المشاهد نت

حرمان المرأة العمل بسبب الزوج

تبعات اقتصادية واجتماعية وخيمة على الأسرة نتيجة منع المرأة من العمل

تعز- مختار شداد

تخرجت أسماء في الجامعة كممرضة قبل ثلاث سنوات، وبدأت العمل في مركز صحي بمدينة تعز. وبعد أشهر، تقدم لخطبتها شاب من نفس المحافظة. كانت أسماء شغوفة بعملها، ولم تكن مستعدة للتضحية بعملها مقابل الزواج.

بعد أن تمت الخِطبة، اشترطت أسماء على خطيبها أن يسمح لها بالعمل في حال تم الزواج، فوافق على شرطها. وقبل عامين، احتفلت بزفافها، وعادت إلى عملها كممرضة في المركز الصحي، بينما زوجها عاد بعد بضعة أشهر من الزفاف إلى عمله في صنعاء.

بعد إنجاب الطفل الأول، قرر الزوج أن ينقل عمله من صنعاء إلى تعز، وطلب من أسماء أن تتوقف عن العمل. كانت تلك الصدمة الأولى التي تعرضت لها بعد الزواج. تقول ل “المشاهد”: “بدأ يزورني مرارا إلى المركز الذي كنت أعمل فيه، وكان متضايقا من كلامي مع المرضى. لكن هذه طبيعة العمل، ولا أرى أن هناك مشكلة أن تتحدث الممرضة مع المرضى سواء كانوا نساء أو رجالا”.

لكن الزوج كان مصرا على إيقافها عن العمل، ووعدها أن يعطيها ضعف راتبها الذي تحصل عليه من المركز الصحي. في البداية رفضت العرض، وتمسكت بوظيفتها، وشجعتها أسرتها على ذلك. وبعد جدال وحوار، قال لها زوجها إن أمامها طريقين: الاستمرار في عملها والطلاق أو التوقف عن عملها وإبقاء تماسك الأسرة.

تقول أسماء: “حبي لابني الوحيد جعلني أرضخ له، وقلت ما الفائدة أن أترك ابني طالما هناك من سيتكفل بي وبه”.

توقفت أسماء عن العمل وبقت مع طفلها في البيت، حرصا على استمرار تماسك الأسرة وإرضاء الزوج. ومع ذلك، فرض عليها زوجها شروطا جديدة، ومنعها من مغادرة البيت أو زيارة صديقاتها التي يعشن بالقرب منها. زادت حدة الخلافات بين الطرفين، ولم تستطع أسماء تحمل المزيد من الاستعباد. قررت المغادرة إلى بيت أهلها لتطلب الطلاق.

اليوم، تشعر أسماء بالخذلان، وتقول: “تركني الجميع، والدي وإخواني، وفي النهاية خسرت كل شيء، ولا زال الكثير يلومني. كنت أبكي أياما وليالي بسبب كلمة واحدة، والآن لم أعد أهتم بهذه الدنيا”.

كانت أسماء محظوظة بأسرتها التي شجعتها على التعليم والحصول على درجة جامعية، إلا أنها لم تحظ بدعم زوجها للاستمرار في مهنتها، بسبب العادات والتقاليد والنظرة السلبية لعمل المرأة في العديد من المجالات.

إقرأ أيضاً  الأسر المنتجة تسعد الفقراء في العيد

تدني الوعي

الناشطة الحقوقية إشراق المقطري تقول ل “المشاهد”: “تلعب الثقافة المجتمعية المتمثلة بالعادات والتقاليد دورا هاما في حرمان المرأة من العمل، إذ يقوم الرجال بمنع المرأة من العمل بحسب السلطة التي منحت لهم، وحسب سوء فهم لمضمون السلطة التي منحت لهم أو باعتقادهم أن هناك سلطة تعطيهم الحق في حرمان الأنثى من حقها في العمل”.

تضيف: “بالنسبة للأزواج، أعتقد أن الأسباب تعود إلى العقلية والمستوى الثقافي الذي للزوج. كثير من الأزواج في مجتمعنا، بالذات في الريفي، يعتقدون أن عمل المرأة يحرمهم من السيطرة عليها واتخاذ القرار، ويجهلون مكانة المرأة وأهمية مشاركتها في الحياة”.

تشير المقطري إلى أن هناك فهما خاطئا للتعاليم الدينية من خلال منع حركة النساء وحريتها بالتنقل، وهناك مشكلة في الوعي، بسبب سوء التنشئة في الأسرة، وإعطاء سلطة للذكور أكثر من الإناث.

يسهم تمكين المرأة في بناء مجتمعات قادرة على التعامل مع الأزمات، وتعد المرأة عاملا أساسيا للتنمية المحلية والصمود الاقتصادي. وبالتالي، يعتبر إقصاء المرأة من سوق العمل نوعا من التمييز وسببا للتراجع الاقتصادي والتنموي.

بحسب تقارير أممية، تحتل اليمن المرتبة 160 من 189 بلدا في مؤشر عدم المساواة بين الجنسين.

وتشير الأبحاث إلى أن الحرب أثرت على النساء في القوى العاملة أكثر من الرجال. ففي عام 2015، انخفضت عمالة الذكور بنسبة 11 %، بينما انخفضت عمالة الإناث بنسبة 28 %. وتتباين هذه الأرقام من محافظة إلى أخرى، فبينما تراجعت عمالة النساء في صنعاء بنسبة 43 %، بسبب تضرر القطاع الخاص، تزايد عدد النساء العاملات في عدن بنسبة 11 %.

تظل المرأة تحت رحمة الرجل في العديد من المجتمعات اليمنية، وهي غير قادرة على تحدي سلطة الرجل، واتخاذ القرارات المصيرية بشأن حياتها وعملها ومستقبلها. في الماضي والحاضر، الكثير من النساء اليمنيات، مثل أسماء يعشن مأساة صنعتها الفجوة الواسعة بين الجنسين.

تم إنتاج هذه المادة ضمن مشروع تعزيز أصوات النساء من خلال الإعلام الذي ينفذه مركز الدراسات والإعلام الاقتصادي.

مقالات مشابهة