المشاهد نت

ما سر تشكيل “قوات درع الوطن”؟

رئيس مجلس القيادة الرئاسي، رشاد العليمي في اجتماع مع وزير الدفاع-عدن-2 فبراير 2023

عدن – محمد عبدالله

في 29 يناير/ كانون الثاني الماضي، أصدر رئيس مجلس القيادة الرئاسي رشاد العليمي، قرارًا بإنشاء وحدات عسكرية أطلق عليها اسم “قوات درع الوطن”، في تطور يراه مراقبون بأنه يأتي في إطار التنافس بين السعودية والإمارات على النفوذ في المحافظات المحررة من جماعة الحوثي (أنصار الله).

ونص القرار على أن تكون هذه القوات “احتياطي القائد الأعلى للقوات المسلحة”، وأن تلتزم بقانون الخدمة في القوات المسلحة والقوانين ذات الصلة.

وأوكل العليمي هذه القوات إلى العميد بشير سيف قائد غُبَيْر الصبيحي، وهو قيادي محسوب على التيار السلفي، وسبق أن انخرط في الجانب العسكري إبان معارك تحرير عدن من جماعة الحوثي في العام 2015.

تزامن هذا القرار مع عودة العليمي إلى عدن بعد أكثر من شهرين من الغياب، في ظل الحديث عن خلافات داخل مجلس القيادة الرئاسي.

العدد والتسمية

عرض عسكري تدريبي لقوات المجلس الإنتقالي الجنوبي المناوئة للحكومة اليمنية-عدن

في حين لم يذكر المرسوم الرئاسي عدد هذه القوات ومهامها ومسرح عملياتها، أكدت مصادر عسكرية لـ”المشاهد” أن عددها الحالي ثمانية ألوية، وتم إنشاؤها وتدريبها في العام الماضي، بتمويل وإشراف من السعودية.

وعن نطاق انتشار هذه القوات؛ أوضحت المصادر أنّ “ثلاثة ألوية منها تتمركز في محافظتي أبين وعدن، ولواءين في لحج، ولواء في حضرموت، وآخر في الضالع، فيما اللواء الثامن لم تعهد له منطقة تمركز بعد”.

وكانت القوات ذاتها تسلمت أواخر العام المنصرم قاعدة العند الجوية التي تعد من أكبر القواعد العسكرية في البلاد، وتقع في لحج. وهذه أول قوات يتم إنشاؤها من المجلس الرئاسي الذي تم تشكيله في أبريل/ نيسان 2022.

كان يُطلق عليها تسمية “ألوية العمالقة الجديدة”، قبل أن يتم اسبتدال تسميتها بـ”قوات درع الوطن” في سبتمبر الماضي، بحسب مذكرة صادرة عن رئيس عملياتها المشتركة مراد جويح الصبيحي.

تم الكشف عن هذه القوات بشكل رسمي منتصف يوليو/ تموز الماضي، بالتزامن مع “الذكرى السابعة لتحرير عدن” من الحوثيين؛ وذكرت يومها في بيان أنّها “قوات مستقلة، تشكلت بالتنسيق مع مختلف القوى السياسية والعسكرية، وتحت قيادة التحالف العربي”.

ونفى البيان تبعية هذه القوات لـ”ألوية اليمن السعيد” في مأرب (شمالي شرق) أو “ألوية المغاوير”، ومقرها المخا التابعة إداريًا لمحافظة تعز الواقعة جنوبي غرب البلاد.

دوافع

أثار قرار تشكيل هذه القوات جدلًا واسعًا على منصات التواصل الاجتماعي، وسط تساؤلات عن أهداف تشكيل قوات جديدة في وقت تهيمن تشكيلات مسلحة لا تخضع لسلطة الحكومة بشكل كامل، وتملك ولاءات متعددة.

وردًا على هذا الجدل؛ قال رئيس هيئة الأركان العامة الفريق الركن صغير بن عزيز، إن “قوات درع الوطن جزء لا يتجزأ من القوات المسلحة، بموجب قرار رئيس مجلس القيادة الرئاسي، وفق المرجعيات وإعلان نقل السلطة”. مضيفًا في تغريدة على حسابه في “تويتر”، أنّها ستكون “رافدًا قويًا” في المعركة ضد جماعة الحوثي.

ومنذ أبريل/ نيسان 2022 تكاد المعارك العسكرية بين القوات الحكومية وجماعة الحوثي، متوقفة تمامًا، بعد أن توصل الطرفان لاتفاق برعاية أممية على وقف إطلاق النار ضمن هدنة إنسانية استمرت ستة أشهر.

وبشأن دلالة تشكيل هذه القوات، يرى الباحث المتخصص في الشؤون العسكرية والاستراتيجية علي الذهب؛ أنّها جاءت “نتيجة للتباينات داخل مجلس القيادة الرئاسي، واتّكاء كل عضو فيه على قوة صلبة، ما عدا رئيس المجلس رشاد العليمي”.

