المشاهد نت

“تيج” يتلاشى بعد أضرار كبيرة على السكان في المهرة

بدأ إعصار تيج يتلاشى مساء الثلاثاء 24 أكتوبر 2023 بعد دمار كبير في الطرق والممتلكات العامة والخاصة والمساكن في المهرة

المهرة- محمد النمر

“العراء وحده من قبلَ بيّ اليوم في هذه الكارثة” هكذا يستهل الحاج مسعد بجاش (40عاما)، أب لخمسة أطفال حديثه ل”المشاهد” بعد أن وصل قوة تأثير الإعصار المداري” تيج” الذي ضرب محافظة المهرة  إلى منزله وحوله إلى كومة من الحطام في مديرية حصوين، شرق اليمن.

يقول بجاش” قوة الإعصار كانت عالية مصحوبة برياح شديدة وأمطار غزيرة .”

مضيفا “قبل ساعات من تحذير السلطات في المدينة من حدوث الإعصار تجهزت أنا وأسرتي لإخلاء المنزل إلى مكان آمن جاء ذلك ضمن الإجراءات الاحترازية المتخذة لكن ما أن اكتسحت الرياح المدارية مصحوبة بالأمطار الجارفة المنطقة فيما كانت السيول المتدفقة قد حاصرت قرية “دكبريت” حيث مكان منزلي الذي تحول إلى كومة حجارة.”

على وضعٍ كارثي كهذا عاشت الآلاف من الأسر حالة التشرد والمبيت في العراء أو في مناطق مرتفعة في مديريتي الغيضة، وحصوين بمحافظة المهرة جراء الإعصار المداري ” تيج” الذي عصف بمحافظتي المهرة وسقطرى  الإثنين المنصرم محدثا أضرارا بالغة في الممتلكات  العامة والخاصة، والمنازل السكنية خاصة تلك المنازل ضعيفة القوام والمشيدة من الطين والصفيح. 

قال مكتب تنسيق الشؤون الإنسانية التابع للأمم المتحدة (أوتشا) في تقرير الثلاثاء أن الإعصار قد أدى إلى أمطار غزيرة ورياح شديدة في المهرة وسقطرى نتج عنه تهدم كلي وجزئي لعشرات المنازل، واضطراب الخدمات العامة ونزوح الأهالي.

في المهرة، تم تسجيل فيضانات في مديريات: الغيظة، حصوين، قشن، سيحوت، المسيلة، حوف وشحن، حسب تقرير الأوتشا. مضيفا أن مياه البحر ارتفعت إلى مستويات عالية، انقطعت خدمة الكهرباء والإتصالات في معظم المديريات، ولا تزال الاتصالات مقطوعة في المهرة عدا الغيظة.

عاش الأهالي الإثنين الماضي ليلة مرعبة شهدتها محافظة المهرة وسط حالة من  الهلع عند الساكنين القريبين من موجة الإعصار. في سقطرى لوحدها، حتى الثلاثاء 24 أكتوبر تم تسجيل تضرر أكثر من 500 منزلا كليا أو جزئيا ونزوح 192 أسرة، حسب مكتب الأوتشا. فيما لم يتسنى معرفة عدد المنازل المتضررة في  المهرة حتى الأربعاء نتيجة تعذر انتقال فرق الاستجابة بسبب إغلاق السيول لشبكة الطرق في المحافظة.

أضرار بشرية ومادية

"تيج" يتلاشى بعد أضرار كبيرة على السكان في المهرة
نزوح نحو 1700 أسرة في أغلب مديريات المهرة التي ضربها إعصار تيج

في مديرية حصوين بالمهرة،  تم تسجيل حالتي وفاة من النساء، و إصابة 150 في الغيضة وحصوين، ونزوح 1700 أسرة، حسب مكتب الأوتشا. أغلب الأسر النازحة تعيش حاليا في المدارس الحكومية حسب المصدر نفسه.

ألحق الإعصار”تيج”  الذي وصف من الدرجة” الثالثة” بعد أن تدرج من الأول والثانية أضرارا وخسائر جسيمة في ممتلكات المواطنين وبحسب عبد الرحمن حميد مدير مركز الإنذار المبكر الذي قال ل” المشاهد” بأن وفق للتحديثات الجديدة فإن الحالة المدارية قد تراجعت من تصنيف إعصار مداري إلى عاصفة مدارية بسرعة رياح مركزية بلغت 35 عقدة لكنها لا تزال تؤثر بشكل مباشر على محافظة المهرة. 

 الوحدة التنفيذية لإدارة مخيمات النازحين  في المهرة تحدثت في تقريرها الأول عن تسجيل أكثر من 1700 أسرة نازحة نتيجة تأثيرات إعصار “تيج” في محافظة المهرة .

