المشاهد نت

المرأة الريفية في موسم “علان”

توكل إلى المرأة الريفية مهام زراعية شاقة تشمل الثروة الحيوانية وجمع الأعلاف-الصورة نقلا عن وكالة الصحافة الفرنسية

ذمار – رفيق محمد

تستيقظ صفية (اسم مستعار لامرأة في ريف ذمار)، وهي كبيرة في السن، قبل طلوع الشمس، لتؤدي روتينها اليومي المتمثل بالاعتناء بالأبقار، وعمل ما يلزم من إطعامهن وحلبهن، لتعود مباشرة إلى مطبخ بدائي تجهز طعام الإفطار، وبسرعة، لأن أمامها يومًا كاملًا من العمل الشاق في المزرعة.

في الريف اليمني، توكل أعمال كثيرة في أمور الزراعة، وتربية المواشي، إلى المرأة، بعض هذه الأعمال شاقة و خاصة بالرجال.

تجد صفية نفسها أمام شقاء لا يتوقف طوال العام، لكن هذه الأعمال تتضاعف في “علان” أو “ذو علان”، وهو أحد شهور السنة الزراعية في اليمن، أو التقويم الحميري، ويبدأ في 14 سبتمبر وينتهي في 13 أكتوبر، حسب تقويم أرض السعيدة للباحث الفلكي، خليل الفضلي الجبزي.

بحسب منظمة الأغذية والرزاعة التابعة للأمم المتحدة (الفاو)، فإن 61.5% من السكان في اليمن يتركزون في الريف، ويعتمدون غالبًا على النشاط الزراعي.

تقول صفية في حديثها لـ”المشاهد”: “سقطت في المزرعة أثناء قيامي بجمع الأعلاف للبقر، وانكسرت يدي، قبل ثلاثة أشهر، ولأنني وحيدة ليس لدي أبناء، كانت فترة المرض شاقة عليّ أنا وزوجي الذي يعاني من السمنة، وعندنا ثلاث أبقار وثور”.

لم يستطع زوج صفية توفير المبلغ الكافي لإسعافها إلى المستشفى، واضطرت لمعالجة يدها بطرق تقليدية في المنزل، وهو ما أخر فترة التعافي، وضاعف الآلام.

وتضيف: “مازالت يدي تؤلمني، والآن جاء موسم حز الحشائش وترتيبها، وهذا يحتاج مني جهدًا أكبر، لأن هذا العمل هو أصعب عمل في المزرعة”.

موسم جز الأعلاف

المرأة الريفية في موسم "علان"
في موسم “ذو علان” تتضاعف مهام المرأة الريفية في اليمن

تتضاعف هموم ومعاناة المرأة الريفية مع قدوم هذا الموسم الذي يقوم فيه المزارعون بجز الحشائش من أطراف الجرب وجوانبها، يدويًا، باستخدام “الشَّريم”، ليقوموا بلفها بإتقان، بطريقة شاقة، على شكل حزم صغيرة يتم ادخارها إلى الشتاء كأعلاف للمواشي.

وهكذا تدور صفية وأمثالها من النساء الريفيات، في حلقة من الشقاء والكد التي تكاد لا تنتهي حتى تبدأ من جديد.

إقرأ أيضاً  صاعقة رعدية تقتل شابًا بذمار

وفي القرية المجاورة التقينا فاطمة أحمد، وهي في العقد الرابع، متجهة بصحبة ابنتها، حاملة معها الأدوات الخاصة بحز الحشائش من “شُرم” وغيرها، إلى مزرعتها التي تبعد عن منزلها أكثر من كيلومترين.

تقول فاطمة: “سنويًا نقوم بحز ٥٠٠ حزمة من مزارعنا، ونقضي عدة أسابيع شقاء وعمل متواصل أنا وابنتي فقط، أما زوجي فيرفض العمل معنا بحجة أنه عمل شاق ولا يقدر عليه”.

ولأن عمل حز الحشائش شاق، ويحتاج أكثر من شخص، بخاصة عندما يتم لفها وتخزينها، تضطر البعض من النساء الوحيدات، للعمل مع الجيران من أجل الحصول على دعم الجيران عندما تبدأ عملها في مزرعتها.

تقول جميلة ناصر: “لليوم الثالث وأنا أعمل مع جارتي في مزارعها، وعندما أعمل معها ثلاثة أيام، ستأتي جارتي، وتعمل معي ثلاثة أيام نفس المدة، وهذا يساعدني على القيام بالعمل، لأنني وحيدة، ولن أتمكن من لف الحشائش وترتيبها”.

ولا تنتهي معاناة المرأة الريفية بانتهاء هذا الموسم الزراعي، بل تستمر طوال الفصول الأربعة، في سلسلة من الأعمال الطويلة المرهقة والشاقة، بمختلف مراحلها العمرية، هذا إلى جانب مشاق الحمل والولادة وتربية الأولاد وتدبير شؤون المنزل.

يقول الناشط فاروق النهمي، في حديث لـ”المشاهد”: “إن المرأة الريفية تنشأ في بيئة تحكمها العادات والتقاليد، وهي أنظمة ترى أن ممارسة أعمال الزراعة وجمع الأعلاف تدخل ضمن المهام الخاصة بالنساء دون الرجال”.

ويشير النهمي إلى أن حمل المرأة الريفية أعباء وتبعات العمل الزراعي، يؤكد حقيقة أن المرأة الريفية تشكل الانعكاس الواضح لدور المرأة في بناء المجتمع، بحقائق جلية تترجم واقعيًا شراكتها الفعلية للرجل.

ويقول الخبير الزراعي ورئيس جمعية عتمة الزراعية، ماجد الغابري: “المرأة الريفية تحمل على عاتقها الأعمال الشاقة في سبيل إطعام الحيوانات، وتوفير الأعلاف لها، والاحتطاب، وأعمالًا في الزراعة من بداية  التلام (تجهيز الأرض للبذور) إلى الصراب “الحصاد””.

مقالات مشابهة