المشاهد نت

حرمان المرأة من الميراث بسبب هشاشة القضاء في اليمن 

يعد حرمان المرأة من ميراثها أمرا شائعا خصوصا في المناطق الريفية-اليمن

تعز- بدور الحميري 

الأعراف والعادات والتقاليد المجتمعية تحرم المرأة العديد من حقوقها في بعض المناطق اليمنية. بالرغم من وجود النصوص الدينية الواضحة بشأن توزيع الميراث على الذكور والإناث، وتأكيد القانون اليمني على أهمية تقسيم الميراث وفقا للتشريعات الإسلامية، إلا أن حرمان المرأة من الميراث أمر قائم في العديد من المجتمعات، لا سيما في المناطق الريفية.  

تتجنب العديد من النساء المطالبة بنصيبهن من الميراث لأنها لا تريد أن تصنع لها عداوة مع إخوانها، ولهذا السبب يفقدن الكثير منهن حقوقهن المشروعة. 

قبول عثمان، مواطنة من تعز، تقول لـ “المشاهد” إنها تركت مطالبة أخيها الأكبر بحقها في الميراث بعد وفاة والدها منذ أكثر من 25 عامًا، ولا زالت حتى اليوم غير قادرة على المطالبة بنصيبها. 

تضيف: “منذ وفاة والدي، لم يرق قلب أخي ليعطيني حقي في الميراث، متحججاً بأنه يخشى أن يذهب المال إلى زوجها وأولادها”. 

القاضي مجيب محمود يقول لـ “المشاهد” إن الأشخاص يختلفون بشأن موقفهم من إعطاء أخواتهم نصيبهن من الميراث؛ فالمتدين يعطي نصيب الأخت، والمتهاون والمقصر يحاول التهرب، لكن القضاء يجبر المتمرد والمتهاون على تسليم نصيب الأخت من الميراث. 

جوهرة القريضي، مواطنة من تعز، تروي قصتها وحرمانها من الميراث: “كان أبي يمتلك العديد من الأراضي، وبعد وفاته سيطر إخواني على كل أملاكه. وذات يوم، باع إخواني أرضية بمبلغ عشرين مليون ريال، وكنت منتظرة أن أحصل على نصيبي، لكني تفاجأت عندما أعطوني مبلغ أربعين ألف ريال لا غير برغم ظروفي الصعبة التي كنت أمر بها. لقد تعرضت للظلم”. 

عادة قديمة 

المحامي نصر الشميري يقول إن حرمان المرأة من حقها في الميراث كان سائدا في اليمن قديماً، حيث يعتقد الأهل أن المرأة لا ترث لأن الإرث سيذهب لزوجها. 

يشير الشميري إلى أن بعض القبائل في اليمن كان يشترط على المرأة إذا وافقت على الزواج أن تتنازل عن إرثها، لكن الآن تلاشت هذه الظاهرة بشكل كبير، ولم يعد هناك إلا القليل من الأسر التي تعمل بهذه الطريقة.  

ويقول الشميري أن عدم إعطاء المرأة حقها من الميراث يعتبر تخلفاً بحد ذاته، لأنه مخالف لشرع الله، وتعطيل للنصوص الشرعية والقانونية، لأغراض مادية ذاتية، واستحواذ على حقوق الآخرين.

سميرة، 40 عاما، من ريف تعز، تقول لـ “المشاهد” إن إخوانها استحوذوا على عائدات الأرض الزراعية التي تركها والدها المتوفي منذ سنوات، ولم تحصل منهم على شيء حتى اليوم. 

إقرأ أيضاً  الانتهاكات الإنسانية باليمن «مازالت مستمرة»

تضيف: “أتعرض للسب والشتم من إخواني كلما طالبتهم بحقي من الميراث لكنهم يستفيدون مع أطفالهم عائدات أرض والدي في الوقت الذي لا أملك قيمة العلاج إذا مرضت”. 

وعن القضاء المحاكم، ترى سميرة أن العادات والتقاليد أقوى من المحاكم، وأنها إذا فكرت في اللجوء إلى القضاء، ستخسر أموال أكثر من نصيبها في الميراث، وستحتاج لسنوات طويلة للحصول على حقها، لأن المحاكم تماطل في مثل هذه القضايا. 

سيطرة الأعراف

بحسب الناشط الحقوقي عبد السلام الليث، قانون الأحوال الشخصية اليمني يؤكد على حق المرأة في الميراث وفقا لأحكام الشريعة الإسلامية، ولا يجوز حرمانها من الميراث، ولا توجد قوانين أو تشريعات تنص على حرمانها، كما لا يحق لأحد الورثة أن يمنع أحد من حقه الشرعي، بخاصة البنات ولا يحق لأحد إحراجهن للتنازل عن الميراث. 

يوضح الليث بعض الأسباب التي تدفع بعض الأسر إلى حرمان النساء من الميراث، ويقول لـ “المشاهد”: “هناك بعض المناطق باليمن تحرم المرأة من ميراثها بعد أبيها أو زوجها، وهذا يعود للجهل والأمية في تلك المناطق، والنظرة القاصرة للمرأة، وسيطرة الأعراف القبلية التي جعلت المرأة تعزف عن المطالبة بحقها. هناك من يحاول شراء حقهن بثمن بخس لا يتناسب مع ثمنه الحقيقي، وهناك من يمنعهن لسنوات بذريعة أن حقها محفوظ لديه”. 

يؤكد الليث أن للمرأة الحق في الحصول على حقها ونصيبها الشرعي، وإذا حرمت من حقها في الميراث، عليها أن تلجأ إلى القضاء، حيث إن عقوبته في القضاء إلزامه بإعادة الحق مع دفع كافة المنافع التي جناها من حبسه للميراث إضافة إلى تكاليف التقاضي. 

على الرغم من وضوح نصوص القانون اليمني بشأن منح المرأة حقها في الميراث، إلا أن تطبيق القانون والدستور لا يزال ضعيفاً. في الوقت الحاضر، تطول إجراءات التقاضي في المحاكم حول حقوق الميراث، ولا تحتمل المرأة هذه الإجراءات مادياً ومعنوياً، الأمر الذي يحول دون حصولها على حقها. 

تم إنتاج هذه المادة ضمن مشروع تعزيز أصوات النساء من خلال الإعلام الذي ينفذه مركز الدراسات والإعلام الاقتصادي.

مقالات مشابهة