المشاهد نت

تكحيل العين…طقس رمضاني مهدد بالاختفاء في صنعاء

لأول مرة، السلطات في صنعاء تمنع ممارسي تكحيل العين في رمضان في الجامع الكبير في صنعاء-تصوير نزار مقبل

صنعاء- علي ناصر

تصوير-نزار مقبل

منذ عشرين عاماً، اعتاد إسماعيل البواب، 60 عاما، القدوم إلى ساحة الجامع الكبير بصنعاء في أيام شهر رمضان  بهدف تكحيل أعين الناس بمادة الإثمد، دون أن يطلب أي مبلغ مالي مقابل ما يقوم به. وفي حال أراد أي شخص أن يدفع مبلغا ، يقبل البواب ذلك. 

في رمضان هذا العام، لم يستطع البواب الاستمرار في هذا العمل، بعد أن منعته هيئة الأوقاف بصنعاء. العديد من كبار السن الذين دأبوا على تكحيل أعين الناس في الجامع الكبير في صنعاء توقفوا أيضا عن هذه العادة الرمضانية.  

في حديثه لـ “المشاهد”، يقول البواب: “لا أعرف سبب منعي من الاستمرار في هذا العمل، وهذه هي المرة الأولى التي تمنعنا السلطات من القيام بتكحيل أعين الناس”. 

طقوس متوارثة

تكحيل العين…طقس رمضاني مهدد بالاختفاء في صنعاء
تكحيل العين في رمضان في الجامع الكبير بصنعاء، عادة مهددة بالاختفاء عقب منع السلطات هذا العام -تصوير نزار مقبل

تكحيل العينين من العادات والتقاليد اليمنية المتوارثة في شهر رمضان. كان الأطفال والرجال في الأعوام الماضية يأتون إلى البواب وأمثاله لكي يكحلوا عيونهم بالإثمد، اعتقادا منهم أن لهذه العادة تأثير إيجابي على النظر. 

الإثمد مادة ذات لون أسود داكن مائل إلى الاحمرار، تستخرج من الحجر الذي يُطحن ليُستخدم مسحوقه لتكحيل العين، وهذه المادة موجودة في اليمن، لكن جودتها ليست عالية كما هو حال الإثمد المغربي أو السوري أو الإيراني الذي يباع في الأسواق اليمنية، بحسب محمد الشنيني الذي يعمل في أحد محال العطارة بصنعاء. 

يقول الشنيني لـ”المشاهد”: “يتزايد الطلب على شراء الإثمد خلال شهر رمضان، ولكن مع ارتفاع سعره يلجأ البعض شراء مادة الأقليط المستخرجة من شجرة عود الأقليط التي تُزرع  في ضواحي صنعاء، وعادة ما يكون سعرها أقل من الإثمد”. 

إقرأ أيضاً  لحج: «الكثبان الرملية» تودي بحياة مرتادي الطرق

محمد الملصي، 20 عاما، من صنعاء، يتذكر تجربة تكحيل عينيه لدى البواب في ساحة الجامع الكبير بصنعاء ويقول: “بعد تكحيل العينين، شعرت بألم فيهما، ثم اختفى بعد مرور دقيقتين، وعادت العينين كما كانت”. 

يضيف لـ “المشاهد”: “يحرص والدي وإخواني على تكحيل أعينهم في رمضان من أجل تقوية البصر، وهذه العادة لا يمكن أن نتجاهلها “.

 فوائد الإثمد

تشير الكتب الدينية أن الرسول محمد صلى الله عليه وسلم، قد تكحل، وفي كتاب “سنن الترمذي”، فإن ” النبي كانت له مكحلة يكتحل بها كل ليلة”. وتقول المراجع الدينية إن للكحل بالإثمد فوائد عديدة،منها  إنه “ينبت الشعر  ويجلو البصر”. 

في حديثه لـ”المشاهد”، يرى الدكتور محمد مسعود، إخصائي جراحة العيون، أن تكحيل العينين مفيد، إذا تم استخدام كحل الإثمد، فهو يحمي من الالتهابات، وكثرة إفراز الدموع  التي تصاب العين، بخاصة لكبار السن والأطفال. 

يشير مسعود إلى أن كحل الإثمد يساعد على نمو الرموش، وإيقاف النزيف الداخلي للعين، وتقوية النظر. لكنه يحذر من استخدام نفس المِكْحال لأشخاص كُثر دون تعقيم، لأن ذلك قد يسبب انتقال  الفيروسات التي قد تصيب العينين، ومنها الأكثر شيوعا “عدوى بكتيريا التهابات الملتحمة”.

اليوم، لا يستطيع البواب تكحيل عيون الناس بالإثمد في الجامع الكبير بصنعاء، لكن من اعتادوا على زيارته، يذهبون إلى بيته لتكحيل أعينهم في رمضان. 

مقالات مشابهة