المشاهد نت

مراكز طبية بتعز.. أماكن للموت

تحقيق وفيات الأخطاء الطبية-تعز

تعز-شهاب العفيف

ربّ نافعةٍ ضارّه! لم يكن يعلم يحيى علي (43 عامًا) أن الفرحة التي غمرته عند سماعه عن إعلان لتخفيضات في عمليات اللحمية -القرنيات الأنفية-، ستتحول إلى غصة ونحيب

توجّه يحيى برفقة زوجته أشواق صبيحة يوم الثالث عشر من أبريل/نيسان 2022، إلى مركز الخير الطبي، أحد المراكز الصحيّة الخاصة في مديرية القاهرة وسط مدينة تعز(جنوبي غرب اليمن) لإجراء عملية لحمية لزوجته البالغة من العمر 31 عامًا، والتي كانت تعاني من تحسس في الأنف وتشكو من الصداع المستمر.

بعد خروج أشواق من غرفة العمليات، لاحظ يحيى أن العين اليسرى لأشواق مُتورّمة ولونها أسود، ومغلقة، الأمر الذي جعله يعود إلى الطبيب الذي أجرى العملية مستفسرًا عن سبب ذلك.

“العملية نجحت، أما عن الدم المتجلط سيزول بعد أيام” هذا ما قاله الطبيب ليحيى، لكن الواقع قال عكس ذلك، فقد عانت أشواق لأكثر من شهرين بعد إجرائها للعملية من آلام ومضاعفات أدت إلى وفاتها، فيما محاولات يحيى في تسخير ما يملك من مال ضئيل وبيع قطع أرض، إضافة إلى بيع مقتنياتها، نتيجة وضعه المادي المتدني، لم تُفلح في إنقاذها.

بلغ عدد شكاوي ضحايا الأخطاء الطبية المسجلة لدى اللجنة الطبية الاستشارية المتخصصة خلال العام الماضي2022 والربع الأول من العام الجاري، 29 حالة، منها 12 حالة وفاة، و 17حالة أصيبت بمضاعفات، لا تقتصر هذه الحالات على المراكز الصحية المخالفة فقط، بل تأتي بعضها من مستشفيات حكومية بسبب الأخطاء الطبية، بحسب المستشار القانوني للجنة ذاتها جواد حسن.

اطلع معد التحقيق على وثائق تؤكد وجود مراكز صحية خاصة مخالفة لقوانين الصحة اليمنية، بينها مستشفى خاص ومستوصف وعيادات وصيدليات ومختبرات جميعها دون تراخيص وعملها مخالفًا للقانون.

صورة وثائق بمراكز صحية مخالفة

تسببت هذه المراكز في عدد من الوفيات ومضاعفات صحية في صفوف المواطنين، نتيجة أخطاء طبية من جهة، والإهمال في الرقابة الحكومية من جهة ثانية.

الضحيّة أشواق هي واحدة من بين عشرات ضحايا المراكز الصحيّة المخالفة بمدينة تعز، حيث تؤكد الوثائق التي اطلعنا عليها، أن مالك المركز وهو الطبيب عارف الشرعبي، قام بفتح وتشغيل المنشأة الطبية، دون الحصول على ترخيص من الجهة المعنية بذلك وممارسة العمل بداخلها، والتي تُعد مخالفة لقوانين الصحة اليمنية.

تقرير اللجنة الطبية الاستشارية عن قضية أشواق

مراكز طبية بتعز.. أماكن للموت

وثيقة فتح مركز الخير الطبي بدون ترخيص

مراكز طبية بتعز.. أماكن للموت

“أعراض وستنتهي”

استمر يحيى بالعودة إلى الطبيب عارف الشرعبي أكثر من 10 مرات خلال فترة شهر ونصف من إجراء العملية لزوجته نتيجة الأعراض التي لازمتها، وفي إحدى المرات وعندما كان النزيف شديدًا أسعفها إلى طبيب المركز، فور وصوله قال له “لا تحتاج أي شيء، هذه أعراض وستنتهي” كانت تلك هي آخر مرة يذهب بها إلى المركز.