وقال مدير عام مديرية الغيضة سالم عوض سعدان ل”المشاهد” أن المحافظة سجلت حالتي وفاة وإصابة 150 آخرين فيما تهدمت 10 منازل و الأرقام مرشحة للارتفاع في عدد المنازل التي طمرت بالسيول حد وصفه مشيرا إلى إقامة 45 مركز إيواء .


من جانبه قال منسق الهلال الأحمر اليمني بالمهرة وائل كريم، في حديثه ل” المشاهد”  إن 1711 أسرة يمثلون أحد عشر ألفاً وسبعمائة وسبعة وسبعين فردا نزحوا من منازلهم إلى مراكز الإيواء وبيوت أقاربهم في مناطق آمنة.

مؤكدا” أن غالبية المواطنين الذي نزحوا من المناطق التي ضربها الإعصار خاصة الذين تهدمت منازلهم ولجأوا إلى منازل أقاربهم وفي الأحياء والبعض في العراء بسبب عجز فريق الإنقاذ الوصول لهم لإجلائهم لأماكن أكثر أمانا، خاصة أن مراكز الإيواء بات تعج بالأسر وقد يمتلئ أمر كهذا قد يضعف قدرات المركز في استقبال مواطنين و وافدين جدد وقد يتسبب بكارثة أخرى وهذا ما حذرنا منه وطلبنا من الحكومة والجهات المعنية بسرعة اتخاذ تدابير وقائية.”

قطع الطريق الدولي

تسببت السيول بقطع الطريق الدولي المتصل بسلطنة عمان والمملكة العربية السعودية بين محافظتي المهرة وحضرموت، في الطريق الدولي الواصل بين سيحوت وحصوين وكذلك الطريق الواصل من الغيضة إلى حوف، حسب مكتب الأوتشا. ونقل المكتب عن شركاء العمل الإنساني في المهرة أن فرقهم غير قادرة على الوصول لبعض المواقع نتيجة السيول وانقطاع الطرق.

استجابة ضعيفة

"تيج" يتلاشى بعد أضرار كبيرة على السكان في المهرة
إنفوجراف يوضح حجم الأضرار التي خلفها إعصار تيج حتى تاريخ 24 أكتوبر 2023

في خضم العاصفة المدارية، ناشد المواطنون هناك رئيس مجلس القيادة الرئاسي، رشاد العليمي الذي وصل الإثنين المنصرم لمساعدة المواطنين، سرعة تقديم المساعدات الإغاثية اللازمة للمتضررين من السيول المتدفقة ووضع حلول جذرية للمواطنين الذين فقدوا منازلهم في العاصفة. 

تشمل الاحتياجات العاجلة هناك فتح الطرقات المغلقة، توفير المأوى، الوسائل غير الغذائية،  الغذاء، وإمدادات المياه.

سلمان مسيلم (31 عاما) أحد المواطنين الذين فقدوا منازلهم إثر إعصار “تيج” يقول مسيلم في حديثه ل” المشاهد” منزلي تهدم بالكامل ولم يبقى منه سوى الحجارة حتى أدوات المنزل جرفتها السيول.”

إقرأ أيضاً  وزير الخارجية اليمني الأسبق يوضح سبب توقف عمليه السلام

مضيفا “نحن عدد كبير من المواطنين الذين فقدنا منازلنا وهذه مناشدة عاجلة للسلطات المخولة بما في ذلك رئيس مجلس القيادة بتوفير مكان  يحفظ لنا كرامتنا بدلا من هذا التشرد.”

وقال مسيلم “مر على العاصفة يوم كامل لكن إلى حد اللحظة لم تصلنا أي مساعدات إغاثية أو إيوائية من الجهات المختصة وهذا أمر يضاعف و يفاقم من معاناة الأسر المنكوبة.”

في ذات السياق وجه “المشاهد” تساؤل إلى وائل كريم منسق إدارة الكوارث لدى الهلال الأحمر اليمني في المهرة عن غياب المساعدات الإنقاذية للأسر المحاصرة والمنكوبة ؟ 

كريم قال” الوضع في عاصمة المحافظة الغيظة لا يقل خطورة عن مديرية حصوين ففي الغيظة الأمطار مستمرة مصحوبة برياح شديدة إضافة إلى  سيول جارفة ويتوقع اشتداد الأمطار خلال الأيام القادمة مع الحالة المدارية لإعصار تيج . 

وقال كريم” الوضع كارثي ومع الأسف يظهر أن الدفاع المدني أصبح عاجزاً عن الوصول إلى كثير من المناطق داخل الغيظة وفي المديريات مع إعلان الهلال الأحمر اليمني أن الفرق والسيارات أصبحت عاجزة عن مساعدة المواطنين بسبب الأمطار الغزيرة والسيول المتدفقة في الشوارع  لذلك يجب على السلطات أن توفر مروحيات عاجلة للحد من المعاناة والسير في رحلة بحث شاملة تمسح المحافظة بالكامل وهذا يساعد على نجاة المواطنين من الإعصار الكارثي.”

