المشاهد نت

تخفيضات رمضان.. أسلوب التجار لتصريف السلع «شبه المنتهية»

تعز – إبراهيم يحيى

كان نجم الفقيه، 29 عامًا، يتصفح موقع “فيسبوك”، قبل أيام، وفي تلك اللحظات، شاهد عدة إعلانات لمحلات تجارية يمنية، كلها تقدم تخفيضات مغرية وعروضًا جذابة.

قرر الفقيه، الذي يعمل كمهندس معماري، زيارة أحد المراكز التجارية التي شاهد إعلاناتها في “فيسبوك”، لعله يشتري بعض احتياجته بسعر أرخص. عندما وصل إلى المركز التجاري، بدأ بأخذ المنتجات التي يحتاجها، معتقدًا أنه سيحصل على تخفيضات تصل إلى 50%، وبعد أن أكمل الفقيه التسوق، ذهب لدفع الحساب، وكانت المفاجأة.

موظف في المركز التجاري أخبره: “لقد انتهى العرض”، كان الفقيه حريصًا على الذهاب إلى المركز التجاري يوم الافتتاح، ومع ذلك، لم يجد ما أراده.

يقول الفقيه لـ«المشاهد»: “أتيت في بداية افتتاح العرض الذي تم الإعلان عنه في موقع “فيسبوك” التابع للمركز التجاري، وهذا يعني أن الكثير من هذه المراكز التجارية تحتال على المستهلكين”.

يعترف الفقيه، قائلًا: “تجذبني بعض العروض بشكل كبير، ولكن عندما أذهب إلى هذه المراكز التجارية، لا أجد هذه العروض”.

مع اقتراب شهر رمضان، تبدأ المراكز التجارية في اليمن بالترويج للمنتجات الغذائية والملابس، وتقدم تخفيضات مذهلة. لكن هذا الأسلوب التسويقي لا يخلو من الخداع واستغلال المستهلكين، بحسب مواطنين.

نوال خالد، 40 عامًا، وتعمل في وظيفة حكومية، تقول لـ«المشاهد» إن أغلب المراكز التجارية تقوم بالاحتيال على المستهلكين بهدف ترويج بضائع على وشك الانتهاء، وأن هذه البضائع لا تدوم لفترة طويلة.

وتشرح خالد تجربتها، وتقول: “اشتريت عرض معكرونة يحتوي على عشرة أكياس، وعند وصولي إلى المنزل، وجدت أنها ستنتهي بعد شهر واحد فقط. كان العرض مغلفًا لإخفاء تاريخ الانتهاء”. لم يكن أمامها من خيار سوى التخلص من المعكرونة، ورميها في القمامة خوفًا على صحة الأبناء من الأمراض التي قد يتسبب بها هذا المنتج.

تخفيضات غير واقعية

في أحد المراكز التجارية في صنعاء، اشترى أحمد الحبابي، 35 عامًا، جالونًا من زيت الطعام، باعتبار أن التخفيض 20% لذلك المنتج. وبعد أن دفع النقود واستلم الفاتورة، كان السعر في الفاتورة مختلفًا عما شاهده في العرض.

أدرك الحبابي أنه تم خداعه، وعاد إلى المحاسب للتأكد والمراجعة، لكن المحاسب طلب منه التواصل مع مدير المركز التجاري.

يضيف الحبابي لـ«المشاهد»: “حصلت لي نفس المشكلة في السعودية، في العام 2021، لكني تواصلت مع مركز الشكاوى في وزارة الصناعة، ووثقت صورة العرض بكاميرا الهاتف، وقمت بتصوير فاتورة الشراء وأرسلتها لمركز الشكاوى، وتم استدعائي، وتمت معاقبة المركز التجاري بفرض غرامة مالية تصل إلى آلاف الريالات والإنذار بإغلاق المركز التجاري”.

خالد مختار، 26 عامًا، مختص تسويق، يقول لـ«المشاهد» إن المراكز التجارية تعمل على استغلال حالة الناس المادية وانقطاع الرواتب، لتقوم بتسويق البضائع المقاربة على الانتهاء والسلع التي يقل الطلب عليها، خلال شهر رمضان الكريم.