  كانت أشواق تعاني مضاعفات بعد العملية، منها  الصداع، وفقدان التوزان إذا حاولت الوقوف على قدميها، والانزعاج  من الأصوات والضوء أجبرتها تلك المضاعفات على العيش مع المهدئات.

بعد مرور أكثر من عامٍ على حادثة أشواق، على الرغم من صدور توجيهات رسمية تؤكد بأن المركز مخالف لقوانين الصحة اليمنية، لم يتم إغلاق المركز واستمر في مزاولة نشاطه واستقبال المرضى، “بحسب وثيقة حصلنا عليها، وبحسب النزول الميداني لمعد التحقيق إلى نفس المركز حتى نشر هذا التحقيق”.

صورة وثيقة تعود لمكتب الصحة وعليها توجيه من النيابة بإغلاق المركز

صورة وثيقة استمرار فتح مركز الخير الطبي دون الرجوع إلى مكتب الصحة

مراكز طبية بتعز.. أماكن للموت

كيف بُترت رجل حمزة؟

بصوتٍ ممزوجٍ بآهات الندم، يحكي الطفل حمزة محمد (17 عاما) قصة إسعافه إلى مركز الأمل الطبي في منطقة مفرق جبل حبشي غربي مدينة تعز، بعد إصابته بكسر في ساقه الأيسر بتاريخ 26 فبراير/شباط 2022، حينما كان يلعب كرة القدم برفقة أصدقائه.

يقول حمزة، إنه وبعد أن أظهرت الأشعة وجود كسر في عظام ساقه، أصرَّ طبيب المركز المعالج على عدم الانتقال إلى مكان آخر، وأنه وعبر استخدام الجبس سوف يتعافى بأقل وقت وتكلفة.

عاد حمزة إلى المنزل بعد أن وُضع على رجله “الجبس” بداية من القدم حتى منتصف الفخذ، وهو يشعر بألم شديد لم يمكنه من النوم طيلة ثلاث ليالٍ، ليعود إلى المركز للمراجعة، ليتم إسعِافه بعد ذلك مباشرة إلى أحد مستشفيات المدينة، وبعد عملية استكشافية للساق قرر الطبيب المعالج ضرورة إجراء عملية بتر لرجله اليسرى، لتلازمه الإعاقة طوال حياته التي لم يعشها بعد.

جاء في التقرير الطبي لمستشفى الروضة عن حالة الطفل حمزة، أنه وبعد وصوله إلى المستشفى والكشف عليه، تبيّن وجود كسر حديث مغلق في منتصف الساق الأيسر، وتظهر علامات موت القدم والساق المكسورة عليها “الغرغرينا” نتيجة لانقطاع الدم وحصول احتشاء حجرات الساق، مما جعلهم يقومون ببتر الساق من فوق الركبة.

صورة التقرير الطبي للطفل حمزة

مراكز طبية بتعز.. أماكن للموت

 من مقابلة الطفل حمزة المصورة

بحسب ملف القضية الذي حصل عليه معد التحقيق وينشر لأول مرة، فإن مركز الأمل الطبي الذي أُسعف إليه حمزة،  يزاول نشاطه بشكل مخالف لنظام المراكز الصحية اليمنية، كما أنه لم يكن قد سجل هذا الاختصاص (قسم العظام )  فيه بعد “ماتزال القضية منظورة أمام القضاء”.

