المشاهد نت

الحكومة اليمنية.. انحسار العائدات وتزايد التحديات الاقتصادية

صنعاء – أشرف الصوفي

تواجه الحكومة اليمنية تحديات اقتصادية كبيرة منذ اندلاع الحرب قبل ثماني سنوات، وتتضاعف تلك التحديات بالتزامن مع انحسار العائدات المالية من صادرات النفط والغاز، وغياب الاستقرار السياسي والعسكري.

خلال السنوات الماضية، تلقت الحكومة اليمنية دفعات متعددة من الدعم المالي الخارجي، بما في ذلك الودائع السعودية، بهدف تحسين الوضع المالي والاقتصادي في اليمن، وتنفيذ بعض الإصلاحات الاقتصادية، والاستمرار في دفع الرواتب، وتقديم بعض الخدمات في المناطق التي تسيطر عليها الحكومة اليمنية.

لكن الدعم المالي الخارجي طوال السنوات الماضية لم يمكّن الحكومة من تحقيق استقرار اقتصادي، ومازالت الأزمة الاقتصادية في اليمن تلوح في الأفق. بحسب باحثين، قد تجد الحكومة صعوبة في دفع رواتب موظفي القطاع العام، وتوفير بعض الخدمات الأساسية في الأشهر القادمة.

معاذ البركاني، مدير البنك المركزي (فرع تعز)، يقول لـ«المشاهد» إن الأسواق اليمنية في الأشهر الأخيرة شهدت ارتفاعًا كبيرًا في أسعار السلع الغذائية، والمنتجات المستوردة، وظهرت مخاوف تتعلق بعجز الحكومة عن صرف مرتبات شهر يونيو الجاري، وهذا ينبئ عن حدوث “أزمة غير مسبوقة”.

يضيف البركاني: “كثيرة هي المعطيات التي قد تجعل من التجربة اللبنانية، واقعًا يمنيًا خلال الأشهر القادمة، ما لم تفِ الدول المانحة بتعهداتها المالية واتفاقيات الودائع المصادق عليها من قبل دول الخليج ممثلة بالسعودية والإمارات. وبعكس ذلك، فليس من الغريب أن نسمع عن إعلان البنك المركزي اليمني الإفلاس”.

في فبراير هذا العام، أعلنت المملكة العربية السعودية عن إيداع مليار دولار في حساب البنك المركزي اليمني بعدن، لتعزيز الاستقرار الاقتصادي والحد من الانهيار المتسارع الذي تشهده العملة المحلية أمام العملات الأجنبية. لكن الودائع الخارجية لا تبدو كافية وفعالة لحل الأزمة الاقتصادية في اليمن.

تقرير صادر عن البنك الدولي في مطلع العام الجاري، يتوقع أن يشهد النشاط الاقتصادي في اليمن انكماشًا خلال هذا العام، في ظل استمرار توقف تصدير النفط، وعدم كفاية التمويل الخارجي للاحتياجات القائمة، وندرة النقد الأجنبي، والتطورات المتعلقة بالصراع.

إقرأ أيضاً  جولة مفاوضات جديدة بين الحوثيين والحكومة حول الأسرى

منذ نشوب الحرب في اليمن عام 2015، تكبّد الاقتصاد المحلي خسائر فادحة، ما أدى إلى نقص حاد في الأمن الغذائي، وتدمير البنية التحتية الحيوية. تشير تقارير الأمم المتحدة إلى أن أكثر من 24.1 مليون يمني في عام 2023 “معرضون لخطر” المجاعة والمرض، وأكثر من 14 مليون شخص منهم بحاجة ملحة إلى المساعدات.

توقف عوائد النفط

وفيق صالح، باحث اقتصادي، يرى أن الهجمات الحوثية الأخيرة على موانئ التصدير والمنشآت النفطية اليمنية التي تسيطر عليها الحكومة اليمنية، تسببت بأزمة اقتصادية وخسائر مالية ضخمة.

توقفت صادرات النفط في اليمن منذ أكتوبر/ تشرين الأول العام الماضي، عقب هجمات شنّها الحوثيون على عدد من المواني النفطية في محافظتي حضرموت وشبوة (جنوبي شرق البلاد).

يقول صالح لـ«المشاهد»: “كانت الحكومة الشرعية تتحصل من مليار إلى مليار ونصف من عوائد النفط سنويًا، وهذا كان يمثل لها رصيدًا مهمًا جدًا في دعم التزاماتها، سواء في تمويل متطلبات العملة، أو تمويل الاستيراد الخارجي، وفي المصارفة، وتوفير إمكانيات وأموال لسداد احتياج الموازنة العامة”.

الخسائر الجديدة التي تكبدتها الحكومة اليمنية، بحسب صالح، جاءت بعد التقارب السعودي الحوثي، والتسهيلات التي تقدمها السعودية على طاولة المفاوضات للحوثيين، والسماح بفتح ميناء الحديدة، وتحول السفن والبواخر من ميناء عدن إلى ميناء الحديدة.

ويضيف: “كانت الحكومة توفر عائدات من الضرائب والجمارك على السلع المستوردة بحوالي 700 مليون دولار، وهذا الرقم تناقص إلى أكثر من 50% نتيجة تحول البواخر إلى ميناء الحديدة، وبالتالي أصبحت الإيرادات التي كانت تتحصل عليها الحكومة، تذهب للحوثيين، ما أدى إلى زيادة رصيد إيرادات الحوثيين من ضرائب النفط والجمارك، وتضاؤل في رصيد الحكومة الشرعية”.

في ظل التحديات الاقتصادية المتزايدة، تعمل الحكومة اليمنية على تحسين إيراداتها العامة، وخفض الإنفاق، وتحقيق إيرادات غير نفطية متنوعة؛ حتى تتمكن من تخفيف التأثيرات السلبية الناجمة عن توقف عائدات النفط والغاز. سيظل إنعاش الاقتصاد اليمني مهمة صعبة، بدون إيرادات النفط والغاز المستدامة.

مقالات مشابهة