المشاهد نت

الخوف من الوصمة يطيل معاناة المرضى النفسيين في اليمن

الخوف من الوصمة يطيل معاناة مرضى الاضطرابات النفسية في اليمن
الخوف من الوصمة يطيل معاناة مرضى الاضطرابات النفسية في اليمن

عدن- ريم الفضلي

كان مروان، 22 عاما، من مدينة عدن، جنوب اليمن، مكتئبا، ولم يفصح عن حالته النفسية لأي شخص استمر على هذا الحال لأكثر من عام، وكانت معاناته تزيد كل يوم.

في اليمن، زيارة الطبيب النفسي أمر غير مرغوب، بل ويرفضه الكثير، بسبب وصمة العار المرتبطة بالاضطرابات النفسية، كالاكتئاب. في حديثه ل “المشاهد”، يقول مروان: “زادت مخاوفي من الإفصاح عن حالتي النفسية، وكبرت معاناتي. وكلما زاد الاكتئاب، تعاظمت صعوبة التعامل مع ذلك الشعور”.

يشهد اليمن الذي يبلغ عدد سكانه 30 مليون نسمة تحديات صحية كبيرة، ويعد غياب المتخصصين النفسيين والأدوية والخوف من الوصمة الاجتماعية من ضمن التحديات التي تواجه قطاع الصحة النفسية.

وأشارت تقارير رسمية إلى أن عدد الأطباء النفسيين في 2020 بلغ 59 طبيبا، ما يعني طبيبا نفسيا واحدا لكل نصف مليون شخص، وقدر متوسط عدد العاملين الصحيين المتخصصين في الصحة النفسية (أطباء وممرضون ومعالجون) بحوالي 300، بمعدل متخصص واحد لكل مئة ألف نسمة.

مروان شخص واحد من آلاف المرضى اليمنيين الذين يعانون في صمت، خوفا من الوصمة الاجتماعية.

الخوف من المجتمع

يعتقد الكثير من المواطنين أن اعتراف الشخص باضطراب نفسي مثل الاكتئاب هو علامة على الضعف أو نقص في الرجولة، الأمر الذي يحول دون قبولهم للمساعدة، بحسب الإخصائيين النفسيين.

غدير البحيري، إخصائية نفسية، تقول ل “المشاهد”: “يعتقد الرجل أن إصابته بالاكتئاب يتعارض تماما مع سماته المتمثلة بالعطاء والإنجاز، وهو المسؤول عن حماية نفسه وعائلته. ولهذا، يكون وقع الاضطراب عليه أقوى”.

تضيف: “يتولد في داخل الرجل صراع بين سماته الأساسية وبين أعراض الاكتئاب، وهذا الصراع يزيد الضغط عليه، فيحاول إخفاء الاكتئاب ومحاربته بنفسه لكي لا يظهر ضعفه”.

أستاذ علم الاجتماع بمركز الدراسات والبحوث اليمني ، الدكتور عبد الكريم غانم، يقول إن المصابين بمرض الاكتئاب في اليمن، خصوصا الرجال، غالبا ما يتوقفون عن مواصلة رحلة العلاج النفسي، ويرفضون زيارة عيادة الأطباء النفسيين.

يوضح غانم الطرق التي قد يلجأ لها المصابون بالاضطرابات النفسية، ويقول: “قد يلجأ البعض إلى المشعوذين والدجالين تجنبا للوصمة، الأمر الذي قد يترتب عليه تطور الاكتئاب إلى اعتلال في الصحة، وعجز في قدرة الفرد على العمل والإنتاج”.

إقرأ أيضاً  جولة مفاوضات جديدة بين الحوثيين والحكومة حول الأسرى

يؤكد غانم على أن الإفصاح عن المرض النفسي مع المجتمع والمختصين عامل مهم للحد من الوصمة المرتبطة به، مؤكدا بأن عواقب تدهور الصحة النفسية للفرد يصعب احتواءها كلما طال أمد المرض.

طرق النجاة

يرى غانم أن التثقيف والتوعية بالعلاج النفسي يمكن أن يسهم في التغلب على الوصمة الاجتماعية المرتبطة بالاضطرابات النفسية، مشيرا إلى أهمية الدور الذي يمكن أن تقوم به المنظمات العاملة في الدعم النفسي من خلال تبني برامج التثقيف حول كيفية التعامل مع الاكتئاب، وغيره من الاضطرابات النفسية.

توضح الإخصائية النفسية البحيري أن الأسلوب الأنسب للتعامل مع المصاب بالاكتئاب هو إظهار الاهتمام بالمريض وتقبله واحتوائه، بالإضافة إلى الوقاية من الأمراض الجسدية، وتقوية المناعة عن طريق تناول الأكلات الصحية، وأخذ الدورات الصحية التوعوية، والاستشارات النفسية.

عبد الله محمد، 33 عاما، من محافظة حضرموت، يقول ل “المشاهد” إنه عانى لسنين من الاكتئاب، وحاول إخفاء اضطرابه النفسي، ولم يخبر أهله وأصدقاءه، وكان ذلك التصرف سببا لمضاعفة معاناته. وبعد أن قرر طلب المساعدة النفسية من المختصين، بدأت معاناته تنحسر.

يضيف محمد: “بدأت بزيارة الطبيب النفسي والتحدث عن مشاكلي النفسية، وتلقيت الدعم والعلاج اللازم لتخفيف أعراض الاكتئاب. وتدريجيا، شعرت بتحسن كبير في مزاجي، وعدت أنظر إلى الحياة بنظرة إيجابية”.

يتفق مروان مع محمد بشأن أهمية الحصول على الدعم النفسي من المراكز المختصة، حيث يرى أن هذه الطريقة هي الأنسب لمواجهة الاضطرابات النفسية.

بعد أكثر من عام من الاكتئاب، قرر مروان التوجه إلى أحد مراكز الرعاية النفسية في مدينة عدن، ليضع النهاية لحالته النفسية المضطربة.

يختم مروان حديثه، ويقول: “كانت الوصمة الاجتماعية تتحكم بي، وعندما طلبت المساعدة، كانت تلك الخطوة الصحيحة نحو النجاة. يجب أن نعتني بصحتنا النفسية، ويجب ألا نسمح للتعليقات السلبية أن تمنعنا عن الاعتناء بصحتنا النفسية.”

تم إنتاج هذه المادة ضمن مشروع تعزيز أصوات النساء من خلال الإعلام الذي ينفذه مركز الدراسات والإعلام الاقتصادي

مقالات مشابهة