المشاهد نت

غياب الإجراءات الطبية يزيد من الأخطاء الطبية

القصور في التشخيص الطبي يسبب مضاعفات للمريض قد تؤدي للوفاة-الصورة نقلا عن الشرق الأوسط

صنعاء – وداد ناصر:

مها أحمد (28 عامًا)، تسكن في مدينة صنعاء. بدأت مشكلة مها حين شعرت بصداع نصفي لم تستطع على تحمله، مع ضغط وانحراف في العين، وبعد ذهابها لمراجعة طبيب العيون أخبرها  أن لا مشكلة في العين، وقد يكون السبب متعلقًا بمشاكل في الدماغ، وطلب عمل فحص الرنين المغناطيسي MRI للتأكد، بعد نتائج الرنين نصحها بمراجعة طبيب مخ وأعصاب.

اضطرت مها للذهاب إلى طبيب مخ وأعصاب، بعد معاناة وصعوبة في الحصول على حجز الموعد والانتظار، ومع شكوك الطبيب بوجود كتلة صغيرة في الدماغ، طلب فحوصات جديدة وعمل فحص رنين آخر بصبغة MRV، كان التوتر والقلق يعصف بي، وتحملت أقسى وأطول ربع ساعة خوف في حياتي، حسب وصفها.

لم تطمئن مها وعائلتها، و اضطروا للذهاب لطبيب آخر. كانت مواعيد الحجز للدخول تتطلب انتظارهم شهرًا كاملًا، ولكنه كان طبيبًا متمكنًا، والجميع يشيد بعمله وسمعته، حسب تعبيرها. وبناء على نتائج الأشعة التي طلبها تبين وجود جلطة، وقرر ضرب إبر “مانعة التخثر”.

تقول مها: “كانت مؤلمة. يداي تحولتا للون الأزرق، كنت أضطر لضرب الإبر مرتين في اليوم”.

بعد معاناة طويلة وتدهور حالة مها الصحية، قررت عائلتها السفر إلى الأردن، ومحاولة إنقاذ ما تبقى من نفسية مها المتعبة، والاطمئنان على وضعها الصحي.

في الأردن، تم إجراء فحوصات جديدة، حيث لم تكن فحوصات اليمن واضحة ودقيقة، بحسب الأطباء، “وهنا كانت الصدمة”، تتحدث مها، مضيفة: “بعد طلوع نتائج الفحص لا يوجد تخثر ولا جلطة”.

 كل ما في الأمر كانت أعراض صداع نصفي وشقيقة يتم علاجها بأدوية بسيطة.

 وتضيف: “أخبرني الطبيب أن جسدي قوي وقادر على التحمل، ولو كنت استمررت على الإبر مانعة التخثر، كان ممكنًا أن يحصل نزيف”.

لم تكن مها وحدها من عانت مثل هذه التجربة. الكثير من الأشخاص لهم تجارب قاسية، البعض من المقتدرين ذهبوا للعلاج وإعادة التشخيص في مدن عديدة مثل الهند ومصر، ومن لم يكن بمقدورهم السفر وتحمل تكاليف الفحص والعلاج، ظلوا في معاناة دائمة.

القصور في التشخيص

ترى سمر أبو غانم، أخصائي أول صحة عامة، أن “اليمن يوجد بها أطباء ذوو كفاءة عالية، ويعملون بمهنية عالية، وأن المشكلة تكمن في عدم مواكبة التطورات والأبحاث العلمية والتقنية الجديدة والمستمرة كما يحدث في دول العالم”.

تقول أبو غانم لـ”المشاهد” إن الإمكانيات في اليمن للأسف ضعيفة، والتطورات العلمية والأجهزة الطبية في تطور مستمر في العالم ولا تصل لليمن”.

وتضيف: لا توجد في اليمن مجالات للأبحاث التقنية في الجانب الطبي بحيث يمكننا مواكبة التطور العلمي والوصول إلى أساليب تشخيصية متطورة بسبب ضعف الإمكانيات. وتقول: “في الخارج تتوفر إمكانيات طبية بتقنيات جديدة وأجهزة متطورة تمكنهم من التشخيص الدقيق”.

