المشاهد نت

الرسامون في تعز… معاناة وتهميش

الرسامون في مدينة تعز - تعبيرية - المشاهد

تعز- عز الدين الصوفي :

يعيش الفنانون والرسامون بمحافظة تعز في حالة من الحرب والجوع، بخاصة أولئك الذين يقطنون في المناطق التي تشهد مواجهات مسلحة من حين لآخر. يتحدث محمد علي، 40 عاما، أحد الرسامين في منطقة صالة بتعز، عن معاناته، ويقول: “حال الفنانين والرسامين في اليمن صعب جدا في ظل غياب دور الجهات الحكومية، نظرا للأوضاع الراهنة التي تمر بها البلد وتدهور الوضع المعيشي. هذا الأمر تسبب بمعاناة للفنانين والرسامين، وحرفهم عن مسار الفن، وبدءوا يفكرون في كيفية توفير أدنى متطلبات لقمة العيش”.

على الألواح البلاستيكية والأوراق البيضاء، يمارس علي موهبته في الكتابة، ويهتم ببعض الشجيرات التي زرعها أمام منزله. يقول علي: “أمارس الخط والرسم منذ الصغر، حيث أرسم مشاهد من الطبيعة، وأرسم البيئة المحيطة كالبيوت والمدارس والشخصيات”.

يضيف: “الآن، وبرغم الحرب والظروف المؤلمة التي خلفتها منذ سنوات، وبرغم مرضي، لكني لا زلت أرسم وأمارس هوايتي الفنية، وهذا يساعدني في نسيان التفكير بالمعاناة التي أمر بها وعائلتي. وبسبب الحرب، أصبحت راحتنا مرهونة بكمية الدقيق المتبقي في الكيس التي جلبته لنا منظمات الإغاثة. ومع الوضع الذي تعيشه بلادنا، ومدينتنا المحاصرة، لم يبق لدي سوى بعض الرسومات التي أواري بها وجع الحرب والدمار الذي لحق بنا وممتلكاتنا”.

الفن احتياج إنساني

قد يبدو غريبا أن نتساءل عن الاهتمام بالفن في مدينة محاصرة وفي حالة حرب منذ سنوات. لكن رسام الكاريكاتير رشاد السامعي يرى أن الفن ليس ترفا، بل احتياج إنساني، قائلا: “وضعنا في ظل الحرب بحاجة لأنواع الفنون لتهذيب النفس، ورفع مستوى الوعي، والدفاع عن الحقوق”.

يضيف: “بعد نشوب الحرب بين أطراف الصراع،، قررت أن أرسم عن المشاعر المرتبطة بالدمار والمعاناة، كانكسار كرامة الإنسان، أو الألم الذي تشعر به الأمهات اليمنيات على أبنائهن أو الزوجات على أزواجهن، ولكن رسالتي الأساسية هي الأمل، إضافة إلى رسائل سياسية التي تأخذ جدلا على مستوى القنوات الفضائية”.

إقرأ أيضاً  خلال أبريل.. 370 شخصًا ضحايا الحوادث المرورية

بحسب السامعي، تراجع عدد الرسامين بشكل لافت، واختفى معظمهم من الساحة الفنية كما حدث للفنان والرسام وليد الشميري الذي اعتزل الفن وذهب إلى الطبخ بحثا عن لقمة العيش، بسبب تدني مستوى الوضع المعيشي، وعدم الاعتماد على الفن كمصدر دخل آمن.

يعترف الفنان والرسام يحيى خالد العامري، 42 عاما، الذي يقطن في بيت متواضعة في مديرية صالة، أنه من المستحيل أن تكون لوحاته مصدر دخل له أو لأي فنان آخر.

في حديثه لـ”لمشاهد”، يقول العامري: “الوضع الاقتصادي في البلاد ينهار باستمرار، ومن سيشتري لوحة فنية والمجاعة تقرع الأبواب. اليوم في أماكن عديدة في مديرية صالة التي باتت منسية، إذا لم تقتلك الرصاصة أو الصاروخ، فستقتلك المجاعة والأمراض”.

يرى العامري أن محاولاته الفنية تكاد لا تختلف عن بعض الفنانين الذين يواجهون العديد من الصعوبات والتهميش، ويشير إلى أنه كان يقترض المال لشراء الطعام لأسرته، الأمر الذي تسبب بتراكم الديون عليه. لجأ العامري إلى بدء مشروع إعداد وجبات في المنزل بمساعدة زوجته، وبدأ في بيع الوجبات عن طريق التجول إلى المنازل، وبهذا استطاع الحصول على دخل مادي.

يختم العامري حديثه، ويقول: “كانت خطة ناجحة في إنشاء مشروعنا الصغير، واتضح لي في هذه المحنة، أن إشباع البطون أضحى أهم بكثير من إشباع الروح بالفن”.

مقالات مشابهة