المشاهد نت

مدارس لكسب الأموال أم للحفاظ على جودة التعليم؟

مجانية التعليم في خطر في صنعاء في ظل استمرار انقطاع رواتب العاملين في التعليم

إبراهيم يحيى & خالد المكردي:

في أحد أيام العام الدراسي الماضي، دخل مدير مدرسة خاصة بصنعاء إلى الفصل لمتابعة الطلاب الذين لم يدفعوا الرسوم الدراسية. كان الطالب أحمد السماوي واحدًا من أولئك الذين لم يستطيعوا دفع الرسوم الدراسية كاملةً. حينها، قرر المدير إخراج السماوي من الفصل، ولم يقبل عذرًا أو يبدِ تفهمًا. مازال الطالب يتذكر مرارة تلك اللحظة التي شعر فيها بإحراج شديد أمام زملائه.

في الثاني والعشرين من يوليو، بدأ العام الدراسي الجديد 2023/2024 في كل المحافظات التي تقع تحت سلطة حكومة صنعاء، وبدأ فصل جديد من المعاناة التي تتحملها آلاف الأسر عند دفع الرسوم الدراسية الباهظة في المدارس الخاصة في ظل الظروف الاقتصادية الصعبة التي تشهدها البلاد.

فؤاد الغولي، 42 عامًا، يقول لـ”المشاهد” إنه تصفح البوابة الذكية التابعة لوزارة التربية والتعليم بصنعاء، واطلع على الرسوم التي حددتها الوزارة في كل مدرسة. ظهر في البوابة الذكية أن الرسوم الدراسية المفروضة على طلاب الصف الثالث الأساسي في إحدى المدارس الخاصة، 85 ألف ريال.

الإدارت المدرسية تبرر رفع الرسوم الدراسية نظرًا لاتفاع الإيجارات والجبايات التي تفرضها عليهم السلطات الحاكمة في صنعاء. يقول مدير مدرسة خاصة بأمانة العاصمة لـ”المشاهد” إن الأسعار التي تظهر في البوابة الذكية تم اعتمادها قبل أربع سنوات عندما قمنا بتجديد التراخيص الخاصة بالمدرسة، ولكن الأسعار ارتفعت بسبب ارتفاع إيجار المباني الخاصة بالمدرسة.

اعتقد الغولي أن تلك الرسوم معقولة، وقرر أن يسجل ابنه هناك. لكنه تفاجأ بعد أن وصل إلى المدرسة، حيث أخبروه أن الرسوم الحقيقية هي 105 آلاف، بالإضافة إلى رسوم التسجيل والكتب والزي المدرسي. ويضيف: “قمت بتقديم شكوى عبر البوابة الذكية وأرقام الواتساب الموجودة في قائمة البوابة الذكية، ولكن دون فائدة، ولم يتم التواصل معي حتى اللحظة”.

الإدارت المدرسية تبرر رفع الرسوم الدراسية نظرًا لاتفاع الإيجارات والجبايات التي تفرضها عليهم السلطات الحاكمة في صنعاء. يقول مدير مدرسة خاصة بأمانة العاصمة لـ”المشاهد” إن الأسعار التي تظهر في البوابة الذكية تم اعتمادها قبل أربع سنوات عندما قمنا بتجديد التراخيص الخاصة بالمدرسة، ولكن الأسعار ارتفعت بسبب ارتفاع إيجار المباني الخاصة بالمدرسة.

يشير مدير المدرسة إلى أن هناك بعض النافذين في الوزارة يجبرون المدارس الخاصة على اعتماد منح دراسية في مختلف الصفوف الدراسية، وهذا الأمر يتسبب بخسائر مادية للمدرسة.

منذ اندلاع الحرب عام 2015، بلغ عدد الطلاب المتسربين من المدارس بالمراحل التعليمية المختلفة، نحو المليوني طالب، بحسب تقارير أممية، وفقدت العديد من الأسر اليمنية اهتمامها بالتعليم بسبب الظروف الاقتصادية الصعبة، وأجبر الآلاف من المعلمين في المدارس الحكومية على الانصراف عن التعليم والبحث عن وظائف أخرى.

