المشاهد نت

مواكبة «الترند» وأبعاده النفسية والاجتماعية

صنعاء – محمد الهياجم :

باتت مواكبة “الترند” على منصات التواصل الإجتماعي “أسلوب حياة” اعتاده أغلب الناس، ويقضون فيه أغلب أوقاتهم، رغم اختلاف ثقافاتهم ولغاتهم وفكرهم.

واحتار الباحثون في تحديد ماهية المؤثرات والتأثيرات التي يترتب عليها وجود مصطلح جديد مثل “الترند” كعنصر ناتج عن التغيرات التي اجتاحت حياة الناس وسادت واقعهم.

بل وبرزت على وقع “الترند” آلاف الآراء ووجهات النظر والإختلافات المتداولة عالميًا؛ ليتحول إلى “رأي عام” يُصعب تجاهله أو عدم وضع اعتبارات لتأثيراته، بحسب خبراء في هذا المجال.

سلوك رقمي

وفي هذا الصدد، يتحدث المختص في الإعلام الرقمي “محمد مساد” لـ«المشاهد» عن أن “الترند” صنيعة منصات التواصل الاجتماعي، والتي تهدف -على اختلاف قوالبها واستخداماتها- إلى استقطاب المستخدمين ثم دفعهم إلى قضاء أطول وقت ممكن في دهاليزها الرقمية.

ويضيف: يعكس الترند سلوك مستخدمي المنصات، ولكن هذا السلوك موجه مسبقًا ومقيّد بسياسات الاستخدام الخاصة بالمنصة؛ لذا فهو ليس مقياسًا واقعيًا محايدًا بل من الممكن اختراعه وابتداعه بهدف التأثير على سلوك المستخدم وآرائه.

وعن التأثير الذي قد يخلفه الترند في ما يخص المنصات الرقمية ورسم سياساتها، أشار مساد إلى أن هيمنة المنصات الرقمية على اقتصاد وسائل الإعلام بشكل أو بآخر؛ تسبب بأن انساقت هذه الأخيرة لملاحقته من دون اعتبار للسلبيات الاجتماعية والأخلاقية الناتجة عن الترند أحيانًا.

وتابع: “في ظل التداخل الكبير الذي بات جليًا بين الترند والصحافة، بإعتباره أحد الوسائل التي تعتمد التأثير العام على الجمهور، يجدر بالصحافة أن تتمسك بالأصول المهنية وأخلاقيات التغطية الموضوعية مع الأخذ بعين الاعتبار محاكاة الترند بحذر”.

مساد دعا إلى الاستفادة من أدوات الترند في سبيل خلق بيئةٍ معلوماتيةٍ آمنة في الفضاء الرقمي تخلق وعيًا توافقيًا وسلوكيات ديمقراطية لا تعتدي على هوية المجتمع وثوابته.

تأثيرات سلبية

التاثيرات السلبية للترند على المدى البعيد، يتطرق إليها الخبير في العلاقات العامة الرقمية، الدكتور إبراهيم عبدالله، والذي يشير إلى أن استخدام الترند كوسيلة رأي عام إجتماعية تعتمد في بروزها على التواصل البشري بشكل أساسي، هو من خلق هذه السلبيات.

فالانتشار الكبير لمفهوم الترند بين عامة الناس على اختلاف نوزاعهم وأبعادهم الفكرية والإجتماعية، خلق نقلة نوعية وتطور كبير في مجال الاتصال والتواصل خلال العقد الأخير، بحسب الدكتور إبراهيم، لافتًا إلى أن ثمة سلبيات خلفتها أدوات الرأي العام الحديثة كالترند.

إقرأ أيضاً  «درع الوطن» تدفع بتعزيزات عسكرية إلى شمالي لحج

وحذر خبير العلاقات العامة، من عدم الإنتباه لهذه السلبيات، التي يمكن أن تتضخم لتصبح أبرز التحديات التي ستواجهها المجتمعات مستقبلًا.

وأضاف لـ«المشاهد»: “بتنا نواجه انتشارًا مذهلًا للعديد من النماذج السلبية، ومع الأسف باتت تتصدر هذه النماذج أعلى قوائم البحث على منصات التواصل والمواقع الإلكترونية، وهذا يدل على مساهمة هذه الأداة المسماة (الترند) في إبراز فئات هامشية وتضخيمها دون أن تكون هي كذلك في الواقع”.

خاصة وأن نسبة كبيرة من العامة يتعاملون مع الترند بعلاقة حميمية يصعب معها التشكيك أو التفكير، فيأخذون منه ويتأثرون به في حياتهم اليومية، بينما نسبة أخرى يتعاملون معه بحذر قد يصل إلى درجة التشكيك في كل شيء قد يحويه، بالإضافة إلى الخوف إلى الذي قد يصل إلى حد العداء.

أبعاد نفسية وسلوكية

يكشف باحثون مختصون في الأبعاد النفسية والاجتماعية لعملية الاتصال والتواصل، أن هناك ما يسمى “التماهي الاجتماعي”، وهو أن يسعى الشخص إلى التماثل في التوجهات والسلوك والأفكار مع المعتاد اجتماعيًا، بحسب الباحث المختص أحمد فهمي.

ويضيف: ومن هنا تأتي قوة الترند، إذ يتبناه المشاهير أو المؤثرون، ثم يتبعهم الراغبون في التماثل أو التشابه مع السائد اجتماعيًا، وبالتالي، ومع زيادة عدد المُقلدين تزداد قوة الترند وينمو تأثيره.

وفي السنوات الأخيرة برزت العديد من الإسئلة فيما يخص مخاطر الإنقسامات التي قد يحدثها الترند في الرؤى والأفكار، وفي ذلك يؤكد أستاذ النشر الإلكتروني الدكتور عبده حسين الأكوع لـ«المشاهد»: أن الترند أصبح مخطط ومنظم وممول بدرجة رئيسية بهدف تكوين رأي عام.

ويواصل: “رغم ما يتم خلاله من نقاش وتبادل للافكار، لكن في الآونة الأخيرة معظم الترندات أصبحت مجرد رد فعل على ترند آخر، وهذا يعزز الانقسام في الرؤى والأفكار”.

كما لا يخفي انتشار عمليات التضليل الإلكتروني بشكل أوسع في السنوات الأخيرة، مع توسع مفهوم الترند، وحلوله كأداة سحرية تنقل الأحداث والقضايا والآراء بسرعة البرق إلى جميع أنحاء العالم، دون أن يفرق معها طبيعة أو نوعية هذه الأحداث والقضايا.

وختاما، مثلما هناك ممارسات سلبية هناك أيضًا إيجابيات كثيرة، أبرزها إمكانية استثمار الترند في تسيير عملية الدعاية المضادة -بفاعلية- ضد الأفكار المضللة التي تنتشر بسبب عدم الوعي والجهل الذي يتسيد أغلب مستخدمي هذه المنصات.

مقالات مشابهة