المشاهد نت

الوساطة العُمانية تصطدم بتعنت جماعة الحوثي

زار الوفد العماني صنعاء أربع مرات في 2022

عدن – نجوى حسن

على الرغم من كل الجهود التي بُذلت لتمديد الهدنة سابقًا من قبل المبعوث الأممي إلى اليمن، هانس غروندبرغ، إلا أنها باءت بالفشل، وفي ظل هذا الوضع، تستمر الوساطة العُمانية لمحاولة حل الخلاف وتمديد الهدنة لإنهاء الصراع في اليمن.

زار وفد عماني صنعاء خلال العام الماضي أربع مرات، كانت آخر هذه الزيارات في 21 ديسمبر الماضي، من أجل الخروج بموافقة الحوثيين على تمديد الهدنة التي توسطت فيها الأمم المتحدة، وانتهت مطلع أكتوبر الماضي.

وقال رئيس الوفد التفاوضي للحوثيين، محمد عبدالسلام، في تغريدة على “تويتر”: “زيارة الوفد العُماني لصنعاء تأتي استكمالًا لما يجري من نقاشات حول السبل الكفيلة بإنهاء العدوان ورفع الحصار تلبية لمطالب الشعب اليمني كحقوق طبيعية وإنسانية لا يتم السلام بدونها”.

تعنت وشروط

يرى سياسيون أن الوساطة العُمانية لم تقدم شيئًا في الملف اليمني، وفي هذا الجانب يقول الكاتب الصحفي أحمد شوقي لـ”المشاهد”: “مع الأسف لم تحقق الوساطات العُمانية في الملف اليمني شيئًا يذكر، باستثناء استثمار الحوثيين لها في كسر عزلتهم الدولية وتسويق خطابهم المعادي للسلام”، مضيفًا: “ليس أدل على ذلك من التصريحات الصادرة خلال الأيام الماضية، في ظل زيارة الوفد العُماني، والتي عبر فيها الحوثيون عن حالة من التعنت والتحدي عبر اشتراطات متعالية وضعوها للانخراط في مفاوضات السلام”.

فيما لفت القيادي بالحزب الاشتراكي اليمني وعضو مجلس الشورى، الموالي لجماعة الحوثي، نايف حيدان، لـ”المشاهد”، إلى أن دورهم “كيمنيين ومعتدى عليهم”، هو “الثناء على الجهود التي تبذلها سلطنة عُمان، وأن أياديهم ممدودة للسلام، وحربهم ما هي إلا دفاع عن النفس والحفاظ على السيادة والأراضي اليمنية”، حد تعبيره.

دور عُمان

تلعب سلطنة عُمان دورًا هامًا في إحلال السلام باليمن، البعض يعتبره “إيجابيًا، إلا أنه بطيء جدًا، ولم يحقق شيئًا على أرض الواقع”، والبعض الآخر يراه سلبيًا ولخدمة مصالح جماعة الحوثي، يقول شوقي: “لا أدري إن كان العُمانيون مقتنعين فعلًا بأهمية دورهم في إحلال السلام على المدى المنظور، لكن الأكيد أن الدور العُماني خدم الحوثيين خلال الفترات الماضية، سواءً من خلال إظهارهم وتسويقهم كطرف يمكن التحاور معه، ويحظى بقبول واعتراف رسمي من قبل الأشقاء في عُمان، أو من خلال إيواء عدد من قيادات الحوثيين على الرغم من خطابهم العدواني تجاه دول الخليج الأخرى والحكومة الشرعية”.

ويتابع شوقي: “يبدو أن علاقة السلطنة الجيدة مع الحوثيين تخدمها في لعب دور موازٍ للدور الذي تلعبه السعودية والإمارات كحليف للحكومة الشرعية، إذا ما أخذنا في الاعتبار العلاقة الملتبسة بين سلطنة عُمان والمملكة العربية السعودية ودولة الإمارات العربية المتحدة”، مؤكدًا أن الأخيرة علاقتها متوترة بالطرف العُماني، “فضلًا عن مخاوف عُمانية تجاه الدور السعودي الإماراتي في اليمن، وقلق العُمانيين بشأن نفوذهم في المناطق الشرقية اليمنية، وربما من تنامي دور أكبر للإمارات وحتى للسعودية في المناطق الحدودية اليمنية المحاذية لسلطنة عُمان”.