صورة تقرير نزول لجنة مكتب الصحة إلى مركز مخالف

مراكز طبية بتعز.. أماكن للموت

قرار اتهام نيابة جبل حبشي بحق مالك المركز وطبيب الأشعة فيه

مراكز طبية بتعز.. أماكن للموت

تهديد حياة المواطنين

يقول الدكتور هشام فاروق، طبيب عام، بتعز “تشكل المراكز الصحية الخاصة المخالفة لقوانين الصحة، واستمرارها في مزاولة عملها، تهديدًا حقيقيًا على حياة المواطنين، إذ أن هناك مخاطر كثيرة تواجه المواطن، تبدأ بفقدانه حياته أو إصابته بمضاعفات صحية وعاهات دائمة “.

ويؤكد هشام “أن استمرار مزاولة النشاط في المراكز الصحية المخالفة، وعدم ضبطها من الجهات المعنية، يأتي نتيجة للمبالغ المالية التي تُدفع كرشاو لهذه الجهات”.

بدوره يقول رئيس نقابة الأطباء في محافظة تعز الدكتور عبدالله الأهدل، إن هناك عدّة شكاو وصلت للنقابة لحالات أخطاء طبية نتج عنها وفيات ومضاعفات حدثت في مراكز صحية وعيادات خاصة، وعندما يتم طلب ملف فتح المنشأة الطبية نجد أن المركز لا يوجد لديه ترخيص، حتى أنه أحياناً الطبيب المالك لا يوجد لديه تصريح مزاولة مهنة.

ويشير الأهدل إلى أن فتح مراكز صحية خاصة دون حصولها على تراخيص، يُعد “كارثة حقيقية” تهدد حياة المواطنين بحسب وصفه.

مراكز طبية بتعز.. أماكن للموت

مراكز صحية بدون تراخيص

بحسب مدير إدارة المنشآت الصحية الخاصة بمكتب الصحة بتعز، محمد الكندي، فإن المنشآت الصحية الخاصة المخالفة للقانون في محافظة تعز، بلغ عددها 28 منشأة خلال العام الماضي 2022، غالبيتها دون تراخيص، وبينها مراكز صحية وعيادات.

فيما يشير الدكتور هشام فاروق إلى أن هناك انتشارا واسعا لمثل هذه المراكز، والتي تعمل دون مراعاة لأدنى معايير السلامة المهنية الطبية.

من يمنح التراخيص؟

يتساءل الأهدل بغرابة ، “كيف يتم السماح بفتح المراكز الصحية الخاصة تلك ، دون تراخيص، وقيام الأطباء بالعمل دون حصولهم على تصريح مزاولة المهنة، و يتعجب عن غياب رقابة الجهات الرسمية المعنية المتمثلة بفرع وزارة الصحة العامة والسكان بتعز، مضيفًا “ضبط المراكز الصحية والاشتراط لحصولها على تراخيص، إجراء بسيط وغير معقّد، يمكن ضبطها بكل سهولة”، مؤكدًا أن هناك إهمالا من الجهات المعنية بهذا الجانب.

وتنصّ المادتان، (4) و (5) من القانون رقم 60 لسنة 1999، بشأن المنشآت الطبية والصحية الخاصة، حول إنشاء وتشكيل اللجنة المعنية بالمنشآت الطبية والصحية الخاصة، وتحديد المنشآت التي يسمح منحها تراخيص من قبل هذه اللجنة ويكون مدير عام الصحة بالمحافظة رئيسًا فيها.

فيما تنصّ الفقرة 6 من المادة الخامسة لذات القانون، “رفع طلبات تراخيص المستشفيات والمستوصفات والمراكز الطبية ومراكز الأشعة والمختبرات إلى الإدارة المختصة بالوزارة مشفوعة برأي اللجنة على أن تُمنح تراخيص تلك المنشآت من قبل الإدارة المختصة بالوزارة ممهورة بتوقيع الوزير”.

ويبلغ سعر رسوم الترخيص لفتح منشأة طبية خاصة نوع “مركز طبي” 16.000 ريال يمني (15 دولار أمريكي) كرسوم تأثيث وتشغيل، فيما رسوم التجديد والتي يحددها القانون 8000 ريال كل عامين، بحسب المادة 39 من قانون المنشآت الطبية والصحية الخاصة.