مختار يرى أن هذه التخفيضات غير واقعية، وهدف التجار هو بيع البضائع قبل انتهائها. “نلاحظ أن أكثر من 90% من السلع في هذه المراكز لا يتم التخفيض عليها، وإنما أقل من 10% من السلع التي يتم العرض عليها. هذا يعني أن التجار يروجون للسلع المقاربة على الانتهاء والمكدسة طوال العام”.

إقرأ أيضاً  دور النساء في تحسين جودة الدراما اليمنية

ويشير إلى أن بعض العروض تأتي مع الهدايا، مثلًا، عرض قطمة رز مع السكر، لكن عندما نقوم بعمل حساب بسيط، نجد أن الفارق ليس كبيرًا.

ويتحدث عن تجربة صديقه قائلًا: اشترى أحد أصدقائي نفس هذا العرض، وتعرض للنصب، حيث كان الأرز سيئ الطعم، ما اضطره إلى رميه في القمامة”.

ويضيف أن التخفيضات الوهمية لا تقتصر على المواد الغذائية، بل الملابس أيضًا، حيث تقدم بعض المحلات تخفيضات على الملابس الرديئة والقديمة. وبعد أن تُغسل هذه الملابس مرة أو مرتين، تتمزق وتبهت ألوانها، بحسب مختار.

الضبط والرقابة

علي العلماني، مدير مكتب الصناعة والتجارة بمديرية التحرير في أمانة العاصمة صنعاء، تحدث مع «المشاهد» قائلًا: إن وزارة الصناعة والتجارة تعمل على تصور لإلزام المراكز التجارية بألا يتم الإعلان عن هذه العروض في وسائل التواصل الاجتماعي واللوحات في الشوارع إلا بعد موافقة الوزارة وعمل ترخيص.

والهدف من ذلك هو ضبط السوق، وعدم استغلال المواطنين من قبل بعض التجار الجشعين الذين يبحثون عن الربح السريع”.

ويشير العلماني إلى أن الوزارة تقوم بحملات مستمرة على مختلف المحلات التجارية الكبيرة والصغيرة، وبخاصة خلال شهر رمضان، للتأكد من سلامة السلع المختلفة.

تتلف الوزارة سنويًا عشرات آلاف الأطنان من المواد الغذائية منتهية الصلاحية والمخالفة للمواصفات والمقاييس اليمنية، بحضور ممثلين من الوزارة ومن الهيئة اليمنية للمواصفات والمقاييس وضبط الجودة، بالإضافة إلى ضبط المخالفات السعرية، بحسب العلماني.

رمضان.. موسم الأرباح

يرى المحامي محمد الذيفاني أنه يجب على المراكز التجارية عمل ملصقات على المنتجات التي يتم التخفيض في سعرها، وتوضيح سعر المنتج قبل وبعد التخفيض ونسبة التخفيض وتاريخ بداية ونهاية هذه التخفيضات.

ويؤكد الذيفاني على أهمية قيام وزارة التجارة والصناعة بدورها في الرقابة على هذه المراكز التجارية، وضبط العروض التجارية، بحيث لا يتم اعتماد إعلان التخفيض إلا بعد ترخيص من قبل الوزارة، وبهذا يمكن حماية المواطنين من التخفيضات الوهمية.

ويعتقد أن وسائل الإعلام المختلفة تستطيع القيام بدورٍ هام في زيادة وعي المواطنين، لا سيما في شهر رمضان، الذي يسعى التجار لتحويله إلى موسم لتحقيق أرباح طائلة على حساب المواطن الفقير.

تتذكر أم فؤاد، ربة بيت في صنعاء، بوضوح، تجربتها مع العروض والتخفيضات في رمضان الماضي.

تقول لـ«المشاهد»: “وجدت إعلانًا ممولًا في “فيسبوك”، لأحد المراكز التجارية، وتضمن الإعلان تخفيضات في أسعار البهارات والحبوب”.

ذهبت أم فؤاد للشراء من ذلك المركز التجاري، وعندما عادت إلى البيت، بدأت في إعداد العشاء، واستخدمت تلك البهارات والحبوب. حينها وجدتها تالفة، وطعمها سيئ، وقررت أن تعيدها إليهم، لكنهم رفضوا بحجة أن البضاعة المباعة لا ترد.

مقالات مشابهة