تعليم أفضل

يعمل سفيان الحيمي، 50 عامًا، موظفًا في القطاع الخاص بصنعاء، ويستلم راتبًا شهريًا متواضعًا، لكنه لا يقبل أن يسجل أبناءه في مدارس حكومية، معتقدًا أن التعليم في المدارس الخاصة أقوى وأفضل، لا سيما بعد أن توقفت رواتب المدرسين في المدارس الحكومية عام 2016.

إقرأ أيضاً  المنخفض الجوي .. أضرار في البنية التحتية بـ المهرة وحضرموت

خلال السنوات الثلاث الماضية، حرص الحيمي على دفع الرسوم الدراسية برغم أن راتبه الشهري (120 ألف ريال يمني) لا يكفيه لدفع الرسوم، وتوفير متطلبات العيش. يقول الحيمي لـ”المشاهد”: “لدي ثلاثة أبناء يدرسون في مراحل مختلفة، وأدفع رسومًا سنوية 650 ألف ريال. بعت ذهب زوجتي، وسلاحي نوع كلاشنكوف من أجل أن يتعلم أبنائي تعليمًا جيدًا”.

مروان العاقل، 35 عامًا، موظف في القطاع الخاص بصنعاء، يرى أن المدارس الحكومية لا تقدم تعليمًا يمكن الطالب من الكتابة والقراءة بشكل مقبول في الصفوف الأولى، لأن تلك المدارس تفتقر للمدرسين المنضبطين، والوسائل التعليمية والكتب الدراسية. يقول العاقل لـ”المشاهد”: “لهذه الأسباب، سجلت ابنتي في مدرسة خاصة أساسية رغم رسومها الباهظة جدًا، وأعتقد أن طفلتي ستحصل على تعليم أفضل”.

معلم بمدرسة خاصة بصنعاء، يقول لـ”المشاهد” إن الإقبال على التسجيل في المدارس الخاصة يتزايد كل عام، بالرغم من ارتفاع الرسوم الدراسية، مشيرًا إلى أن عدم صرف رواتب المعلمين في المدارس الحكومية، منذ سنوات، أدى إلى خروج المعلمين منها للبحث عن فرص عمل لدى المدارس الخاصة، وهذا أثر سلبًا على جودة التعليم الحكومي.

تزايد المدارس الخاصة

ملاطف المطري، مدير المنطقة التعليمية بمديرية الصافية، يقول لـ”المشاهد” إن وزارة التربية والتعليم تستمر في رقابة ومتابعة المدارس الخاصة في الأمانة، وفي حال وجود مخالفات من قبل المدارس أو شكاوى من الآباء، يتم بالتأكد من خلال النزول الميداني ورفع التقارير إلى المختصين في وزارة التربية والتعليم.

بحسب المطري، وصل عدد المدارس الخاصة المرخصة في أمانة العاصمة إلى 689 مدرسة موزعة على مختلف مديريات الأمانة، مشيرًا إلى أن اختلاف الرسوم من مدرسة لأخرى يعتمد على الخدمات التي تقدمها هذه المدارس، مثل المباني الواسعة والمناهج والوسائل التعليمية الحديثة كالشاشات الذكية المرتبطة بالإنترنت، والمناهج باللغة الإنجليزية.

تزايدت أعداد المدارس الخاصة خلال سنوات الحرب، لكن بعض التربويين يعتبرون أن انتشار المدارس الخاصة لا يعني تطور التعليم، لأن معظم المؤسسين يسعون إلى الربح، ولا يضعون جودة المخرجات التعليمية هدفهم الأساسي.

رياض الرصاص، موجه تربوي بصنعاء، 55 عامًا، يقول لـ”المشاهد” إن التعليم في المدارس الخاصة “سيئ للغاية”، لأن الكثير منها لا تمتلك حتى المباني المناسبة، والمباني الخاصة بها كانت شققًا سكنية تم تحويلها إلى مدارس.

يشير الرصاص إلى أن انتشار المدارس الخاصة يتسم بالعشوائية، حيث تفتقر بعض المناطق للمدارس، بينما ثكثر في مناطق أخرى. ويختم حديثه بالقول: “الطلاب في المدارس الخاصة يتم تدليلهم بشكل كبير على حساب المعلم، وأصبحت هناك قاعدة في أغلب المدارس الخاصة أن (الطالب أولًا)، وهذا يعني أن هدف هذه المدارس تحقيق الربح المادي على حساب جودة التعليم”.

مقالات مشابهة