المشاهد نت

تداعيات الصراع على حسابات المنظمات البنكية

انقسام الإدارة النقدية بين مركزي صنعاء وعدن يعرقل العمل الإنساني

عدن – مازن فارس

أقرت الحكومة اليمنية المعترف بها دوليًا وجماعة الحوثي (أنصار الله)، إجراءات جديدة تتعلق بالحسابات البنكية للمنظمات والوكالات الأممية العاملة في البلاد، في خطوة اعتبرتها منظمات محلية “إجراءات متسرعة لها تداعيات سلبية على الوضع الإنساني”.

ففي أواخر نوفمبر الماضي، أصدرت وزارة الشؤون الاجتماعية والعمل في العاصمة المؤقتة عدن، قرارًا قضى بإيقاف فتح أي حسابات لمنظمات المجتمع المدني الأهلية في بنوك لا تخضع لإشراف ورقابة البنك المركزي في عدن.

وقالت الوزارة، في مذكرات وجهتها إلى محافظي المحافظات المحررة ورؤساء المجالس المحلية، والممثل المقيم للأمم المتحدة منسق الشؤون الإنسانية في اليمن، وممثلي المنظمات والوكالات الأممية والإقليمية والدولية، إن القرار يأتي استنادًا إلى قرار مجلس القيادة الرئاسي وقرار مجلس الدفاع الوطني بتصنيف جماعة الحوثي “منظمة إرهابية”، الصادر في أكتوبر الماضي.

كما استند قرار الوزارة إلى أمر مجلس الوزراء بشأن إعادة ترتيب أولويات أداء الوزارات، بالإضافة إلى أحكام ونصوص قانون الجمعيات والمنظمات الأهلية بشأن مكافحة غسيل الأموال وتمويل الإرهاب.

وحددت الوزارة أربعة بنوك قالت إنها “معتمدة وخاضعة لرقابة البنك المركزي في عدن”، للتعامل مع المنظمات ونقل حساباتها إليها خلال شهري ديسمبر الجاري ويناير المقبل.

والبنوك المعتمدة، بحسب القرار، هي “البنك الأهلي اليمني وبنك التسليف التعاوني والزراعي وبنك عدن للتمويل الأصغر وبنك القطيبي الإسلامي للتمويل الأصغر”.

في المقابل، وبعد يومين فقط من قرار الحكومة في عدن بشأن حسابات المنظمات، وجّه المجلس الأعلى لإدارة وتنسيق الشؤون الإنسانية والتعاون الدولي التابع لجماعة الحوثي، المنظمات بعدم التعامل مع البنوك التي اعتمدتها الحكومة، إلى جانب “بنك الكريمي للتمويل الأصغر والبنك العربي وبنك التضامن الإسلامي وبنك عدن للتمويل الأصغر”.

وقال المجلس في مذكرة وجهها لممثلي المنظمات والبرامج الأممية، إن “شركات الصرافة جميعها غير مصرح لها التعاقد مع المنظمات بشكل مباشر لأغراض توزيع المساعدات النقدية الإنسانية”.

وأضاف أنه “يمكن لشركات الصرافة المساهمة في تنفيذ تلك الأعمال عبر عقود فرعية مع البنوك المصرح لها التعامل مع المنظمات”.

ومنذ سبتمبر 2016، يشهد اليمن أزمة انقسام نقدي تصاعدت حدتها عندما أقرت الحكومة نقل مقر البنك المركزي اليمني من صنعاء إلى عدن.

وفي المقابل، رفضت جماعة الحوثي، التي تسيطر على العاصمة صنعاء، الاعتراف بالقرار، مما أدى إلى انقسام البلاد بين مصرفين يعتبر كل منهما الآخر فرعًا، الأمر الذي فاقم الأزمة الإنسانية والاقتصادية في البلاد.

