المشاهد نت

تقييد العمل الصحفي في مأرب

لا توجد آلية واضحة حتى الآن لاستخراج تراخيص العمل الصحفي في مأرب

مأرب- عدي الدخيني 

 في مدينة مأرب “لا يستطيع الصحفي التصوير نهائيًا، ممكن أي شخص يوقفك عن عملك،  وقد تصادر ادواتك الصحفية.، هناك الوضع بات خطرا. أي شخص يستطيع أن يوقفك ويمنعك من ممارسة عملك ولا  توجد آلية تنظم العمل الصحفي بالمحافظة.”

هذا حديث أحد مراسلي القنوات المحلية في مأرب، طلب عدم نشر اسمه لأسباب أمنية في حديثه لـ (المشاهد). 

مأرب، حوالي 170 كلم، شرق صنعاء، إحدى الجبهات التي خاضت جولات قتال عنيفة مع قوات جماعة الحوثي التي تستميت في السيطرة على المحافظة النفطية.

لكن هذا القتال من أجل مأرب جعل السلطات هناك في حالة “عداء” مع الصحفيين. يصل إجمالي عدد السكان في محافظة مأرب نحو 3.2 مليون نسمة، منهم 2.3 مليون نازحون من مناطق مختلفة من اليمن، خصوصا شمال اليمن، حسب الوحدة التنفيذية للنازحين.

لا يستطيع العاملون في الإعلام ممارسة نشاطهم ما لم يحصلون على ترخيص مسبق من السلطة بمأرب وليس واضحا من هي الجهة الحكومية التي تصدر التراخيص لعمل الصحفيين.

يقول الصحفي الذي يعمل من مأرب أن الوحدة التنفيذية  للنازحين هي الجهة الحكومية الوحيدة التي تقدم آلية واضحة لترخيص عمل الصحفيين، لكنها مقتصرة على مخيمات النزوح فقط.”

يقول الصحفي “ذات مرة وأنا أصور عن الوضع الاقتصادي وتدهور العملة المحلية في المحافظة ، تفاجأت بجنود عسكريين يقومون بمنعي من التصوير أظهرت لهم بطاقة عملي، لكنهم لم يتفهموا ذلك  وكانوا يجيبون على هذا شأن لا يعنيننا”.

عرضة للعنف والقتل

مضى  نحو عقدًا منذ سيطرة جماعة الحوثي “أنصار الله”  على العاصمة صنعاء وإعلانها الحرب على الصحافة ومنتسبيها تسببت في مقتل وإصابات العشرات من الصحفيين ، فضلًا عن إغلاقها لمؤسسات إعلامية ونهبها.

احتلت اليمن المرتبة   169 من بين 179 بلدا في مؤشر حرية الإعلام للعام 2023، حسب تصنيف مراسلون بلاحدود.

وتقول المنظمة عن حرية الصحافة في اليمن  اليمن “يتعرض الصحفيون لاحتمال الاختطاف من قبل الحوثيين أو القاعدة أو الحكومة المعترف بها دوليا. وتعرضهم الميليشيات للعنف وسوء المعاملة، ويخاطرون بأن يكونوا أهدافا للتهديدات بالقتل أو القتل أو التفجيرات. وإذا تم احتجازهم، فقد يتعرضون لسوء المعاملة والتعذيب.”

خليل كامل مسؤول الرصد بمرصد الحريات الإعلامية يقول لـ “المشاهد”  ارتكبت جميع أطراف الصراع في اليمن انتهاكات جسيمة، بما في ذلك الاحتجاز التعسفي، والاختفاء القسري والتعذيب وغيره من ضروب المعاملة السيئة، والمحاكمات الجائرة ضد الصحفيين وكل من يخالفهم الرأي.

 وصل إجمالي الانتهاكات ضد الصحفيين والمؤسسات الإعلامية لأكثر من ألفي انتهاك، من بينها 54 حالة قتل، منذ مطلع 2015 حتى نهاية 2023، حسب كامل.

في محافظة مأرب  تلقى المرصد الكثير من البلاغات أفاد فيها مجموعة من الصحفيين والعاملين في مجال الإعلام  تعرضهم للاعتقال والاعتداء من قبل الجهات الأمنية.

خلال العام المنصرم تم توثيق 11 حالة انتهاك للصحفيين في مأرب، تنوعت بين اعتقال واعتداء وتهديد، استجواب ومحاكمة صحفيين، حسب المرصد.

