكتور جلال الشرعبي، أحد الأطباء في مديرية شرعب السلام، يقول لـ«المشاهد» إن هناك انتشارًا مخيفًا لأمراض الحميات في قرى المديرية، حيث ينتمي المصابون إلى فئات عمرية مختلفة.

ويضيف الشرعبي: “يتزايد توافد الحالات إلينا، بالتزامن مع موسم الأمطار، وتختلف الأعراض التي تظهر على المصابين بهذه الحُميات مثل الحُمى، والزكام، وضيق التنفس، وآلام المفاصل والعضلات، ونوبات سُعال شديدة”.

بحسب الشرعبي، فإن غالبية المصابين بالحميات يعانون من ارتفاع درجة الحرارة، والتهابات تنفسية، وآلام في المفاصل والعضلات، وتختلف مقاومة أعراض الحُميات من شخص إلى آخر، بحسب عُمر ومناعة المصاب، ويعتبر الأطفال وكبار السن أشد الفِئات تضررًا من الوباء.

إقرأ أيضاً  من طقوس العيد.. «الحناء الحضرمي» صانع بهجة النساء

غياب الدور الرسمي والكادر المؤهل

عبدالرقيب المونسي، محامٍ من منطقة شرعب السلام، يبدي استياءه من دور الحكومة الغائب، ويقول: “مؤسف أن تتخلى الجهات الرسمية عن دورها في التخفيف من معاناة المواطنين، على وجه التحديد مكتب الصحة العامة ومركز أرصاد الأوبئة. يُفترض أن يكون لهذه الجهات دور فعال في المناطق الموبوءة بالحميات، ووضع الحلول المناسبة لمكافحة مثل هذه الأمراض”.

يشير المونسي إلى أن العلاجات المقدمة من المنظمات إلى المناطق الموبوءة ،لا تصل إلى المرضى، ولا يوجد نزول ميداني ولا حملات رش في موسم الأمطار لمنع تكاثر البعوض الذي انتشر بكثافة في عموم مناطق مديرية شرعب السلام، مضيفًا أن الكثير من المواطنين يعانون من أمراض الحميات بشكل مخيف جدًا، ويتلقون علاجات من أطباء ليس لديهم خبرة بالمرض، وهذا يتسبب لهم بأمراض أخرى.

محمد علي، مدرس تربوي في منطقة وادي نخلة بمديرية شرعب، يقول لـ «المشاهد» إن البعوض ينتشر مع دخول فصل الصيف، وتنتشر أيضًا أمراض الحميات، بخاصة حمى الضنك، في مديرية شرعب السلام، مشيرًا إلى أن تكدس القمامة في مجاري السيول وضعف الدور الرقابي لمكتب الصحة العامة أسهم في انتشار الحميات في المديرية.

ويضيف علي: “يتلقى مرضى الحميات العلاج من أطباء وممرضين غير متخصصين، وهو ما يجعل المريض يعاني أكثر، ويتضاعف سوء حالته الصحية، وإذا ما رأينا الواقع في هذه المديرية، سنجد أنه برغم انتشار الحميات، إلا أنه لا توجد أي مراكز خاصة لاستقبال هذه العينة من المرضى”.

مع التزايد المستمر لأعداد الحالات المصابة بالحميات في شرعب السلام، يدعو علي الجهات الرسمية إلى التحرك لاستئصال العوامل التي تسهم في انتشار هذه الأوبئة، والتخفيف من المعاناة التي يعيشها المواطن في ظل الحرب والمرض.

مقالات مشابهة