المشاهد نت

استمرار تراجع مؤشر التنمية البشرية في اليمن

الأمم المتحدة: تدهور ترتيب اليمن في مؤشر التنمية البشرية يهدد بعودة اليمن 40 عاما للخلف أو جيل ونصف في حال استمرت الحرب في البلاد حتى 2030

صنعاء- نجوى حسن 

تتفاقم الأزمة الإنسانية باستمرار في اليمن، وتتراجع البلاد تعليميا، وصحيا، واقتصاديا في ظل الصراع العسكري والسياسي الذي تشهده البلاد منذ تسع سنوات. في تقرير التنمية البشرية لعام 2023/2024 الصادر عن برنامج الأمم المتحدة الإنمائي، جاءت اليمن في المرتبة 186 بين 193 دولة في مؤشر التنمية البشرية، ما يضعها ضمن أقل البلدان نموا. 

يجسد ترتيب اليمن المتدني في مؤشر التنمية البشرية حقيقة مؤلمة للشعب اليمني هي أن التنمية في اليمن ستعود 40 عاما للخلف أو جيل ونصف إذا استمرت الحرب حتى عام 2030.

وهذا يعكس جليا تأثير الصراع المستمر على حياة اليمنيين، حيث أدى إلى انهيار أنظمة التعليم والصحة والبنية التحتية، وارتفاع معدلات الفقر والبطالة.

يُعبّر مواطنون يمنيون عن قلقهم من تداعيات تراجع مؤشر التنمية البشرية في اليمن، ويعتقدون أنّ ذلك ينذر بمزيد من الأزمات، بخاصةً في مجالات التعليم، والصحة، ودخل الفرد التي ركز عليها التقرير الأممي.

الباحث الاقتصادي فارس النجار يقول لـ “المشاهد”  إن مؤشر التنمية البشرية يلعب دورًا محوريًا في تقييم أداء الدول على صعيد رفاهية شعوبها، ويقوم هذا المؤشر على ثلاثة مجالات رئيسية، وهي مؤشر الصحة  الذي  يقيس متوسط العمر المتوقع للأطفال بعد الولادة، ومؤشر التعليم الذي يقيس متوسط مستويات الدراسة بين البالغين والسنوات الدراسية المتوقعة للأطفال، وكذلك مؤشر الدخل القومي للفرد”. 

يُشير النجار إلى أنّ الأسباب التي أدت إلى تراجع مؤشرات التنمية البشرية في اليمن كثيرة، منها أحداث 2014، واستيلاء جماعة الحوثي على مؤسسات الدولة، ونهب أموال الدولة، والحربٍ الذي أدّت إلى تدمير البنية التحتية، بما في ذلك المدارس والمستشفيات، ممّا أدى إلى ضعف وتدهور القطاع التعليمي والصحي.

يضيف: “تسببت الحرب في اليمن بانهيار الاقتصاد، ونزوحٍ داخلي واسع النطاق، مما شكل ضغطًا هائلاً على الموارد والخدمات، مع انخفاض الدخل القومي للفرد. هذه العوامل مجتمعة هي المسؤولة بشكلٍ رئيسي عن تدهور الأوضاع المعيشية في اليمن”. 

الصحفي الاقتصادي وفيق صالح يقول لـ “المشاهد” إن تراجع مؤشرات التنمية في اليمن يُمثل انعكاسًا لتوقف الأنشطة التنموية، نتيجة توقف الصادرات اليمنية، وتعطل المؤسسات العامة، وغياب البيئة الآمنة للاستثمار، وهجرة رأس المال، ونهب موارد الدولة، وإيقاف رواتب الموظفين في القطاع الحكومي منذ ثماني سنوات.

تأثير تراجع مؤشر التنمية البشرية 

فارس الأكحلي، مدرب تنمية بشرية، يقول لـ “المشاهد” إن التراجع في الخدمات الصحية في اليمن قد يؤثر بشكل كبير على الصحة العامة، ما يعني زيادة انتشار الأمراض والأوبئة، وتراجع مستوى الرعاية الصحية الأساسية الوقائية، وبالتالي زيادة معدلات الوفيات، والتأثير على متوسط العمر المتوقع للفرد اليمني. ويلاحظ أيضًا أن هذا التراجع قد يؤثر على قطاع التعليم، حيث يرتبط التعليم بشكل كبير بالتنمية البشرية.