إقرأ أيضاً  ما حقيقة صور تشييع جنازة الزنداني في تركيا؟

مسؤولية الأخطاء الطبية

الخطأ الطبي يعد جريمة حسب القانون اليمني في حال نتج عن الخطأ وفاة المريض أو أدىى إلى عاهة . تنص المادة 241 من قانون الجرائم والعقوبات رقم 12 لسنة 1994: يعاقب بالدية المغلظة أو الحبس مدة لا تزيد على خمس سنوات من اعتدى على سلامة جسم غيره بأية وسيلة، ولم يقصد من ذلك قتلًا، ولكن الاعتداء أفضى إلى الموت”.

وتنص المادة 245 من القانون نفسه: يعاقب بالدية أو الأرش على حسب الأحوال من تسبب بخطئه في المساس بسلامة جسم غيره، وبالحبس مدة لا تزيد على سنة أو بالغرامة، وإذا نشأ عن الجريمة عاهة مستديمة أو إذا وقعت نتيجة إخلال الجاني بما توجبه عليه أصول وظيفته أو مهنته أو حرفته أو مخالفته للقوانين واللوائح أو كان تحت تأثير سكر أو تخدير عند وقوع الحادث، كانت عقوبته الحبس مدة لا تزيد على سنتين أو الغرامة”.

الخدمة الصحية منظومة متكاملة لا تقتصر على دور الطبيب أو التشخيص والعلاج فقط، ولكن حتى المريض بإدراكه ووعيه ومتابعته قد يكون المسؤول عن ذلك، حسب الدكتور سهل الإرياني، طبيب مختص بدراسة البيانات الطبية، في حديث لـ”المشاهد”.

يقول الإرياني: “إن العديد من الأخطاء الطبية لا يتم الإبلاغ عنها من قبل المتخصصين في الرعاية الصحية، بسبب الخوف من العقاب، وربما يتم إخفاؤها من قبل المرضى وعائلاتهم للشعور بأن التبليغ عنها ربما يكون بدون طائل  أو رادع”.

ويضيف: “حوالي ٨٠٪ من أسباب الوفيات يكون سببها أخطاء في التشخيص بسبب عدم فاعلية المحاليل التي يستخدمها المختبر، أو التقصير في الإجراءات سواء من قبل الطبيب أو الممرض أو الإجراءات الإدارية”. ويتابع: “حوالي ٢٠٪ سببها بطء إجراء التدخلات المناسبة للمريض”.

في نتائج المسح الميداني لبعض المرافق الصحية، الذي قام به الدكتور الإرياني في العام 2014، وجد أن “٩٥٪ من الإجراءات الطبية غير مكتملة من ناحية  أخذ تفاصيل وقصة المرضى، مرورًا بعمل الفحوصات العلمية، وانتهاءً بمتابعة المرضى، كل تلك الخطوات لم تكن ممنهجة”، حسب الإرياني.

وأوضح أن الأطباء وإدارة المرافق الصحية هم المسؤولون على متابعة الإجراءات الطبية، ولكن دور وزارة الصحة والمجلس الطبي هو إصدار اللوائح التنظيمية لهذه الإجراءات على مبدأ الحساب والعقاب.

يقول الإرياني إن وجود المجلس الطبي في اليمن لتلقي الشكاوى عند حدوث أخطاء طبية ووجود لجان متخصصة تدرس حالات الأخطاء الجسيمة التي تحدث في المنشآت المعتمدة، والأخطاء الطبية الواجب الإبلاغ عنها يعتبر من الأشياء الجيدة في اليمن.

ويقول من خلال المتابعة ورقابة الإجراءات الصحية وسن القوانين، ستقل نسبة الأخطاء الطبية والوفيات بشكل ملحوظ.

مقالات مشابهة