المشاهد نت

تأشيرة العمل السعودية.. هروب من البطالة إلى المجهول  

صنعاء – رفيق محمد

في عام 2021، تخرج محمد، 27 عامًا، من كلية الإعلام بصنعاء، وبدأ في البحث عن فرصة عمل في مجال تخصصه الجامعي. مضت أشهر بعد تخرجه، وأدرك أن فرص العمل في اليمن نادرة، وإن توفر العمل، لا يحصل الموظف على دخل مادي جيد. 

قرر محمد عام 2022 السفر إلى المملكة العربية السعودية للبحث عن فرصة عمل، فقام بشراء تأشيرة عمل سعودية ب ٦٠٠٠ ألف ريال سعودي، بالإضافة إلى مبالغ أخرى تكبدها أثناء المعاملة والسفر. 

يقول محمد لـ«المشاهد»: “ظننت أن معاناتي ستنتهي بمجرد الحصول على التأشيرة والوصول إلى الأراضي السعودية، ولم أكن أعلم أن مرحلة جديدة من المعاناة ستبدأ عند وصولي إليها”. 

يضيف: “بعد وصولي إلى المملكة، قدمت للحصول على إقامة مؤقتة، ودفعت ما يقارب ٣٠٠٠ ألف سعودي. ولأني لا أملك هذا المبلغ، اضطررت للتواصل مع والدتي في البلاد لكي تحاول تجهز المبلغ، وتعطي صاحب المكتب في صنعاء حتى يتواصل مع الكفيل لحل هذه المشكلة”.

بعد أن حصل محمد على الإقامة المؤقتة، استمر في البحث عن عمل لمدة شهرين، لكنه لم يجد مبتغاه.

كان محمد يسأل أشخاصًا يعرفهم لكي يساعدوه للحصول على فرصة عمل، بالإضافة إلى الاستعانة ببعض المواقع في الإنترنت التي تنشر الوظائف الشاغرة في المملكة العربية السعودية، مثل موقع مرجان.

يتدفق المئات من اليمنيين إلى المملكة العربية السعودية كل شهر بحثًا عن فرص عمل، حيث وصل عدد تأشيرات العمل التي أصدرتها السعودية خلال خمس سنوات ماضية إلى نصف مليون تأشيرة، بحسب السفير السعودي لدى اليمن، محمد آل جابر.

ويتواجد ما يقارب مليوني مقيم يمني في المملكة العربية السعودية. 

منذ نشوب الحرب اليمنية عام 2015، ارتفعت نسبة البطالة في البلاد إلى نحو 60 بالمئة، وفق تقارير حكومية، ولم يستطع القطاعان العام والخاص العمل على توفير فرص عمل جديدة في ظل توقف الاستثمار الخارجي في اليمن وتراجع الاستثمار الداخلي. 

معاناة نقل الكفالة

برغم تسهيل إجراءات الحصول على تأشيرة العمل السعودية، إلا أن اليمنيين يواجهون صعوبات عدة في طريق بحثهم عن العمل في المملكة، بخاصة أولئك الذين ليس لديهم مهارات عمل جيدة في مجالات محددة. نقل الكفالة واحدة من الصعوبات التي يواجهها المغترب اليمني في السعودية. 

إقرأ أيضاً  توسع البناء العشوائي في المدن الثانوية بتعز

وبعد شهرين من وصول محمد، جاءه اتصال من أحد الباحثين عن عمال، وأخبره أن يسافر إلى بيشه للعمل هناك. تحرك إلى بيشه ، وعمل هناك لمدة شهر.

وبعد مرور شهر في العمل، طلب محمد من صاحب العمل نقل الكفالة، لكن صاحب العمل رفض بحجة أنه يكفل أربعة أشخاص، وهو العدد المسموح. 

يقول محمد: “عندما يحصل المغترب على عمل، يحتاج إلى نقل الكفالة إلى الشركة التي يعمل فيها، وهنا يجد المغترب اليمني نفسه أمام فصل آخر من فصول المعاناة.” 

قرر محمد التوقف عن العمل، بغية الحصول على عمل آخر حتى يتمكن من نقل الكفالة ويتجنب الوقوع في مخالفة. وبعد شهرين، وجد كفيل فردي، وتمكن من نقل الكفالة ليعمل في محل بيع العطور، لكنه دفع  غرامة بسبب تأخره في نقل الكفالة.

الشهادة الجامعية دون جدوى 

خلال السنوات الماضية، أصدرت المملكة قرارات بتوطين العديد من المهن في مجالات مختلفة، حيث أصبح العمل في تلك المهن متاحًا للسعوديين فقط، وهذا الأمر أثر على الباحثين عن عمل من الأجانب. 

يقول محمد لـ «المشاهد» إنه كان يعتقد أن شهادته الجامعية قد تساعده في الحصول على عمل بشكل أسرع، لكن ذلك لم يكن صحيحًا. يشير إلى أنه لم يحتج لعرضها على أصحاب العمل، ولم يسألوا عن أي شهادات جامعية. 

يضيف: “في المملكة لا جدوى من شهادتك الجامعية، ولا داعي للحديث عنها، وليس أمامك كمغترب يمني سوى أن تجيد مهارات العمل اليدوي كالبناء والسباكة والنجارة وغيرها”. 

وبسبب عدم الحصول على عمل أو الخوف من الرسوم التي يجب دفعها مقابل تجديد تأشيرة العمل أو غيرها من الغرامات، يقع العديد من المغتربين تحت ضغط نفسي بالإضافة إلى الشعور باليأس والإحباط.

وفي أغسطس من هذا العام، أقدم مقيم يمني في الرياض على الانتحار نتيجة لظروفه الاقتصادية التي يعيشها وعجزه عن الحصول على عمل.

يختم محمد حديثه، ويقول: “كل من يفكر في الاغتراب بالسعودية يجب أن يتعلم الأعمال اليدوية، ويتجنب السفر دون تخطيط أو دون تنسيق مسبق مع جهة العمل، ودون ذلك، أرى أن السفر إلى السعودية خطوة إلى المجهول”. 

مقالات مشابهة