المشاهد نت

عائشة الجباري.. نموذج يتحدى الإعاقة ويخدم المجتمع

تعز – عدي الدخيني

أصيبت عائشة جباري بحمى شوكية وهي بعمر ثلاث سنوات، وأفقدها المرض القدرة على السمع والنطق برغم الجهود الكبيرة التي بذلتها الأسرة لإيجاد حلول للأزمة الصحية التي كانت عائشة تعاني منها.

مع استمرار تدهور الحالة الصحية لعائشة، استسلمت الأسرة وتلاشت الآمال بعد أن تأكدوا أنها ستعيش فاقدة للسمع وعاجزة عن النطق. عن طريق لغة الإشارة، وبمساعدة زوجها.

تقول عائشة لـ«المشاهد»: “تعرضت للتنمر أثناء طفولتي، وأثناء لعبي مع الأطفال، سواء في المدرسة أو الحي، بسبب فقدان قدرتي على السمع والنطق، بعد إصابتي بحمى شوكية، وفقدت على أثرها السمع والنطق، وقلبت حياتي رأسا على عقب”.

اليوم، عائشة في الثامنة والعشرين من العمر، ولا زالت تتذكر الأيام الأولى عند ذهابها إلى المدرسة في الريف، وتضيف: “التحقت بالصفوف الابتدائية، وكانت الفرحة تغمر والداي ، وكانوا ينتظرون الكلمة الأولى التي سأكتبها أو أنطقها بعد دخولي المدرسة”.

واجهت عائشة صعوبات في التواصل مع المجتمع المحيط، لكن أسرتها استمرت في دعمها وتشجيعها، وتم تسجيلها في مدارس خاصة بالصم عندما كان عمرها ١٢ عاما. لم تتوقف عائشة عن مواصلة تعليمها الأساسي والثانوي، بل وصلت إلى المرحلة الجامعية، والتحقت بقسم برمجيات الحاسوب في جامعة تعز.

نجاحات مستمرة

أكملت عائشة دراسة برمجة الحاسوب في جامعة تعز، وهناك تعرفت على أحمد الذي كان يعمل مترجم لغة إشارة، وعلمها هذه اللغة. وبعد أشهر، قرر أحمد التقدم لعائشة وطلب الزواج منها. وبعد زواجهما، انطلقا سويا في العمل على مساعدة الصم والبكم في تعز.

إقرأ أيضاً  تعز : الابتهاج بالعيد رغم الحرب والحصار

واجه أحمد انتقادات من المجتمع لطلبه الزواج من عائشة كونها تفقد القدرة على السمع والنطق. يقول أحمد لـ«المشاهد»: “واجهت تلك الانتقادات بصمت. وبعد الزواج، واجهنا عدة صعوبات في فهم بعضنا البعض، ولكننا تغلبنا عليها بالصبر والمودة“.

في عام 2019، أسست عائشة بمساندة أحمد أول كيان مؤسسي يخدم الصم والبكم في محافظة تعز بهدف المساهمة في التخفيف من المعاناة التي يواجهها العديد من الأطفال الصم والبكم. استطاعت تنفيذ العديد من المشاريع التي استهدفت هذه الفئة من الأطفال.

في حديثها لـ«المشاهد» : تقول عائشة: “بعد التنمر والواقع الذي عشته، قررت أن أكون مستقلة، وأحقق طموحاتي، وأسست منظمة لدعم الصم والبكم، للمساهمة في تغيير نظرة المجتمع عنهم/ن، وإثبات إن هذه الفئة تستطيع المشاركة في الحياة الاجتماعية”.

تقول عائشة: “جاءت فكرة إطلاق المؤسسة استشعارًا بالمسؤولية تجاه الصم وللمعاناة التي عشتها. وكان لها تأثير كبير على الأشخاص الصم، حيث عملت على لفت الأنظار إليهم ووصول المنظمات إليهم حتى يكون لهم دور فعال في المجتمع “.

نفذت المؤسسة التي تقودها عائشة 15 مشروعًا، وكل تلك المشاريع استهدفت الصم في مجالات السلام والصحة والتعليم، وبلغ عدد المستفيدين ما يقارب 10 آلاف شخص، بحسب أحمد. يسعى أحمد إلى تقديم الفرص والخدمات الممكنة للصم في المجتمع، والمساهمة في تغيير حياة هذه الفئة، وإخراجهم من العزلة إلى الانخراط بشكل إيجابي في المجتمع.

مقالات مشابهة