المشاهد نت

 مخدر الشبو.. الخطر المتنامي في اليمن

تعز- نجوى حسن

تتذكر زبيدة أخاها عبد الرحمن عندما عاد إلى المنزل قبل 3 أعوام، وكانت تظهر عليه ملامح غريبة وتصرفات غير معهودة. لم تعرف في تلك اللحظة أن عبد الرحمن كان متأثرا بجرعة مخدرات.

تقول زبيدة ل “المشاهد”: “في عام 2020، عاد عبد الرحمن إلى منزلنا في تعز، وكان وجهه شاحبا، ويتصرف بشكل غريب، ويتحدث بكلمات غير مفهومة. كان يبكي ويضحك في نفس الوقت”.

لم تكن الأسرة تعلم أن عبد الرحمن، 15 عاما، أصبح مدمنا، وكانت زبيدة حزينة ، تبكي على ما حدث لأخيها، وتتساءل حينها عما حدث. منذ ذلك الوقت، بدأت الأسرة في البحث عن حل للحالة النفسية التي ظهرت عليه.

وقع عبد الرحمن ضحية لتناول مادة الشبو المخدرة، حيث خلطت تلك المادة في الشيشة عندما كان يجلس مع أصدقائه، بحسب زبيدة. تضيف زبيدة: “بعد بحث واستفسارأصدقائه، استطاعت والدتي أن تعلم الذي خلط مادة الشبو ، هم من أقاربنا الذي حدثت مشاكل بيننا وبينهم، وقاموا بالانتقام عن طريق إضافة مادة الشبو في الشيشة وجعل عبد الرحمن يتعاطى الشيشة، ولم يكن يعلم أنها مخلوطة مع الشبو “.

بسبب تلك، الخديعة، أصبح عبد الرحمن مدمنا. تشير زبيدة إلى أنه كان يطلب من أسرته مبالغ مالية كبيرة بسبب الإدمان، وإذا لم يحصل على المال، يتصرف مع أسرته بعنف، أو يلجأ للسرقة من أجل توفير المال لشراء مادة الشبو .

تتحدث زبيدة عن الحالة النفسية التي مر بها عبد الرحمن، وتقول: “كان يخرج في منتصف الليل وينام في الشوارع القريبة من المنزل، ولم نستطع السيطرة عليه، لأنه أصبح عصبيا، ولا يتقبل أي توجيهات من عائلته، واستخدم العنف ضدهم، حيث قام بضرب والدته وشقيقته”.

في السنوات القليلة الماضية، تزايد عدد الشباب في اليمن على تعاطي المخدرات، نظرا لعدة أسباب منها التفكك الأسري والوضع الاقتصادي وتراجع الدور الأمني للحد من انتشار تعاطي وتجارة المخدرات، حيث أسهمت الحرب الأهلية التي اندلعت في اليمن عام 2015 في تزايد ظاهرة تهريب أنواع عدة من المخدرات في البلاد.

قنبلة موقوتة

تؤدي المخدرات، بحسب مختصين، إلى أضرار كبيرة على صحة المدمن جسديا ونفسيا واجتماعيا، ويصبح المدمن غير قادر على التواصل مع الآخرين بشكل طبيعي، وقد يؤدي إلى انفصاله عن أسرته وأصدقائه.

شيماء شمسان، الاستشارية الأسرية في تعز، تقول ل “المشاهد”: “المدمن يؤثر على أسرته من الناحية المادية والاجتماعية والنفسية، حيث إن كل المبالغ المالية التي تقع تحت يد المدمن تصرف على مادة المخدرات، وهذا يؤثر سلبا على الوضع المعيشي للأسرة، بالإضافة إلى عدم شعور أفراد الأسرة بالأمان في ظل تواجده بينهم، لأن المدمن قد يميل إلى استخدام العنف مع أقرب الناس إليه، ولهذا السبب، يمكن اعتبار المدمن قنبلة موقوتة داخل الأسرة”.

إقرأ أيضاً  الشاعر الأهدل: خصوصية «اللهجة» جعلت للغناء التهامي لونًا مستقلًا

تعتقد شمسان أن المدمن قد يكون قابلا للعلاج، ولا من التعامل المناسب معه من خلال معرفة ما إذا كان راغبا في العلاج من الحالة التي يمر بها، وإبعاده عن المحيط الذي سبب له الإدمان، وكذلك الدعم النفسي للمدمن سواء من الطبيب المختص أو أحد أفراد الأسرة، وإشغال المدمن بفعل أشياء مفيدة مثل التدريب والتأهيل.

حملات توعوية

مصدر أمني في الإدارة العامة لمكافحة المخدرات التابع لمركز وزارة الداخلية اليمنية في تعز يقول ل “المشاهد” إن العام 2023 شهد حملات توعوية من خلال وسائل الإعلام التقليدية أو الإلكترونية، ونشطت منظمات المجتمع المدني في هذا الجانب بهدف تسليط الضوء على خطورة المخدرات.

بحسب المصدر الأمني، عملت الحملات التوعوية على خفض الطلب على مخدر الشبو ، وذلك نتيجة لربط المخدرات بجرائم عنيفة، مثل قتل الأقارب، وتسبب تلك الحملات في اكتساب المخدرات سمعة سيئة، وهو ما أدى إلى خفض الطلب عليه.

ويفيد المصدر الأمني أن الأجهزة الأمنية اليمنية استخدمت أسلوبين لمكافحة مخدر الشبو ، وهما: أسلوب خفض المعروض من المخدرا ت، وأسلوب العمليات الأمنية، مثل عمليات البحث والتحري، والنقاط الأمنية، وغيرها من الأعمال المنصوص عليها في قانون هيئة الشرطة اليمنية وقانون المخدرات والمؤثرات العقلية.

تشير تقارير إلى أن الأجهزة الأمنية تمكنت من ضبط 36 طنا، و220 كجم من الحشيش المخدر، بالإضافة إلى أكثر من 15700 كجم من مخدر الشبو منذ العام 2021 حتى نهاية مايو من العام 2022.

تواجه إدارة الأمن في اليمن صعوبة في رصد حالات الإدمان، وذلك لعدة أسباب، منها، انعدام مراكز العلاج الخاصة بالمدمنين، مما يجعل من الصعب على إدارة الأمن حصر الحالات، بحسب المصدر الأمني.

يرى المسؤول الأمني أن قلة الوعي الاجتماعي حول الإدمان، وعدم وجود برامج اجتماعية للمدمنين، وعدم توفر مصحات علاجية مجانية، هي من أهم الأسباب التي تؤدي إلى قلة البلاغات عن حالات الإدمان، مشيرا إلى أن عدم تلقي بلاغات عن حالات الإدمان يجعل من الصعب مكافحة هذه الظاهرة وتوفير علاج للمدمنين.

كان عبد الرحمن محظوظا لأنه استطاع الإقلاع عن المخدرات، وذلك بمساعدة والده الذي رجع من غربته، ليجد حل للأزمة التي عاشها ابنه. تقول زبيدة: “عاد أبي من المملكة العربية السعودية، وبدأ في اتخاذ عدد من الإجراءات بهدف مساعدة عبد الرحمن على التعافي من الإدمان. ظل عبد الرحمن سنتين تحت العلاج والمتابعة، وبعد ذلك سافر مع الوالد إلى المملكة العربية السعودية لإبعاده عن المحيط الذي نعيش فيه حتى لا يعود إلى المخدرات مرة أخرى”.

مقالات مشابهة