إقرأ أيضاً  خطة أمنية لمنع إطلاق النار في المناسبات غرب لحج

صورة توضح أسعار رسوم تراخيص المنشآت الطبية الخاصة وفق نص المادة رقم (39) من قانون المنشآت الطبية والصحية الخاصة رقم 60 لعام 1999م

على الرغم من انخفاض أسعار تراخيص فتح المراكز الطبية الخاصة، إلّا أن التقصًي الذي قام به معد التحقيق أثبت أن  هناك عددا من الأسباب وراء  قيام الأطباء أو مالكي هذه المراكز بعدم سعيهم للحصول على التراخيص؛ أبرزها عدم توفّر بعض الاشتراطات القانونية كشهادة مزاولة المهنة، والعمل في مجال اختصاص شهادته، إضافة إلى المواصفات الفنية والطبية التي تحددها قوانين الصحة اليمنية.

وعن سؤالنا أن هناك مديريات في المدينة لم يتم النزول إليها وضبط المراكز الصحية المخالفة فيها، والتي تعمل بدون تراخيص، أكتفى مدير إدارة المنشآت الصحية الخاصة بمكتب الصحة بتعز، محمد الكندي بالقول “هناك لجنة يتم تشكيلها من 10 أعضاء، يشارك فيها أعضاء من مكتب الصحة وإداراته المعنية ونقابات الأطباء والصيادلة والأسنان والمختبرات، ستباشر عملها بالنزول خلال الفترة القادمة، وسوف تبدأ عملها من مديرة القاهرة وسط المدينة”.

أنفوجرافيك بياني تفاعلي لإحصائيات المنشآت الطبية الخاصة بمحافظة تعز وأنواعها وتخصصاتها

انعدام الرقابة

موظف سابق في مكتب الصحة، (فضّل عدم ذكر اسمه)، أكد أن هناك تدخلات كانت تحدث  في شؤون المكتب خلال فترة عمله كمسؤول في المكتب، من قبل شخصيات نافذة بالمدينة محسوبة على بعض الأحزاب السياسية ومسؤولين بالسلطة المحلية، لغرض الدفاع عن بعض مالكي المراكز الطبية المخالفة، تلك التدخلات كثيراً ما كانت تحول في ضبط المراكز المخالفة، مضيفاً أن مدراء فروع مكاتب الصحة في المديريات، يسمحون لأطباء بفتح المراكز الطبية الخاصة ومزاولة العمل فيها دون تراخيص.

بدوره أكد مدير عام مكتب الصحة والسكان السابق بتعز، الدكتور راجح المليكي، أنه لم يكن هناك تجاوب من بعض الجهات الرقابية في فروع مكاتب الصحة والسلطة المحلية بالمديريات، وغالبا لعدم استيعابهم لمهام إدارة المنشآت الخاصة وإدارة الرقابة، مشيراً إلى أن معظم الموظفين في إدارة المنشآت الخاصة في هذه الفروع غير مستوعبين ومدركين شروط ومعايير المنشآت الطبية الخاصة واللوائح الصحية إلى جانب ما يحدث من تدخلات ومحاصصات حزبية.

فيما المستشار القانوني للجنة الطبية المتخصصة، ومدير الشؤون القانونية بمكتب الصحة بتعز، جواد حسن، قال إن إجراءات رصد وضبط المراكز الطبية غير المرخصة، من اختصاص مكتب الصحة بالمحافظة، إذ يُفترض أن هناك لجان رقابة وتفتيش تقوم بالنزول الميداني إلى المنشآت الخاصة بشكل يومي، وترفع محاضر ضبط للإدارة القانونية، ومن ثَمّ إحالتها إلى النيابة المختصة.