ويسعى العُمانيون لإبراز ثقلهم السياسي والدبلوماسي، وإظهار أنفسهم للعالم من خلال لعب دور يأملون في أن يكون مؤثرًا في الأزمة اليمنية، بحسب شوقي، فيما يرى حيدان أن الجهود التي تبذلها عُمان تتمثل في محاولة التوفيق بين شروط جماعة الحوثيين والتحالف العربي والحكومة الشرعية، إلا أن “دور التحالف والحكومة الشرعية في المفاوضات سلبية”.

إقرأ أيضاً  المحافظات التي يتوقع أن تشهد أمطارًا غزيرة

ويقول باسم فضل الشعبي لـ”المشاهد” إنه لا يوجد أي جديد في ملف السلام في اليمن، وجهود عُمان تصطدم برفض جماعة الحوثي وتعنتها بوضع شروط من ضمنها دفع الرواتب وحصولها على نصيب من إيرادات النفط المستخرج من الجنوب قبل الحديث عن الهدنة، مشيرًا إلى أن التحالف والشرعية هم فقط من يتمسكون بالهدنة، “أما جماعة أنصار الله فقد استأنفوا الحرب من جديد”، مضيفًا: “الجهود إيجابية، لكنها لم تثمر شيئًا منذ سنوات، ولن تنجح بهذه الطريقة، لا بد من ضغط إقليمي ودولي على الحوثيين لإرغامهم عليها”.

دائرة رمادية

على الرغم من الجهود التي تبذلها سلطنة عُمان، إلا أنه لا توجد حتى اللحظة أي مؤشرات حول نجاحها، ويعتقد الشعبي أنها ستفشل كما فشلت الجهود السابقة في إحلال السلام.

يقول الشعبي: “لا بد لسلطنة عُمان من الخروج من الدائرة الرمادية في ما يتعلق بموقفها من الحرب تجاه جميع أطراف الصراع، وإغلاق الحدود والمنافذ أمام تهريب السلاح المؤمن للحوثيين، ولكل حدث حديث، وتلك الجهود حتى الآن غير ناجحة”.

ويرى شوقي أن وساطة سلطنة عُمان لن تنجح، “خصوصًا أن تصريحات قيادات الحوثيين إبان زيارة الوفد العُماني محبطة للغاية لكل من يتمتعون بقدر من التفاؤل بشأن قدرة الطرف العُماني على إقناع الحوثيين في الانخراط بمشاورات سلام في الوقت الراهن”.

ويتوقع البعض الآخر أن نجاح الوساطة مرهون بموافقة التحالف والحكومة الشرعية على الشروط التي وضعتها جماعة الحوثي، وتقديم التنازلات لإحلال السلام وتمديد الهدنة فترة أطول.

“نجاح المبادرة متوقف على التحالف والحكومة الشرعية، فهما المتحكمان، وفي جانبيهما أمريكا وبريطانيا، ومن جانب آخر نحن نمد يدنا للسلام، وما يهمنا هو سيادة اليمن واستقراره وتوفير وسائل العيش المتاحة للشعب اليمني والحفاظ على كرامته وحقوقه”، يقول حيدان.

ويضيف: “لو نظرنا إلى ما يحدث بتفاصيله الدقيقة، لوجدنا أن التحالف قصف اليمن بكل أنواع الأسلحة، بما فيها الأسلحة المحرمة، فمن مصلحة الطرف اليمني الوطني أن يقبل بأي شروط لكي يكف الأذى عنه، ولكن نحن مطالبنا وطنية بحتة تخص كل الشعب اليمني، وكف التدخل في شؤونه”.

ويوضح موقف جماعته بالقول: “لسنا هواة للحرب أو نسعى للدمار، وإن لم نكن نريد السلام كنا كررنا الضربات في ظل هذا الوضع الهادئ على المملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة، ونحن ملتزمون بالهدنة، وأوقفنا جميع أشكال العمليات القتالية حفاظًا على السلام”.

وفي ظل الآراء المتباينة حول مدى أهمية الوساطات العُمانية في تحقيق تقدم في ملف السلام اليمني وإعادة اليمن إلى المسار السياسي، غادر الوفد العُماني العاصمة صنعاء بعد زيارته الأخيرة وهو يحمل رفض جماعة الحوثي بالعودة إلى طريق السلام دون تنفيذ اشتراطاته المعلنة، ليبقى مستقبل السلام في اليمن ضبابيًا حتى اللحظة.

مقالات مشابهة