المشاهد نت

من طقوس العيد.. «الحناء الحضرمي» صانع بهجة النساء

صورة أرشيفية لطقوس نفس الحناء في العيد عند اليمنيات

حضرموت – إكرام فرج

يمثل الحناء أحد الطقوس العيدية التي يحرص عليها اليمنيون في مختلف مناطق البلاد، ويشكل أهمية خاصة بالنسبة للنساء بالدرجة الأولى، كمصدر لسعادة اليمنيات، اللاتي لا بد أن ينقشنّ أيديهنّ لاستكمال فرحة العيد.

وتشتهر محافظة حضرموت بزراعة الحناء في عدة مناطق ساحلًا وواديًا، وتنتج المحافظة أصنافًا تتميز بمميزات تختلف من حيث الشكل المورفلوجي للنبات والصبغة الناتجة عنه.

وترجع زراعة الحناء إلى آلاف السنين وتوارثها الأبناء من آبائهم وجعلها مصدر دخل أساسي لهم وتعد من أهم الأنشطة الزراعية في حضرموت تحديدًا.

زراعة الحناء.. ثقافة

من أشهر المدن التي ذاع صيتها في زراعة الحناء بحضرموت، مدينة “غيل باوزير”، التي أخذت شهرة تسويقية باسم “الحناء الغيلي”.

كما يشتهر وادي حضرموت بميزة تسويقية لا تقل شهرة عن الساحل، تسمى أصناف الحناء هناك بـ”الحناء الحضرمي” أو “شغل سيئون”.

وتزرع بحضرموت عدة محاصيل زراعية، لكن محصول الحناء أشهرها على الإطلاق، ويطلق على المنطقة التي تزرع فيها باسم “الحرث”؛ لكونها منطقة شاسعة، بحسب المزارع سالم باعمر.

ويقول باعمر لـ«المشاهد» إن زراعة الحناء في حضرموت عملية تتطلب الكثير من الجهد، إذ يتم زراعتها في مناطق محدودة، وتحتاج إلى تربة خصبة، وكميات مناسبة من المياه، بالإضافة إلى توافر الأسمدة الطبيعية والعضوية

ويشير إلى أن المزارعين يعانون في السنوات الأخيرة من غلاء أسعار الأسمدة في الأسواق المحلية، بعكس ما كانت عليه في السابق، وباتت اليوم تشكل عوائق ومشكلات أمام زراعة الحناء.

ويضيف باعمر أن الحناء يمثل جزءًا من التراث الثقافي والتقليدي لليمنيين، ويتم استخدمه في العديد من المناسبات والتقاليد الشعبية كزينة للنساء، وفي صناعة الشامبو وتدخل في علاج الأمراض الجلدية وتكفين الموتى.

أوراق الحناء

يذكر الاستشاري والخبير الزراعي والبيئي، جهاد باوزير، أن الجزء الذي له أهمية اقتصادية في نبات الحناء والتي تعطي الصبغة هي الأوراق، وتمر بعدة مراحل منها: الزراعة والخدمة والحصاد والتجفيف.

ويضيف باوزير لـ«المشاهد» أن وصول الحناء إلى المستهلكين تسبقه مرحلة الدراس أو الدق (فصل الأوراق عن السيقان) والتنظيف، ثم الطحن، أي تحويلها إلى مسحوق ناعم جاهز للاستخدام.

إقرأ أيضاً  تكحيل العين…طقس رمضاني مهدد بالاختفاء في صنعاء

وللحصول على مسحوق جيد من أوراق الحناء يقول باوزير إن العناية يجب أن تبدأ من الأرض الزراعية، وخدمة النبات في الوقت المناسب والنمو الجيد، وتوالي الحش، ثم تخرج للسوق كمنتج محلي جاهز للتسويق والبيع.

تراث الحناء

تتحدث المعيدة بكلية الزراعة بجامعة صنعاء، وخبيرة الأغذية والبيپة، المهندسة تيسير السنحاني، عن الجهود التي يمكن أن تساهم في الحفاظ على تراث زراعة الحناء في اليمن ودعمه للإقتصاد المحلي، وتوفير الدعم المالي والتقني للمزارعين لتحسين تقنيات الزراعية الحديثة وزيادة كفاءة إنتاج الحناء.

واقترحت السنحاني في حديثها لـ«المشاهد» تنظيم دورات تدريبية وورش عمل، أو ما يسمى بالمدارس الحقلية؛ لتبادل المعرفة والخبرات فيما يتعلق بزراعة الحناء واستخدام أساليب الزراعة المستدامة.

كما دعت إلى تشجيع البحث العلمي والابتكار في مجال زراعة الحناء؛ لتطوير سلالات جديدة وتحسين جودة المنتج، وتسهيل وتشجيع عمليات تسويق منتجات الحناء وتوفير قنوات لتوزيعها بشكل فعال.

الأهمية الاقتصادية

وقالت السنحاني إن زراعة الحناء لها أهمية اقتصادية كبيرة؛ نظرًا لتوفير فرص العمل وتنوع استخداماتها في الصناعات المختلفة، ومصدر عيش للعديد من الأشخاص، من خلال عمليات الإنتاج والتصدير والصناعات المرتبطة بها مثل عمليات الطحن وصناعة العطور.

ويستخدم الحناء في صناعة الروائح والعطور، ويدخل في تركيب بعض المستحضرات وتحضير بعض الأدوية؛ مما يزيد من قيمته الاقتصادية؛ ووفقًا لبعض الدراسات، فإن للحناء فوائد صحية، مثل قدرته على القضاء على الجراثيم والفطريات، بحسب السنحاني.

المعيدة بكلية الزراعة في جامعة صنعاء، أشارت إلى أن الحناء يمكن أن تسهم زراعته في تعزيز الاقتصاد المحلي، وتوفير فرص عمل للمجتمعات المحلية، من خلال تعزيز الإنتاجية وتخفيض التكاليف، وتعزيز القدرة التنافسية بين منتجي الحناء وتحقيق الأمن المعيشي لهم.

لكنها اشترطت لتحقيق ذلك دعم المزارعين المحليين على تحسين تقنيات الزراعة، وزيادة كفاءة إنتاج الحناء من خلال تعاون مع الجهات المعنية، ومنها هيئات البحوث وكليات الزراعة، بإشراف متخصصين ومهندسين مدربين، وبالتالي العمل على توفير فرص عمل للمجتمعات المحلية المتعلقة أو المرتبطة بهذا المحصول المهم.

مقالات مشابهة