المشاهد نت

تعز.. نجاح تجربة المرأة في المقاولات

زبيدة اللحجي تعمل في مجال المقاولات وتنفذ مشروع في مديرية جبل حبشي بتعز - متناقلة

تعز – لؤي سلطان:

تشرف زبيدة اللحجي، 55 عامًا، على مجموعة من العمال في إحدى الطرق الجبلية في عزلة الشراجة بمحافظة تعز، جنوبي غرب اليمن، وتحرص على أن ينجز العمال مهمة تعبيد الطريق ورصفها بالأحجار بدقة عالية.

في المجتمع اليمني، العمل في المقاولات مهنة يسيطر عليها الرجال، وقد يبدو غريبًا أن تشرف امرأة على عدد من العمال أثناء رصف الطريق وإصلاحها. لكن اللحجي جاءت لتكسر الاحتكار، وتنافس الرجال في التقدم للمناقصات والفوز بها.

قبل أشهر، قرأت اللحجي إعلان الصندوق الاجتماعي للتنمية فرع تعز، عن مناقصة لأعمال الرصف الشبكي لمسافة قدرها 770 كم. قامت بإعداد دراسة تخطيطية حول التكلفة المالية المقدرة حسب خبرتها التي اكتسبتها من خلال تجاربها السابقة، وقررت أن تخوض المغامرة، وتقدم أوراقها إلى الصندوق الاجتماعي، بهدف الفوز بالمناقصة.

فازت اللحجي بمناقصتين في مشروع رصف طريق الهفار -الأشروح -ذي الليمة، في عزلة الشراجة، ويعد هذا الطريق شريان حياة للعديد من المواطنين في قرى ريف تعز. تقول لـ”المشاهد: “كان التقدم للفوز بالمناقصة بالنسبة لي مغامرة جديدة، وعزمت خوضها بكل تحدٍّ، خصوصًا عندما سمعت تصريحات من مسؤولي الصندوق الاجتماعي، منفذ المشروع، بضرورة إشراك المرأة في العمل والمقاولات”.

استغرقت اللحجي ما يقارب أسبوعًا كاملًا لإعداد الدراسة، واستعانت ببعض الأهالي ممن لديهم خبرة في مجال المقاولات، وتمكنت من الفوز على ستة منافسين. تضيف لـ”المشاهد” أن قيمة مناقصتها بلغت 15 مليون ريال، وكانت أقل مناقصة من بين المنافسين، الأمر الذي دفع إلى نيلها الثقة.

لم تكن تطمع في ربح مبلغ ضخم، وكان هدفها هو التجربة والعمل في هذا المجال. تقول: “أردت أن أكسر المنطق المغلوط السائد الذي يُقر بعدم أهلية المرأة في المشاركة بالعمل، وأرسخ مفهوم أنها قادرة على إنجاز كل الأعمال ومشاركة الرجل بكل المجالات”.
تعتقد اللحجي أن حرصها على تقديم مناقصة أقل تكلفة مقارنة بالمتقدمين الآخرين، كان من أهم العوامل التي ساعدتها على الفوز.

إقرأ أيضاً  أسباب الانهيار المتواصل للريال اليمني

منذ العام 2015، تشهد تعز انقسامًا جغرافيًا، حيث تسيطر جماعة أنصار الله (الحوثيين) على جزء من محافظة تعز، وتسيطر الحكومة على الجزء الآخر. خلال السنوات الماضية، اضطر سكان المدينة إلى السير في طرق جبلية وعرة وغير معبدة، الأمر الذي ضاعف معاناة السكان، وزاد من تكلفة نقل البضائع وأجرة نقل المسافرين.

كسر الاعتقاد السائد

عبدالعزيز الدخيني، رئيس اللجنة المجتمعية التي تشكلت لغرض الإشراف على تنفيذ المشروع، يقول لـ” المشاهد” إن اللحجي استطاعت تقديم دراسة جيدة، وكانت حريصة على خوض هذه التجربة، وساعدها في ذلك قوة شخصيتها وخبرتها في المبادرات المجتمعية السابقة.

أنجزت اللحجي جزءًا من العمل بطريقة جيدة، وتوقفت خلال شهر رمضان، وستعود لاستكمال ما تبقى بعد عيد الفطر، بحسب الدخيني، الذي يضيف لـ”المشاهد”: “تجربتها كأول امرأة في هذا المجال، أسهمت في كسر الاعتقاد السائد بعدم أهلية المرأة في مشاركة الرجل في كل المجالات”.

توفيق العامري، ضابط مشاريع الطرق في الصندوق الاجتماعي للتنمية، يرى أن هذه التجربة تعد إنجازًا عظيمًا للمرأة الريفية ولسوق العمل، مؤكدًا أن اللحجي أظهرت بتفانيها وعزيمتها أن المرأة لها القدرة على المنافسة والفوز في كافة المجالات.

ويضيف العامري: “زبيدة اللحجي تمكنت من تقديم عروض تنافسية متميزة عن بقية المتقدمين، إضافة إلى ذكائها في إدارة الأنشطة المالية وأعمال الرصف بكل اقتدار، مكتسبة ذلك من ممارستها السابقة في المبادرات الأهلية”.

عندما تنتهي اللحجي من مهمة رصف وتعبيد الطريق في عزلة الشراجة بتعز، ستكون لها فرحتان: فرحة الإنجاز، وفرحة تخفيف معاناة المسافرين في تلك الأماكن الوعرة.

مقالات مشابهة