المشاهد نت

تعزيز فرص التعليم لأطفال النازحين

42% من إجمالي الأطفال في مخيمات النازحين غير ملتحقين بالتعليم-تصوير اليونيسف 2021

تعز – مجاهد حمود

الخمسينية أم يحيى، نازحة قذفتها أمواج الحرب بعيدة عن موطنها الأصلي ومكان نشأتها في مديرية الدريهمي بمحافظة الحديدة، إلى أطراف مدينة تعز، أواخر العام 2018.

تقول لـ”المشاهد”: بعد اشتداد المعارك اضطررنا للنزوح هربًا من الموت الذي كان يتربص بنا، إلى منزل أحد أقربائنا في مدينة تعز، برفقة ابنتيَّ وولدي البالغ من العمر 11 عامًا، مستطردة: بقينا عندهم قرابة الثلاثة أشهر، وكنت أحس بأني عبء ثقيل عليهم، ولا نملك مالًا لنستأجر شقة ما، نظرًا لمحدودية الدخل وارتفاع أسعار إيجارات الشقق داخل المدينة، فزوجي عسكري يعمل حارس أمن في إحدى المؤسسات.

وتتابع حديثها: “هممتُ بولدي وتعليمه الذي كان كابوسًا يؤرقني كلما غفوت، وأسائل نفسي إلى أين سنمضي، فالطريق أمامنا مجهولة”.

وتضيف: “بعدها قرر ابني البحث عن عمل، رغم صغر سنه، كنت قلقة عليه وخائفة، فالمكان جديد، ولا نعرف عنه شيئًا، قلت له مازلت صغيرًا، قال لكني أصبحت رجلًا الآن.. وسأعمل ما استطعت لإسعادك يا أمي”.

وبنبرة حزن تقول: بعد وقت ليس بطويل حصل على فرصة عمل في أحد المحلات التجارية (بقالة)، براتب ٦٠ ألف ريال، وبدوام من الثامنة صباحًا حتى السادسة مساء، وبعد تساؤله عن بيت للإيجار بمبلغ مناسب، حصل على منزل، لكنه في أطراف المدينة، وقريب من المواجهات. بعدها تم إلحاقه بمدرسة علي بالبعرارة لمواصلة تعليمه، رغم الكثير من المعوقات التي واجهتنا، مثل إحضار الوثائق الرسمية، وازدحام المدارس الحكومية بالطلاب.

يحيى واحد من نحو نصف مليون طفل في سن التعليم، ويعيشون في النزوح، النصف منهم ذكور، والنصف الآخر إناث، حسب حديث مدير الوحدة التنفيذية لإدارة مخيمات النازحين في عدن، نجيب السعدي، لـ”المشاهد”.

نحو 42% من إجمالي الأطفال في المخيمات غير ملتحقين بالتعليم، إضافة إلى عدد الأطفال في المنازل غير الملتحقين بالتعليم بنسبة 18%، حسب السعدي، الذي يقول إن واقع التعليم بالمخيمات يرثى له، حيث بلغت نسبة الأمية 17%، إضافة إلى أن 30% من المخيمات لا يوجد فيها تعليم، بينما 86% من المخيمات لا يوجد بداخلها مدارس.

إقرأ أيضاً  أسباب تراجع هجمات الحوثيين البحرية

معظم الأسر في المخيمات تعتمد على الأطفال في كسب لقمة العيش، بواقع 64% من إجمالي الأسر، تتوزع على 309 مخيمات، بنسبة 62% من إجمالي المخيمات، مما يحرم الأطفال من فرص التعليم.

ويشير السعدي إلى جملة من الأولويات لقطاع التعليم، منها توفير البيئة التعليمية “مدرسة، كتاب، كادر تعليمي”، بنسبة 65%، وتوفير المستلزمات المدرسية “حقيبة مدرسية، زي مدرسي”، وتوفير الوثائق التعليمية السابقة للطلاب بنسبة 44%.

مأرب الأكثر نزوحًا

يقول ناصر مثنى، مدير الوحدة التنفيذية لإدارة مخيمات النازحين في مأرب، لـ”المشاهد”، إن حركة النزوح التي رصدتها الوحدة خلال العام 2022، كانت مرتفعة، حيث بلغ عدد الأسر النازحة 1,573 أسرة، ما يعادل 9,538 شخصًا في النصف الأول من العام 2022.

وكانت مدينة مأرب الأكثر نزوحًا بإجمالي  2.3 مليون نازح، من بين المحافظات اليمنية،  وبنسبة 75% من إجمالي النازحين في المحافظات التي تم رصدها، حسب مدير الوحدة التنفيذية لإدارة مخيمات النازحين في عدن.

احتياجات عاجلة للتعليم

يقول مدير الوحدة التنفيذية ناصر مثنى، إن هناك احتياجات طارئة لقطاع التعليم يجب توفيرها لتوجيه الجهود نحو إيجاد فرص تعليمية جيدة ومناسبة من خلال دعم مكتب التربية والتعليم بالإمكانيات الفنية اللازمة، وتشجيع الأسر النازحة على تلقي الأطفال التعليم، وتقديم الدعم النفسي والمادي لتوفير بيئة تعليمية مناسبة، بالإضافة إلى اعتماد تغذية مدرسية للأطفال بالمدارس.

ويقول مثنى إن تأهيل وتدريب الكوادر التربوية وبناء قدراتها المهنية، وتقديم الدعم المادي لضمان استمراريتهم في العملية التعليمية، يعد أولوية لضمان التحاق الأطفال النازحين بالتعليم.

كما أن هناك حاجة لإنشاء مدارس جديدة تواكب الارتفاع الكبير للملتحقين بالتعليم العام، مع ضرورة إيلاء مهمة توسعة وتأهيل المرافق التعليمية القائمة، وتغطية مخيمات النزوح بالفصول البديلة، ورفدها بالمستلزمات الأساسية.

وقالت الأمم المتحدة، في وثيقة النظرة العامة للاحتياجات الإنسانية، إن أكثر من 4.3 مليون شخص نزحوا في اليمن، منذ عام 2015، مما يجعلها رابع أكبر أزمة نزوح داخلي في العالم.

مقالات مشابهة