إقرأ أيضاً  تعز: العيد دون زيارات في ظل الحصار

 يوضح  الأكحلي: “إن تراجع الخدمات الصحية قد يؤثر بشكل كبير على مستوى التعليم في اليمن، حيث قد يؤدي هذا التراجع إلى نقص في البنية التحتية التعليمية، وتدهور الوسائل التعليمية، مما يؤثر سلبًا على مستوى القراءة والكتابة ومعدلات التحصيل الدراسي للفرد اليمني”. 

  يتابع: ” ارتفاع معدلات البطالة وانحسار فرص العمل في اليمن أدت إلى تراجع مستويات المعيشة، وزيادة معدلات الفقر والعوز بين السكان”. 

تحدثت خديجة البريهي، طالبة في جامعة تعز، قسم اقتصاد وتجارة دولية، لـ “المشاهد” عن أهمية مؤشر التنمية البشرية كعنصر أساسي في التنمية الاقتصادية،  وأشارت إلى أن مؤشر التنمية البشرية له تأثير مباشر على التنمية الاقتصادية، حيث يرتبط بمفهوم بسيط، وهو دخل الفرد.

 تؤكد  البريهي أن تراجع دخل الأفراد في اليمن يفاقم من معاناتهم، ويؤثر على مستوى حياتهم، ما يجعل الوضع المعيشي والإنساني في حال أسوأ. 

حلول مقترحة

يرى العديد من الباحثين والسياسيين أن السلام هو السبيل الوحيد لإنهاء الأزمات في اليمن بشكل تدريجي.

يقول  النجار لـ “المشاهد”: “أعتقد أن السلام أصبح اليوم ضرورة ملحة لتلبية احتياجات الناس، لكنه يجب أن يكون سلام يعيد للدولة هيبتها والمؤسسات مكانتها.”

يوضح النجار أن المجتمع اليمني بحاجة ماسة إلى دعم دولي عاجل ومساعدات إنسانية، حيث أن المساعدات  الإنسانية  منذ عام 2012 حتى عام 2023، لم تلبِ إلا 58% من حجم الاحتياجات، والتي كانت تزيد عن 32 مليارا، في حين لم يتم توفير سوى 19 مليارا. 

وفي السياق، يقول  الأكحلي  لـ”المشاهد” إنه يمكن اتخاذ بعض الآليات لتحقيق التنمية البشرية في اليمن من خلال وضع استراتيجيات وخطط عمل متكاملة تستهدف تحسين مؤشرات التنمية البشرية في البلاد، وتوجيه الاستثمارات العامة والخاصة نحو القطاعات الرئيسية ذات الصلة بتحقيق التنمية، وتعزيز التعاون والشراكات بين الحكومات والمنظمات الدولية والمجتمع المدني لتنفيذ برامج تنموية. 

بحسب الأكحلي، يجب تقديم التمويل والدعم اللازم للمشاريع التنموية التي تهدف إلى تحسين التعليم، والرعاية الصحية، وخلق فرص عمل، وتعزيز الشفافية، ومكافحة الفساد لضمان فعالية استخدام الموارد، وتحقيق النتائج المرجوة، وذلك من خلال تعزيز الثقافة التوعوية بأهمية التنمية البشرية، وتشجيع المشاركة المجتمعية في تحقيقها.

يختم الأكحلي حديثه، ويقول: “إن إنهاء الحرب والصراع في اليمن هو الخطوة الأولى والأهم لتحسين مؤشرات التنمية البشرية، ولا بد من توجيه جهود استثمارية كبيرة نحو تحسين نظام التعليم في اليمن، بما في ذلك تطوير المناهج الدراسية، وتوفير بيئة تعليمية مناسبة، وتدريب المعلمين، بالإضافة إلى توفير الرعاية الصحية الأساسية والوقائية، وتطوير البنية التحتية الصحية، وتوفير الأدوية والمستلزمات الطبية”. 

مقالات مشابهة