المشاهد نت

توسع زراعة شجرة القات في محمية عتمة 

محمية عتمة - المشاهد

صنعاء- رفيق محمد

بعد سنوات من العمل في مزارع القات بمحافظة البيضاء، قرر رداد الزعلة، 38 عامًا، غرس شجرة القات في الأرض الزراعية التي يمتلكها في مديرية عتمة بمحافظة ذمار. جاء قراره بعد إدراكه لمستوى الأرباح التي يحققها مزارعو القات الذين عمل معهم بالأجر اليومي بمحافظة البيضاء.

 منذ أن بدأ قطف أغصان القات في حقوله التي زرعها، وجد أن حالته المادية تغيرت، ولم يعد يحتاج إلى العمل بالأجر اليومي. يقول الزعلة لـ “المشاهد” : كنت أضطر للعمل في محافظة البيضاء لأن محصول أرضي الزراعية في عتمة لا يسد حاجتي. وبعد أن غرست القات بدلًا عن الذرة تحسن وضعي بشكل كبير”. 

الزعلة ليس المزارع الوحيد الذي استبدل الذرة بالقات في مديرية عتمة، بل العديد من المزارعين هناك اندفعوا في السنوات الأخيرة إلى زراعة نبتة القات، الأمر الذي يضع الغطاء النباتي في محمية عتمة تحت تهديد كبير. هذه المحمية واحدة من سبع محميات طبيعية في اليمن، وهي أول محمية طبيعية تم الإعلان عنها عام 1999، وتبلغ مساحتها 441 كم مربع

محمية عتمة توسع زراعة القات في محمية طبيعية

المزارع محمد مجاهد، 42 عامًا، لم يجد بديلًا لوظيفته التي فقدها مع بداية الحرب في اليمن عام 2015، فذهب إلى العمل بالأجر اليومي مع الأقارب في مزارع القات في عتمة، ورأى أن زراعة تلك النبتة مربحة. 

يقول مجاهد لـ “المشاهد”: “قررت أن أبذل كل ما بوسعي من أجل غرس القات في قطعة من الأرض، بعد لاحظت أن أقربائي وجيراني يحصلون على أموال من بيع القات. وبعد ما غرست، تحسن دخلي المادي، ولا أفكر في البحث عن وظيفة”. 

في ظل غياب دور الجهات الحكومية وتدني مستوى الوعي لدى المواطن، أصبحت بعض المجتمعات في اليمن ترى أن زراعة شجرة القات هي الطريقة المثلى لتحسين الوضع المعيشي. توسعت زراعة القات في العديد من المحافظات اليمنية خلال السنوات الماضية، وتسببت هذه الظاهرة بتفاقم أزمة الأمن الغذائي في اليمن، وأسهمت في استنزاف المياه بالطرق العشوائية.

تدمير الغطاء النباتي

إقرأ أيضاً  إقبال ضعيف على التسجيل للحج في اليمن

 تكاد محمية عتمة أن تخرج من طور المحميات الطبيعية بعد أن انتشار شجرة القات، حيث بدأت تتحول من منطقة طبيعية تنفرد ببيئة متنوعة وتضم النباتات والحيوانات النادرة إلى منطقة مشهورة بزراعة القات وتصديره إلى معظم الأسواق اليمنية.

لا يتوقف خطر زراعة القات عند المحاصيل الغذائية فقط، بل يتوسع ليشمل القضاء على الغلاف النباتي المجاور للشجرة، لأن ظل الأشجار يسبب تأخر في نمو شجرة القات، الأمر الذي يدفع المزارعين لقطع الأشجار التي تحيط بها.

يتوسع الخطر أكثر ليصل إلى الغابات، حيث يقوم المزارعون بقطع الأشجار الطويلة والمعمرة من أجل استخدامها كأعمدة لتثبيت الأغطية أو الخيام التي تغطى بها مزارع القات لحمايته في موسم الأمطار. اليوم، أصبحت بعض غابات المحمية شبه عارية بعد استنزاف الأشجار الطويلة والمعمرة، بحسب المزارع ناصر العواضي، 49 عاماً، الذي يقول إنه اضطر لشراء الأعمدة الحديدية بعد نفاد الأشجار الطويلة من الغابات المجاورة في محمية عتمة. 

دور الحكومة

يقول المهندس عزيز صلاح، مدير مكتب الزراعة في محمية عتمة، إن أبرز أسباب انتشار زراعة القات في المحمية تتمثل في ضعف إنتاجية الحبوب وتراجع المردود المادي الذي يحصل عليه المزارع، مقارنة بالدخل المادي السريع الذي يجنيه المزارع من القات.

توسع زراعة القات في محمية عتمة – المشاهد

ويضيف صلاح لـ “المشاهد“: “إن الإجراءات من جهتنا حاليًا تتمثل بمنع دخول غرسة القات من خارج المديرية وتشجيع أي مزارع يقوم بقلع القات واستبداله بالبن أو أي محصول آخر بدعم المزارعين بشبكات ومنظومات ري حديثة”.  ويشير إلى أنه تم دعم أكثر من 250 مزارع خلال الأشهر الماضية، وذلك لخلق روح المنافسة بين المزارعين. 

برغم الجهود المتواضعة التي تسعى لمنع توسع زراعة القات في عتمة، إلا أنها لا تستطيع إيقاف انتشار هذه الشجرة التي تخلق تحديات متعددة، منها استنزاف كميات كبيرة من المياه. بحسب مكتب الزراعة بمديرية عتمة، لجأ العديد من مزارعي القات إلى حفر الآبار الجوفية لتوفير المياه التي تحتاجها حقول القات، ووصل عدد الآبار الجوفية في المحمية إلى 180 بئرًا. 

مقالات مشابهة