المشاهد نت

الإفراط في تناول الكربوهيدرات.. «خطر مجهول» يحدق باليمنيين

تعز – وفاء غالب

تعتمد العديد من الأسر اليمنية في أغلب وجباتها، على الخبز بمختلف أنواعه، وكذلك الأرز، ومن بين تلك الأسر، أسرة عبد الوهاب مقبل،

مقبل اضطر للنزوح برفقة أسرته إلى تعز، والعيش مع زوجته وأبنائه الأربعة، في غرفة واحدة استأجرها بـ20 ألف ريال يمني، (14 دولارًا)، في أحد أركانها دورة مياه صغيرة، وفي جزء آخر مطبخهم، الذي حصلوا على أدواته من جيرانهم.

يقول مقبل لـ«المشاهد» إنه يعيش ظروفًا صعبة، فهو نازح من الحديدة، ويتنقل بين كثير من الأعمال ليتمكن من سداد الإيجار، وشراء بعض احتياجاتهم الضرورية، والتي يعتمدون بدرجة رئيسية في توفيرها على المساعدات الإنسانية.

يتناول اليمنيون غالبًا حصصًا كبيرة بشكل يومي من الكربوهيدرات في وجباتهم اليومية، تفوق بكثير الكميات التي يوصي بها مختصو التغذية، وزادت تلك الكميات بشكل أكبر خلال الحرب، مع تردي الوضع الاقتصادي في البلاد.

تتناول أسرة مقبل وجبتين أو وجبة في اليوم، وتكون غالبًا مكونة من خبز أبيض، أو أرز، وهو ما يحصلون عليه من الجيران أو بعض المنظمات إن تم تسجيلهم بها.

أسرة مقبل والملايين من الأسر مضطرة لتناول الكربوهيدرات كوجبة وحيدة يمكن الحصول عليها، ولا تدرك هذه الأسر الخطر الصحي الذي قد يتسبب به الإفراط في تناول الكربوهيدرات.

أنواع الكربوهيدرات

تتحول الكربوهيدرات إلى جلوكوز عند هضمها، والذي هو غذاء أساسي للدماغ، ويحتاجه الجسم بشكل عام للقيام بالكثير من الوظائف.

محمد المجاهد، استشاري أمراض الباطنية ومناظير الجهاز الهضمي، يؤكد أهمية فهم الشخص للكربوهيدرات وآلية عملها وحاجة الجسم لها، ليتمكن من تناولها دون أن يصاب بأمراض ناجمة عن الإفراط في استهلاكها.

وأوضح لـ«المشاهد» أن الكربوهيدرات نوعان، بسيطة ومعقدة، الأولى ترفع السكر سريعًا في الدم وتجعلنا نشعر بالجوع خلال وقت قصير بعد تناول الطعام، وهي موجودة في أطعمة عديدة أبرزها، الدقيق الأبيض، الأرز، السكر الأبيض، الحلويات المصنعة، المشروبات الغازية، العسل، والعصير.

أما المعقدة، فهي تعطي إحساسًا بالشبع لفترة أطول، ولا ترفع السكر بسرعة كبيرة كالبسيطة، وأبرز مصادرها هو الحبوب الكاملة، الأرز البني، المكرونة إذا لم تكن مكررة وتم سحب العناصر الغذائية منها والألياف، بحسب المجاهد.

يذكر أن نسبة الكربوهيدرات التي يوصي بها المختصون في اليوم، تختلف حسب الأنظمة الغذائية، والحالة الصحية للمرضى، فبعضها يرفع الدهون الصحية، والبروتين بشكل معتدل، ويخفض الكربوهيدرات كثيرًا.

أمراض مرتبطة بالكربوهيدرات

ترتبط زيادة تناول الكربوهيدرات بكثير من الأمراض، أبرزها السكري، وتشير الإحصائيات إلى استمرار ارتفاع أعداد المصابين بهذا المرض.

منظمة الاتحاد الدولي للسكري بالشرق الأوسط وشمال أفريقيا تقدر عدد المصابين بالنرض في اليمن بأكثر من 600 ألف شخص.

والرقم على الواقع يبدو أكثر من ذلك؛ بسبب عدم إجراء المواطنين لفحوصات دورية، وعدم وجود قاعدة بيانات موحدة.