يرى المحامي عمر الحميري أن قرار وزارة الشؤون الاجتماعية والعمل “جزء من خطة الحكومة بالنسبة للإصلاحات التي التزمت بها لتصحيح الوضع الاقتصادي”، حد قوله.

إقرأ أيضاً  قتلى مدنيون بمسيرة حوثية بتعز

ويقول الحميري، في سياق حديثه لـ”المشاهد”، إن “إيقاف التعامل مع بنوك وتقييد التعامل مع بنوك أخرى، هو لتسهيل عمل المنظمات والجمعيات، ومنع التعامل مع بنوك ربما هي في وضع قانوني غير سليم”. واصفًا القرار بأنه “إجراء سيادي يحق للدولة اتخاذه”.

ويشير إلى أن “المنظمات والجمعيات ملزمة بتنفيذ قرارات وزارة الشؤون الاجتماعية والعمل وفقًا لقانون المؤسسات والجمعيات الأهلية”.

الإنقسام النقدي

بدورها، منظمات المجتمع المدني في اليمن اعتبرت أن الإجراءات المتبادلة بين الحكومة والحوثيين بشأن وقف التعاملات مع بنوك تجارية وتمويل أصغر، “تعكس عدم إدراك أطراف النزاع لهشاشة الاقتصاد اليمني، وتجاهلها التام للتحذيرات والمؤشرات المتعلقة بالاقتصاد الكلي”.

وقالت، في بيان لها، إن “هذا التصعيد قد ترك وكالات الأمم المتحدة والمنظمات غير الحكومية الدولية والمحلية والأطراف الفاعلة في المجال الإنساني رهائن للأطراف المتحاربة سعيًا لتحقيق أهداف سياسية واقتصادية أوسع”.

ودعت المنظمات الأمم المتحدة ومجموعة اليمن الرباعية، إلى إجراء محادثات أكثر جدية في ما يتعلق بالاقتصاد؛ واتخاذ خطوات ملموسة لتمكين المنظمات الإنسانية من مواصلة تقديم المساعدات، ووضع حد للاشتراطات التعسفية والإجراءات البيروقراطية لطلبات الترخيص لمشاريع الاستجابة الانسانية، وتجديد التراخيص للمنظمات المحلية.

وحذرت من خطورة ما وصفتها بـ”الإجراءات المتسرعة بحق البنوك التجارية والإسلامية والتمويل الأصغر وشركات الصرافة اليمنية على عملية الاستجابة الإنسانية في اليمن”.

بين فترة وأخرى، تشكو الأمم المتحدة من تفاقم بيئة العمل الإنساني، واستمرار القيود المفروضة والعوائق البيروقراطية والقيود المفروضة على حركة المساعدات الإنسانية.

يتجاوز عدد الوكالات والكيانات الأممية العاملة في اليمن 20 منظمة وهيئة تعمل في مجالات مختلفة. ولا يوجد إحصاءات رسمية بعدد المنظمات المحلية.

كما أبدت منظمات المجتمع المدني استعدادها للتعامل مع جمعية البنوك اليمنية وشبكة اليمن للتمويل الأصغر وجمعية الصرافين اليمنيين والاتحاد العام للغرف الصناعية والتجارية اليمنية، وتشكيل لجنة مشتركة لإجراء محادثات مع إدارة البنكين في عدن وصنعاء لخلق مساحة محايدة تمكّن الجهات العاملة في القطاع المالي من أداء عملها.

يقول الناشط في المجال الإغاثي ياسر الشرعبي، إن “أي إجراءات يتم اتخاذها الآن بغرض التصعيد بين طرفي الحرب، ستؤثر سلبيًا على الوضع الإنساني”.

ويضيف الشرعبي لـ”المشاهد” أن “استمرار غياب المجتمع الدولي في الضغط على أطراف الصراع لتحييد الاقتصاد والعمل الإنساني، شجّع الأطراف على إصدار مزيد من القرارات على حساب المواطنين الذين يعيشون وضعًا مأساويًا”.

مقالات مشابهة