المشاهد نت

ضياع حق المرأة في التعليم والعمل بسبب الحرب 

تحرم الحرب المرة من حقها في التعليم والعمل نتيجة تشظي البلاد بين جماعات مسلحة متعددة

تعز- معاذ العبيدي

“عندما كنت طفلة، كنت أحلم أن أصبح طبيبة”. بهذه العبارة تتذكر سارة حلمها الذي رافقها منذ الطفولة. ولتحقيق ذلك الحلم، خططت سارة للانتقال بعد المرحلة الثانوية من منطقة الحوبان إلى مدينة تعز للدراسة والعيش هناك. لكن تلك الخطة لم تفلح بسبب الحرب، وأصبح تحقيق الحلم مستحيلًا. 

تقول سارة، 25 عاما، لـ “المشاهد”: “كانت أختي تسكن في مدينة تعز، وكانت تلك فرصتي الوحيدة للانتقال إلى المدينة للسكن والدراسة فيها. لكن الحرب أجبرت أختي على النزوح إلى القرية، وأصبح انتقالي إلى المدينة غير ممكن لأن حالتي المادية صعبة، ولا أستطيع بمفردي توفير متطلبات العيش والدراسة”. 

لم تستطع أسرة سارة التكفل بتكاليف الدراسة، ولم يكن أمامها سوى الزواج، لتصبح ربة منزل. 

منذ اندلاع الحرب الأهلية في اليمن عام 2015، انقسمت محافظة تعز إلى جهتين؛ جهة تسيطر عليها الحكومة اليمنية الشرعية المعترف بها دوليًا، والجهة الأخرى تحت سيطرة جماعة الحوثي،  ونجم عن ذلك قطع الطرقات الرئيسية المؤدية إلى مدينة تعز التي تقع تحت سيطرة الحكومة.

 يسلك المواطنون طرقا جبلية وعرة، ويقضون ساعات في التنقل من مناطق سيطرة الحوثي إلى مدينة تعز. كانت الحرب وقطع الطرقات سببًا رئيسيًا لحرمان الفتيات في تعز الكثير من الفرص التعليمية والتدريب وفرص العمل. 

طرق مخيفة 

وعلى امتداد تلك الطرقات الجديدة التي فرضتها الحرب، يواجه المواطنون العديد من المخاطر والانتهاكات، حيث سجلت منظمة «سام» منذ 2015 حتى نهاية ٢٠٢٢ أكثر من 5000 حالة انتهاك، شملت القتل، والإصابات الجسدية، والاعتقال التعسفي والإخفاء القسري، والتعذيب، والمنع من التنقل. وكان للنساء نصيب من تلك الانتهاكات. 

داليا محمد، ناشطة مجتمعية بمدينة تعز، تقول لـ “المشاهد”: “تأثرت حقوق المرأة بشكل كبير جدا خلال فترة الحرب، مثل حق التعليم والعمل والتدريب. فبسبب الحرب وقلة الدخل، أصبحت مصاريف الأسرة عبء أكبر على المعيل، وهذا الأمر يمنعه من إرسال الفتيات إلى المدرسة أو الجامعة. الظروف المادية الصعبة تسببت أيضا بظهور الزواج الإجباري وانتشار زواج القاصرات”. 

تؤكد محمد أن انقسام تعز أدى إلى حرمان الكثير من النساء من حق التعليم الجامعي، كون الآباء غير قادرين ماليًا على إرسال بناتهم من الحوبان للدراسة في تعز، ولا يشعرون أيضا بالأمان عندما يسمحون لبناتهم بالسفر عبر تلك الطرق الوعرة والطويلة. 

إقرأ أيضاً  الاتصالات من سقطرى إلى بقية المحافظات اليمنية بالسعر الدولي

تضيف: “هناك أسباب أخرى، مثل رفض الآباء إسكان بناتهم في سكن الجامعة، ولا يسمحون لهن بالسفر دون مرافق بخاصة في تلك الطرقات البديلة التي تسيطر عليها المجاميع المسلحة”. 

تشير محمد إلى أن جماعة الحوثي في الحوبان والمناطق الأخرى تفرض قيودا على المرأة، بما في ذلك المنع من السفر، وهذه القيود أسهمت في حرمان النساء من التعليم الجامعي، أو الحصول على فرص عمل في محافظات أخرى. 

قيود ومضايقات 

أروى، 30 عاما، خريجة تمريض بتعز، تقول لـ “المشاهد”: “كنت أعمل في مستشفى أهلي في مدينة تعز، وكنت أذهب مع الباص من الحوبان إلى المدينة في أقل من نصف ساعة. وبعد أن اندلعت الحرب، أصبحت بلا عمل لأن الطريق الرابط بين المدينة والحوبان مقطوعة وغير آمنة”. 

تتابع أروى: “أحاول العمل هنا في الحوبان أو صنعاء أوإب، لكن المضايقات كثيرة، حيث تُمنع المرأة من السفر دون محرم، وهذا يفقدني الكثير من فرص العمل والتدريب”. 

رئيس منظمة سام للحقوق والحريات توفيق الحميدي يقول لـ “المشاهد” إن هناك إلغاء لحقوق المرأة في ظل الحرب، لأن الحرب تخلق ظروفا استثنائية، وتعطل الكثير من القوانين بسبب البيئة غير الآمنة، وغياب الدولة التي تحافظ على القوانين وترعاها، وتلاحق وتضبط المخالفين. 

 ويشير إلى أن المدن اليمنية شهدت عمليات قصف مستمرة استهدفت المنشآت المدنية، وهذا لم يؤثر على الرجال فقط، بل تعداه للنساء، فالصراع بين الجماعات المسلحة في تعز انعكس بشكل سلبي على المرأة. 

يختم الحميدي حديثه، ويقول: “شهدت اليمن تصاعدا للخطاب الديني المتطرف نتيجة لتعقيدات متعلقة بالحرب وانعدام الأمن، الأمر الذي خلق أسبابا أخرى لحرمان الفتيات من التعليم والعمل”. 

تم إنتاج هذه المادة ضمن مشروع تعزيز أصوات النساء من خلال الإعلام الذي ينفذه مركز الدراسات والإعلام الاقتصادي.

مقالات مشابهة