المشاهد نت

أزمات يخلقها الجفاف في اليمن

التصحر في اليمن - صورة تعبيرية

عدن – عبير خالد:

تحولت عدد من الوديان الخصبة إلى أراضٍ قاحلة وشبه صحراوية في محافظات يمنية متعددة، وأصبح الجفاف والتصحر من التحديات المناخية الكبيرة التي تواجه البلاد. العوامل المناخية مثل انخفاض منسوب هطول الأمطار، وبعض التصرفات البشرية، خلقت ظاهرتي الجفاف والتصحر.

يأتي اليوم العالمي للجفاف والتصحر، الذي يوافق 17 يونيو، للتذكير بهذه الأزمات في اليمن وغيرها من البلدان. تتسع هاتان الظاهرتان في اليمن في ظل التغيرات المناخية، واستمرار الجهات المعنية في التركيز على الصراع السياسي والعسكري، وتجاهل القضايا البيئية والمناخية.

مناخيًا، يُعد اليمن من المناطق الجافة وشبه الجافة، ويتعرض لأمطار موسمية سواء صيفية أو شتوية، ويصنف كدولة فقيرة بالمياه، وتستهلك أغلب مصادر المياه في الزراعة. جمال باوزير، خبير بيئي، يقول لـ”المشاهد” إن الجفاف يتسبب بأزمات مختلفة للمجتمعات، مثل انتقال السكان من منطقة إلى أخرى والمجاعة.
ويضيف باوزير: “الجفاف يتسبب بحالات نزوح جماعية نتيجة للنقص الحاد في المياه النظيفة، ما يعني صعوبة الحصول على المياه، كما أن الجفاف يمكن أن يسبب الحرائق في الغابات، وقد شهد العالم في العقود الأخيرة كثيرًا من هذه الحالات. وهذا يؤثر على البشر، وعلى جودة الهواء، ما يعني تزايد الأمراض الصدرية”.

يتسبب الجفاف بنفوق المواشي، وتضرر الثروة الحيوانية التي يعتمد عليها مئات الآلاف من اليمنيين كمصدر دخل أساسي، وبسبب جفاف المراعي في السهول والمرتفعات الجبلية، ترتفع أسعار الأعلاف إلى مستويات تفوق قدرات مربي المواشي في اليمن، بحسب باوزير.

تأثير التغير المناخي

عبدالرقيب العكيشي، مدير إدارة التكيف بوحدة تغير المناخ بالهيئة العامة لحماية البيئة اليمنية، يقول لـ”المشاهد” إن سلسلة التغير المناخي تبدأ بإحداث إخلال بتوازن الكربون في الكرة الأرضية، ويعد استخراج النفط وحرقه أكبر مصدر لانبعاث غازات الاحتباس الحراري، والتي تعمل على رفع درجة حرارة الأرض.

ويشير العكيشي إلى أن ارتفاع درجة الحرارة يصاحبه حدثان أساسيان: إما ارتفاع مستوى هطول الأمطار نتيجة زيادة البخار، ومنها ازدياد الحالات المتطرفة من تغير المناخ مثل العواصف والفيضانات، أو نقص مستوى هطول الأمطار، الذي يؤدي إلى الجفاف.

توضح تقارير منظمة الأغذية والزراعة للأمم المتحدة، أن اليمن شهد في الفترة ما بين يناير ويونيو 2022، ظروف الجفاف المتوسطة إلى الشديدة، ونجم عنها ارتفاع غير مسبوق في درجات الحرارة، مما أدى إلى تضرر جميع المناطق المزروعة في البلد. وبحلول منتصف يوليو، ضربت الأمطار الغزيرة والسيول عدة مناطق في جميع أنحاء اليمن، وتسببت تلك الأمطار الغزيرة والسيول المدمرة بتدمير الممتلكات، والمزارع، وسبل العيش، وألحقت الأضرار بالبنى التحتية الحيوية مثل الطرقات والمساكن الإيوائية للنازحين.

إقرأ أيضاً  بعد مرور عام من الوساطة الصينية بين السُّعُودية و إيران، أين يسير اليمن؟

الحد من تأثير الجفاف

ضآلة هطول الأمطار، وارتفاع درجة الحرارة، وزيادة نسبة التبخر، تقود إلى الجفاف، ويبدو أنه ليس يسيرًا السيطرة على مثل هذه الأسباب. لكن العكيشي يقترح عددًا من الحلول التي تساعد الدولة والمجتمع على مواجهة ظاهرة الجفاف التي تؤثر على البيئة اليمنية.

يقول العكيشي إنه لا بد من جمع وتحليل البيانات المناخية، وبناء قاعدة بيانات وطنية، وما يتعلق بها من بيانات مياه، ودعم قاعدة البيانات بشبكة محطات مناخية ومحطات مياه، ومراكز للإنذار المبكر.

ويضيف: من الأهمية بمكان ترشيد استهلاك وكفاءة استخدام المياه بالطرق الحديثة، وصيانة الإنشاءات المائية، والحد من استهلاك المياه في محاصيل تستنزف المياه، مثل القات، ومنع انتشار الحفر العشوائي للآبار، وبخاصة العميقة التي تستنزاف المياه الجوفية.

في العام 2007، قدرت الهيئة العامة للموارد المائية عدد آبار المياه الجوفية في اليمن بنحو 93 ألف بئر، وفي العام 2019، أصبحت أعداد آبار المياه المحفورة تقدر بحوالي 110 آلاف بئر.

ويقترح العكيشي أيضًا المحافظة على الغطاء النباتي من خلال تنظيم القطاع الزراعي بما يتلاءم مع كمية المياه وتوزيعها بحيث تكون هناك محاصيل مناسبة في الأماكن المناسبة، وكذلك الاهتمام بالأصناف المقاومة للجفاف.

ويؤكد على أهمية وجود قوانين تنظم استخدام المياه للأغراض الزراعية، حيث إن انتشار استخدام الطاقة الشمسية لضخ الماء يؤدي في بعض الحالات إلى استنزاف كبير للمياه، لرخص تكلفة الضخ، وعدم وجود قوانين تنظم استهلاك المياه، وهذا يسهم في حدوث الجفاف.

يبدو واضحًا أن الأزمة السياسية والعسكرية طوال السنوات الماضية، تسببت بخسائر مادية وبشرية فادحة في اليمن. قد تنتهي الحرب في يوم ما، لكن المشاكل البيئية والمناخية مثل الجفاف والتصحر، لن تنتهي بانتهاء الحرب.

مقالات مشابهة