عجز الإنقاذ

تواجه محافظة المهرة عجزا حقيقيا في وسائل الإنقاذ وذلك بسبب هشاشة البنية التحتية وضعف مؤسسات الدولة وهذا يجعلها أكثر عرضة لخطر الأعاصير.

بلغت سرعة الرياح حين بدأ الإعصار 285 كيلو متر في الساعة بحسب مركز الإنذار المبكر  فيما عجزت السلطات على مواجهة الكارثة الطبيعية. حيث أعلن الهلال الأحمر اليمني في المهرة  أن فرق الطوارئ والسيارات التابعة له أصبحت غير قادرة على الوصول للمتضررين من إعصار”تيج” في مديرية الغيضة خاصة العبري وحافة السادة وكلشات وكذلك باقي المديريات عند بدء الإعصار.

وأرجع ذلك العجز إلى الامطار الغزيرة والسيول التي تجري  في أغلب الشوارع إضافة إلى الرياح الشديدة داعيا بذلك مجلس الرئاسة والحكومة والتحالف العربي والمنظمات الإنسانية جمعاء لإرسال طائرات لإنقاذ العالقين في المهرة بشكل عام.

جميل الحاج خبير في الإرصاد الجوية في حديث للمشاهد” يواجه السكان الآن كارثة طبيعية مع اشتداد إعصار تيج والتي أدت إلى  هطول أمطار غزيزة وسريعة الهطول وهذا يأتي في ظل عجز السلطة المحلية ولجنة الطوارئ وغياب الأجهزة ومعدات الإنقاذ بما فيها المروحيات التي تعتبر ضرورية للتدخل في مثل هذه الكوارث.”
مضيفا” بأنه  من الطبيعي أن تغيب وسائل الإنقاذ وبالتأكيد هذا سوف  يحدث في ذروة العاصفة في وقت عصيب ويحتم عليك كسلطة التحرك لإجلاء المتضررين.”

موقع مهدد بالأعاصير 

يرى الخبير الحاج” أن اليمن بحاجة إلى استثمارات كثيرة في البنية التحتية وتقوية مدامك المساكن من خطرٍ متكررٍ سنويا وتجنب الحلول الترقيعية  التي تساهم في توسيع الخطر على المواطن وتكبد البلاد خسائر اقتصادية وبشرية.”

الحاج قال أن الأعاصير في المهرة ليس وليدة اللحظة وخلال السنوات الماضية تعرضت المهرة وجزيرة سقطرى للعديد من الأعاصير بما في ذلك اعصار مكونو في 2018 و اعصار شاهين في 2021 وكان مكونو من أقوى الأعاصير التي ضربت اليمن في السنوات الأخيرة. 

بحسب الحاج فأن اليمن في موقع جغرافي يجعله عرضة للأعاصير المتكونة في بحر العرب والمحيط الهندي ويقع اليمن على بحر العرب وهو بحر يسهل تشكل الأعاصير فيه.

مضيفا ” موقع اليمن المهدد بالأعاصير يتطلب اتخاذ تدابير دائمة لحماية الأرض والإنسان بما في ذلك تشييد مبانٍ مقاومة للاعاصير وإنشاء جهاز إنذار يتنبأ بحدوث الأعاصير بالإضافة إلى توعية المجتمع على كيفية التعامل مع مثل هذه الكوارث وكلها أمور بعيدة المنال في بلد يعيش تحت وطأة الحرب.”

إعصار تيج

يقول مكتب الأوتشا أن إعصار تيج الذي نتج عقب تشكل منخفض جوي في 20 أكتوبر فوق جنوب غرب البحر العربي، جنوب شرق سقطرى في اليمن، قد بدأ يتلاشى في الثلاثاء 24 أكتوبر 2023.

موضحا: طبقًا للأرصاد الجوية الدولية، فإن العاصفة تحركت بعد يومين من تشكل المنخفض الجوي حيث أنه في يوم الأحد، 22 تشرين الأول/أكتوبر،  تحركت العاصفة باتجاه الشمال الغربي لمحافظة المهرة اليمنية.”

وصلت عين العاصفة الإعصارية “تيج” إلى اليابسة على الساحل الشرقي اليمني خلال الليل بين 23 و24 أكتوبر، و تحركت نحو المناطق الشرقية من محافظة حضرموت. نتيجة لذلك ، شهدت سقطرى والمهرة  فيضانات وأمطار غزيرة، مما أدى إلى إغلاق طرق متعددة في عدة مناطق. تلاشت شدة الإعصار تدريجيا مع انخفاض سرعة الرياح ، مما أضعف شدة الإعصار المداري إلى “منخفض”. تحركت بقية العاصفة نحو المناطق الشمالية الشرقية من محافظة حضرموت قبل أن تتلاشى مساء يوم 24 أكتوبر.

مقالات مشابهة