ويوضح جواد أن ما يحصل الآن هو قيام الرقابة التابعة للمكتب بالنزول الميداني، كل شهرين أو ثلاثة أشهر، نظرًا لافتقارها الدعم المادي؛ وهذا الأمر يعود بالتأثير سلبًا على مهامها في النزول الميداني وإعاقة ضبط المراكز المخالفة.

من مقابلة جواد حسن

تراخيص لا تطابق القانون

رصد معد التحقيق من خلال النزول الميداني على مدى أربعة أشهر في ثلاث مديريات فقط بمدينة تعز هي (المظفر ، القاهرة، صالة) عدد (27 مركزًا طبّيًّا خاصًا)، ووجد أن بعض هذه المراكز تقوم بإجراء عمليات مختلفة، كما أنها تحتوي على غرف للرقود، الأمر الذي يُعد مخالفة صريحة للمادة 21 من القانون رقم 60 لسنة 1999 بشأن المنشآت الطبية والصحية الخاصة، والتي تنص على أنه “يجب أن يقدم المركز الطبي الخدمات التشخيصية والعلاجية ولا يحتوي على أسرة لإيواء المرضى وأن لا يقوم بإجراء العمليات، ويجب أن يديره فنياً طبيب اختصاصي أو طبيب ممارس على أن تتوفر فيه الاشتراطات الفنية والصحية والمعدات اللازمة المحددة في اللائحة.”

أنفوجرافيك بياني عن عدد المراكز الخاصة المخالفة وأنواعها والتي تعمل عمليات

مراكز طبية بتعز.. أماكن للموت

كما أظهرت عملية الرصد، أن المراكز عبارة عن شقق ومبانٍ سكنية، لا تتوافق مع شروط اللائحة التنفيذية لذات القانون، في المادة رقم 31 ، والتي تحدد الشروط الفنية والهندسية للمراكز الطبية والصحية الخاصة.

لقطة شاشة نص المادة (31) من اللائحة التنفيذية لقانون المنشآت الخاصة

فتح أو تشغيل أي منشأة طبية خاصة بدون حصولها على ترخيص اعتبرها جواد بأنها “مُجرّمة” وعقوبتها الإغلاق والغرامة المالية والحبس وفقًا للقانون اليمني، ونفس الأمر ينطبق على الطبيب الذي يمارس مهنة الطب ولا يمتلك ترخيص مزاولة المهنة، ولا يُسمح قانونيّا لأي عيادة أو مركز صحي إجراء عمليات جراحية.

إجراءات منقوصة

في مارس/ آذار 2021، تم تشكيل اللجنة الطبية الاستشارية المتخصصة، بقرار من محافظ المحافظة نبيل شمسان بناء على تعميم وزير الصحة العامة والسكان اليمنية، وهي لجنة معنية بمتابعة قضايا الأخطاء الطبية، ومدير عام مكتب الصحة بالمحافظة نائباً فيها؛ ولتفعيل الرقابة على المراكز الصحيّة والعيادات والصيدليات الخاصة والعامة، بحيث يكون لديها تراخيص وتعمل وفق الأنظمة والشروط القانونية.

وشُكّلت هذه اللجان في المحافظات الحكومية لتقوم بأعمال بعض مهام المجلس الطبي الأعلى، الذي لم يتم تشكيله في الحكومة اليمنية بعد.

التقينا وكيل المحافظة للشؤون الصحية، ورئيسة اللجنة الطبية الاستشارية المتخصصة بتعز، الدكتورة إيلان عبدالحق، وواجهناها بما توصلنا إليه من معلومات ووثائق وأجابت بالقول “إن هناك بعض الاختلالات في تنفيذ أوامر الضبط، أو في مخرجات اللجنة الاستشارية المتخصصة بحق المراكز الصحية الخاصة المخالفة والعيادات، إذ تصطدم أوامر الضبط بجهات نافذة، رفضت تسميتها، وأن اللجنة لا تستطيع التحكم فيها”.