بخصوص أبرز الأمراض التي تسببها الكربوهيدرات المفرطة، يذكر الطبيب المجاهد أهمها مثل السكري، ودهون الكبد، والسمنة التي تسبب بدورها العديد من المشكلات الصحية،

إقرأ أيضاً  طائرة «اليمنية» تثير هلعًا في سماء عدن

موضحًا أن زيادة تناول أطعمة غنية بالكربوهيدرات دون إحراق، يرفع مستوى سكر الدم، ويزيد نسبة الدهون بشكل عام، كما يحدث بالكبد الذي تزيد معه نسبة الإصابة بالسكري.

ويشير المجاهد إلى أن ضبط كمية الكربوهيدرات في الوجبات، سيقلل من ارتفاع السكر، ودهون الكبد، والسمنة أيضًا.

كما يحذر من اختيار الزيوت الخاطئة للطبخ، كونها تشكل ضررًا كبيرًا على الصحة، إذا ما اجتمعت مع كمية كبيرة من الكربوهيدرات.

ومن أبرز مضاعفات مرض السكري، الإصابة بأمراض القلب، وكذلك النوبة القلبية، أو الذبحة الصدرية، وحتى السكتة الدماغية، وكذا الزهايمر، إضافة إلى أمراض الكلى، والعين، وتضرر الأعصاب وقد يعاني البعض من القدم السكري التي قد تنتهي بالبتر.

نصائح

وبسبب الوضع الاقتصادي المتدهور في اليمن، فإن من الصعب تحديد نظام غذائي للمرضى أو لليمنيين بشكل عام، فالتوازن في الغذاء يحتاج إلى بيئة صحية ثقافية ومادية، بحسب الطبيب المجاهد.

وهو يقترح لتخفيف تأثير الكربوهيدرات، أن يتم شرب الشاي دون سكر أو بأدنى كمية منه أو باستخدام كمية قليلة من دبس التمر.

إضافة إلى تقليل كمية الخبز المعتادة، إلى جانب أي مصدر بروتين ودهون، وكذا إنقاص كمية الأرز والمكرونة، كما ينصح باستخدام الملعقة للأكل بدلًا من التغميس بالخبز.

كما يرى أن الأرز الأسمر خيار أفضل من الأبيض، وأكل الفاكهة كما هي أفضل من عصرها، ويدعو إلى استبدال الدقيق الأبيض، بالدقيق الأسمر أو الدخن ، أو الذرة، كون تأثيرهم أخف، مع التركيز على الكميات.

مشيرًا إلى أهمية استخدام زيت الزيتون وغيره من الأنواع الصحية المتوفرة والتي يمكن إضافتها إلى الطعام أثناء تناوله.

من جانبها، تذكر أخصائية التغذية، لمياء عبد الجليل، أن نسبة الكربوهيدرات في النظام الغذائي المعتدل تعتمد على عدة عوامل، إذ توصي الجمعية الأمريكية للقلب بأن تكون نسبة السعرات الحرارية الكلية من الكربوهيدرات ما بين 45- 65 ٪ من السعرات الحرارية الإجمالية في اليوم.

وبيّنت لـ«المشاهد» أنه يمكن توزيع هذه النسبة على مدار اليوم بشكل متساوٍ أو حسب احتياجات الفرد وتفضيلاته، مشيرةً إلى أهمية أن تكون مصادر الكربوهيدرات صحية كالحبوب الكاملة والخضروات والفواكه، وبكميات متوازنة.

مشددةً على أهمية إدخال مجموعة متنوعة -حسب ما هو متوفر وبأي كمية- من الخضروات والفواكه مع الوجبات، وتلفت إلى أهمية تناول مصادر صحية للبروتين مرتين بالأسبوع، كاللحوم البيضاء، أو الأسماك، والبيض، أو البقوليات مثل العدس، الفاصوليا، والمكسرات.

وتدعو أخصائية التغذية لمياء إلى الابتعاد أو تقليل استهلاك الحلويات والمشروبات الغازية، واستخدم الفواكه كبديل، فضلًا عن شرب الماء بشكل كاف، والرياضة على الأقل 3 أيام في الأسبوع، أو المشي يوميًا نصف ساعة.

ومع محاولة تحسين النظام الغذائي بشكل بسيط وتدريجي، وبرغم التحديات الاقتصادية التي تعانيها الأسر اليمنية، يمكن للتغيرات الصغيرة تلك، أن تؤثر بشكل إيجابي على الصحة على المدى الطويل، بحسب لمياء.

مقالات مشابهة