إقرأ أيضاً  تهريب القات إلى السعودية... خطوة نحو المال والموت

ويقول الذهب، في حديث لـ”المشاهد”، إن هذه الخطوة جاءت بالتفاهم مع أعضاء المجلس، بحيث تكون هذه القوة محايدة، وأغلبيتها من محافظات جنوبية، ولا خطر على القوات الجنوبية الأخرى من وجود هذه القوات”.

وسبق أن أثار انتشار قوات “درع الوطن”، أواخر العام الماضي، في قصر معاشيق، مقر إقامة الحكومة المعترف بها دوليًا في العاصمة المؤقتة عدن، غضب المجلس الانتقالي الجنوبي الذي طالما احتكر السيطرة الأمنية في عدن، منذ أغسطس 2019، واعتبرها تهديدًا مباشرًا لوجوده العسكري.

وبدا هذا الأمر واضحًا عندما أعلن معين المقرحي، وهو ضابط اللواء الأول دعم وإسناد التابع للمجلس الانتقالي، استحداث عناصرهم نقاطًا أمنية في عدن لـ”إيقاف تحركات أي قيادات أو قوات شمالية، وعدم السماح لها بالتحرك، واحتجاز أية آليات تتبع قوات درع الوطن، والتي تسعى وبدعم قوي لتكون قوات بديل للقوات الجنوبية”.

ويكشف صراع النفوذ بين أعضاء المجلس الرئاسي عن وجود تنافس بين السعودية والإمارات على النفوذ في المحافظات الجنوبية، بحسب الذهب الذي يرى أن التحالف اختار هذه القوات، ولم يقم مجلس القيادة إلا بإصدار القرار بشأن تشكليها فقط.

ويضيف أن هذا الأمر دفع السعودية لتشكيل هذه القوات “تحت مظلة ألوية الاحتياط لحماية رئيس مجلس القيادة، وأيضًا تؤدي دورًا آخر، وهو انتشارها في الأجزاء الشمالية من محافظة حضرموت، وهذه المناطق حساسة للأمن القومي السعودي”.

وانتقد الذهب طبيعة التشكيلات السابقة واللاحقة، كونها “أُنشئت بطريقة غير قانونية وغير رسمية، ولم تمر بالمراحل المتعارف عليها دستورًا وقانونًا”.

وكان اتفاق نقل السلطة، في أبريل/ نيسان الماضي، تضمن تشكيل لجنة عسكرية وأمنية مكونة من 59 عضوًا، برئاسة اللواء الركن هيثم قاسم طاهر، “لتهيئة الظروف واتخاذ الخطوات اللازمة لتحقيق تكامل القوات تحت هيكل قيادة وطنية موحدة في إطار سيادة القانون، وإنهاء الانقسام في القوات المسلحة ومعالجة أسبابه، وإنهاء جميع النزاعات المسلحة، ووضع عقيدة وطنية لمنتسبي الجيش، والأجهزة الأمنية”. ومضت سبعة أشهر على تشكيل اللجنة، لكنها أيضًا لم تحقق أي إنجاز يُذكر.

وحول بُنية الوحدات العسكرية الجديدة، يقول الذهب: “إنّه كان من المفترض أن تكون أكفأ وأدق نظام داخل التشكيلات الموجودة، كونها جزءًا من ألوية الاحتياط الاستراتيجي، ويجب أن تكون قوية في الآليات والمعدات والأفراد والقادة ومختلف الإمكانيات، لكن هذا غير واقع ومُجانب للتشكيل الذي ظهرت به”.

“الحوثي المستفيد”

بدوره، يقول الصحفي سلمان المقرمي لـ”المشاهد”، إن “الحكومة والتحالف لم يستطيعا مواجهة الحوثي، ولم يتوحدوا في عدن بالقوات الموجودة، فقاموا بخلق قوات جديدة ستسبب نزاعات جديدة”.

ويرى المقرمي أن تشكيل هذه القوات “يُعبر عن صراع سعودي إماراتي مستمر في عدن، المستفيد منه جماعة الحوثي”.

وخلال السنوات الماضية، شهدت محافظات مثل عدن وأبين وشبوة، دورات عنف متكررة بين تشكيلات عسكرية تدعمها الرياض وأبوظبي.

وبحسب المقرمي، فإنّ القوات المعلن عنها مؤخرًا “لا تتبع العليمي ولن يتحكم بها. وستسهم بمزيد من النزاعات والمشاكل داخل الحكومة بما فيها مع الانتقالي”.

وكانت الحكومة اليمنية والمجلس الانتقالي الجنوبي وقعا في مطلع نوفمبر 2019 اتفاق الرياض الذي يقضي بإعادة تنظيم القوات العسكرية والأمنية في المحافظات الجنوبية، وضمها تحت قيادتي وزارتي الدفاع والداخلية، لكن ذلك لم يتم حتى الآن.

مقالات مشابهة