وأضافت: “يجب أن يفهم المجتمع أن المخالفة في الجهاز الطبي والاختصاصات الطبية، والإجراءات الطبية، ليس بالأمر الهيّن، ومن وجهة نظري يُعد من أدوات القتل العمد”.

مقطع فيديو رئيسة اللجنة الدكتورة إيلان عبدالحق

مسؤولية مركبًة

وجهنا التساؤل أيضا لمدير عام مكتب الصحة العامة والسكان بتعز، الدكتور عبدالرحمن صالح، عن ماهي أسباب عدم ضبط المراكز الطبية الخاصة المخالفة الذي أجاب بالقول : “عملنا خلال الفترة الأخيرة حصر لبعض المراكز والمنشآت الخاصة المخالفة، وتم رفعها إلى جهات الضبط ممثلة بالأمن والبحث الجنائي والنيابة العامة، لكن لم نجد تجاوبا بالشكل المطلوب من هذه الجهات”.

مضيفاً أنه وبسبب عدم وجود تأمين صحي للمواطن اليمني، يضطر للبحث عن الخدمة في أي مكان توفرت له، إذ يذهب لأماكن ليست تخصصية أو مؤهلة، وتقدم له الخدمة بموافقته.

كما واجهنا مدير إدارة المنشآت الصحية الخاصة بمكتب الصحة بتعز ، الذي رد بالقول “هناك بعض المعوقات التي تواجهنا عند نزولنا لضبط المراكز الصحية الخاصة المخالفة، وهي معوقات أمنية نظرا لضعف الأمن تتمثل بالتهديدات والاعتداءات، حيث تصل إلينا مكالمات من أرقام مجهولة لا نستطع معرفتها، وتحول دون قيامنا بالإجراءات الصارمة “.

بحسب جواد حسن أن من أسباب التباطُؤ وعدم الإسراع في حل هذه القضايا “هو أن اللجنة الطبية مشكّلة من عدّة أعضاء أخصائيين واستشاريين، غالبيتهم يعملون في مستشفيات خاصة، وليسوا موظفين رسميًّا مع اللجنة، ولا نستطيع إلزامهم على العمل كوننا لا نستطيع تعويض وقتهم وجهدهم ماديًّا”.

بدوره أنكر مدير إدارة الرقابة بفرع وزارة الصحة العامة والسكان في محافظة تعز، الدكتور جلال مصطفى عند سؤالنا حول قيام مراكز صحية خاصة (مرخصة) بمدينة تعز بمزاولة عملها بعمل عمليات جراحية وعمليات مناظير، واحتوائها على أقسام رقود، وعدم الالتزام بالشروط الفنية الخاصة فيها وفق قانون المنشآت الطبية والصحية الخاصة رقم 60، ولائحته التنفيذية، قائلا :”إن هذه ادعاءات غير صحيحة وأن جميع المراكز الخاصة لا يمنح لها التراخيص إلا بعد مطابقتها للمعايير القانونية”. وعند سؤالنا له عن المراكز غير المرخصة والمخالفة لقوانين الصحة اليمنية رفض الإدلاء بأي تصريح.

كما “أشواق وحمزة” وغيرهما من القصص المؤلمة من ضحايا الأخطاء والاختلالات الموجودة في المراكز الصحية، تبقى حياة آلاف المواطنين بمدينة تعز معرضة لذات المصير وتلك النهايات الموجعة، في ظل عدم تواجد وتحركات جادة من قبل الجهات الحكومية المعنية بضبط وإنفاذ القوانين وتحقيق العدالة بحق تلك المنشآت والمراكز المخالفة.

أنجز هذا التحقيق الاستقصائي”ضمن مخرجات ورشة الصحافة الاستقصائية المتقدمة” بإشراف الزميلين :

محمد يحيى جهلان

أحمد الواسعي

مقالات مشابهة