وأمام وقائع تقييد العمل الصحفي في مأرب ، قامت جهات مدنية حقوقية وإعلامية بعقد لقاءات بين الصحفيين والجهات الأمنية في المحافظة، تهدف إلى تسهيل عمل الصحفيين.

إقرأ أيضاً  مشروع جديد للمياه في المحويت

مدير الإعلام والعلاقات بمنظمة صدى، رشيد المليكي، في حديثه لـ”المشاهد: “نظمنا لقاء تشاوريًا بين الصحفيين والجهات الأمنية ، بالتعاون مع مكتب الإعلام خرجنا بالعديد من الآراء تسهل العمل بالنسبة للصحفيين حتى يقوموا بمهامهم بطريقة أفضل مما هي عليه الآن”.

ويتابع: “فقط نحتاج إلى أن تسرع العملية، وأن نخرج أيضًا بصيغة خاصة من قبل مكتب الإعلام الذي ربما هناك نوع من التباطؤ”، حد قوله.

يقول كامل أن الممارسات القمعية بحق الصحفيين أدت  إلى تراجع كبير في حرية الصحافة، حيث ظهر موقع اليمن في مؤشر الحريات الصحفية في ذيل الدول في العالم، مما حدت من فرص الحصول على المعلومات الحقيقية عن الواقع، وتفشت ظاهرة التضليل والمعلومات التي تنتجها وتسوقها أطراف الصراع في اليمن.

يقول كامل “يسهم مناخ كهذا إلى تدمير مقومات الحريات الإعلامية وتجذر حالة معاداة الإعلام التي يتسم بها المشهد الإعلامي في أسوأ تجلياته. “

مأرب من أكبر المحافظات التي يتواجد فيها الصحفيين، في الوقت الذي يفترض أن تكون مأرب من المحافظات التي تسهل مزاولة الصحفيين لنشاطهم بكل حرية لكنها تفتقر لآلية عمل تنظم العمل الصحفي بالمحافظة، مما نتج عنه زيادة في عدد الانتهاكات، وحجم التضييق سواء من قبل السلطات الأمنية أو المدنية.

 فرضت الجهات الأمنية على الصحفيين في مأرب الحصول على تصريح  لممارسة العمل الصحفي . يصعب على الصحفيين استخراجه ويحتاجون وقتا طويلا للحصول عليه.

عبدالعالم نعمان، مراسل تلفزيوني في مأرب، يقول في حديثه لـ”المشاهد”عند ذهاب الصحفي لتغطية تقرير إخباري يصادف الأمن أمامه يطلب منه تصريح، يكون هناك خياران أمام الصحفي؛ إما إيجاد تصريح للسماح له بممارسة عمله، أو أن تتم مصادرة معداته الصحفية، واستدعاؤه إلى القسم”.

يقول كامل “على الجهات الأمنية  أن تعيد نظرتها للصحفيين كتهديد ، وأن يعمل مكتب الإعلام بالمحافظة على سرعة إيجاد آلية تنظم وتسهل العمل الصحفي، بدل القيود التي تمارسها.”

تنص المادة (13) من قانون الصحافة اليمني  “أنه لا يجوز مسائلة الصحفي عن الرأي الذي يصدر عنه أو المعلومات الصحفية التي ينشرها وأن لا يكون ذلك سببا للأضرار به ما لم يكن فعله مخالفا للقانون.”

المحامي والمستشار القانوني عُمر الحميري في حديثه لـ (المشاهد) يقول: “الصحفي وفقًا للدستور وقانون الصحافة واللائحة التنفيذية محمي ويحق له ممارسة أعماله وعدم اعتراضه وتقييده وملاحقته أو التضيق عليه أو منعه من أداء نشاطه الصحفي في أي موقع كان”.

وأضاف الحميري: “في حالة هناك قيود أخرى يحددها القانون في نطاق مواقع عسكرية التي يتم تحديدها وتسميتها ويتم إخضاع النشاط الإعلامي فيها لتصاريح محددة، فهنا يمكن القول أن على الصحفي اتخاذ التدابير اللازمة لاستخراج تصاريح للعمل، مثل المواقع العسكرية أو الجبهات بشكل عام”.

وأشار الحميري إلى “أن اعتراض الصحفيين والإعلاميين من مزاولة نشاطهم في الأماكن العامة يعتبر تقييدًا لحرية الصحافة والإعلام خصوصًا إذا كانوا يتبعون مؤسسات إعلامية مصرحة رسميًا من وزارة الإعلام.”

لا يزال الصحفيون في مأرب ينتظرون آلية جديدة من مكتب الإعلام بمأرب لتنظيم عملهم هناك.

مقالات مشابهة