المشاهد نت

تجميع النيس دون إجراءات السلامة.. مهنة قاتلة

العمل في مهنة النيس بمدينة تعز - المشاهد

تعز – أسامة الكُربش :

في إحدى ليالي رمضان الفائت، عادت الثلاثينية منيرة عبده جثة هامدة إلى منزلها بعد خروجها إلى السائلة، أو مجرى السيل، لجمع النيس الذي سترمم به منزلها الواقع في قرية أكمة حبيش بمديرية المسراخ جنوب غرب تعز. النيس مادة رملية تستخدم في صناعة الخرسانة والبناء.

كانت منيرة برفقة ابن أخاها، يزن، 11 عامًا، الذي فارق الحياة معها أيضاً بعد أن سقطت على رؤوسهم كومة من النيس والأحجار أثناء الحفر.

يواجه الكثير من العاملين في تجميع مادة النيس وبيعها مخاطر قاتلة، حيث خسر العديد من العمال أرواحهم أثناء عملهم في هذه المهنة. وبرغم خطورتها، إلا أن أعداد الأشخاص الذين يقبلون على هذا النوع من العمل في ازدياد مستمر نظرًا لتفشي البطالة، وانعدام فرص العمل والوضع المعيشي والاقتصادي المتدهور.

 تخرج عماد السبئي، 28 عامًا، من قسم المحاسبة بجامعة تعز قبل بضعة أعوام، وتوجه إلى العمل في استخراج النيس في أحد الوديان التي يمتلكها في المسراخ بريف تعز.

يقول السبئي لـ ” المشاهد“: “في إحدى المرات، حفرت نفقاً بطول ثلاثة أمتار، وبينما كنت منهمكًا بالعمل، بدأت الحصى من أعلى بالتساقط، فشعرت بالخطر،وخرجت مسرعاً للصعود من الحفرة إلا أن الوقت لم يسعفني. ومن حسن حظي، أن رأسي بقي فوق كومة النيس، واستطعت التنفس وبقيت على قيد الحياة، لكني أصبت بعمودي الفقري، وبقيت طريح الفراش لعدة أشهر”.

مهنة دون عراقيل

أصبحت مهنة جمع وحفر النيس ملجأ للعديد من الناس بمختلف فئاتهم إذ تدر دخلاً مادياً بسيطاً تساعد العاملين وأسرهم على البقاء وتوفير لقمة العيش، وبحسب أستاذ علم الاجتماع علي محمد بتعز، الفقر المدقع وانعدام فرص العمل هي من الأسباب الرئيسية لإقبال الناس على مثل هذه المهن  على الرغم من خطورة العمل ومشقته.

إقرأ أيضاً  نظام بصمة الكترونية لحضور الطالبات

ويضيف لـ “المشاهد”: “والسبب الآخر هو أن السائلة في أغلب المناطق مكان عام وباستطاعة أي شخص العمل في تجميع النيس دون عراقيل، على عكس المهن الأخرى التي تتطلب بعض الاحتياجات والمهارات”.

وحسب “صندوق النقد الدولي” إن 17 مليون يمني سيواجهون انعدام الأمن الغذائي الحاد، في حين استطاعت الأمم المتحدة جمع 1.2 مليار دولار فقط من أصل 4.3 مليارات دولار لمواجهة هذه الأزمة. وعندما يتراجع حجم المساعدات الإنسانية، يلجأ الآباء والأمهات إلى العمل في مجالات متعددة حتى وإن كانت خطرة على حياتهم.

غياب إجراءات السلامة

 لا يزال الكثير من العمال في بعض مديريات تعز يحفرون أنفاقاً في الوديان ومجرى السيول لاستخراج النيس وبأدوات بدائية وتقليدية. يقول العامل علي محمود لـ ” المشاهد ” أنه اتخذ هذه المهنة من أجل توفير لقمة العيش لأولاده، لكنه يشعر بالخطر، وقد يصير في عداد الموتى في أي وقت.

ويضيف ” الحفر العميق يساعدنا في الحصول على نيس بجودة عالية، حيث إن عمق الحفر يصل من 10 إلى 15 متر، وهذا يعرض العمال لخطر السقوط في أي لحظة”.

يتحدث عن محمود عن الدخل من هذه المهنة، ويقول إنه ببيع ” 200 ” سطل بمبلغ 14 ألف ريال (12 دولار) للنوع الخشن من النيس، و45 ألف ريال (40 دولار) للنوع الناعم المغربل، ويرى أن هذا مبلغ ضئيل مقارنة بالعمل الشاق الذي يقوم به.

مقالات مشابهة