المشاهد نت

عودة الحكومة إلى عدن.. قرار بانتظار التنفيذ

وعود متكررة بعودة الحكومة إلى عدن

عدن – فخر العزب:

أجبرت الحرب اليمنية التي اندلعت عام 2015، العديد من مسؤولي الحكومة اليمنية المعترف بها دوليًا، على الفرار إلى دول أجنبية مختلفة. كان الملايين من اليمنيين آنذاك يعتقدون أن الهروب أمر مؤقت، ولن يدوم طويلًا. اليوم، وبعد أكثر من ثماني سنوات منذ نشوب الحرب، لاتزال الحكومة اليمنية في المنفى، ويقوم المسؤولون ببعض مهامهم من أماكن إقامتهم في عواصم عربية وغربية متعددة.

المحاولات السابقة التي سعت إلى إعادة كل أعضاء الحكومة ومجلس النواب وغيرهم من المسؤولين إلى عدن، باءت بالفشل نتيجة للأوضاع الأمنية المضطربة والمواجهات المتكررة بين مقاتلي المجلس الانتقالي الجنوبي والوحدات الحكومية المناوئة لها. حاضرًا، يُحكم المجلس الانتقالي قبضته على عدن، وستواجه الحكومة اليمنية تحديات كثيرة إذا أرادت العودة إلى عدن والقيام بمهامها.

في مطلع هذا الشهر، صدر تعميم عن مكتب رئاسة الجمهورية، وتضمن توجيهات رئاسية بضرورة تواجد الوزراء والمحافظين والنواب والوزراء ووكلاء الوزارات ورؤساء الأجهزة التنفيذية، في مقرات أعمالهم في العاصمة المؤقتة عدن وغيرها من المحافظات، ابتداء من السادس من أغسطس الجاري. حتى الآن، لم يتغير الوضع، ومازال العديد من المسؤولين خارج البلاد.

خطوة في الاتجاه الصحيح

أسامة الشرمي، وكيل وزارة الإعلام، يقول في تصريح لـ”المشاهد” إن التعميم الصادر عن مكتب رئاسة الجمهورية بشأن عودة كل مسؤولي الدولة إلى عدن، خطوة في الاتجاه الصحيح، و ستسهم في تفعيل مؤسسات الدولة بشكل أكبر من داخل العاصمة المؤقتة عدن.

ويضيف الشرمي: “نتطلع لعودة كل قيادات وموظفي الدولة إلى عدن في أقرب وقت ممكن. المواطنون يعانون جراء هذا الغياب كثيرًا، ويجدون صعوبة حتى في الحصول على بعض الأوراق الرسمية البسيطة”. بحسب الشرمي، هنالك جدية كبيرة جدًا في تنفيذ هذا التعميم، وتابع الرئيس شخصيًا عودة كل المسؤولين إلى العاصمة المؤقتة عدن، سواء من يقيمون في الخارج أو في باقي المحافظات.

ويشير إلى أن الحالة الأمنية في عدن مستقرة، وكذلك الوضع السياسي، لا سيما منذ تشكيل مجلس القيادة الرئاسي، وبإمكان كل مسؤولي الدولة العمل من عدن. وتحدث عن علاقة المجلس الانتقالي بالحكومة اليمنية، قائلًا: “على الرغم من اختلافاتنا مع المجلس الانتقالي أو بعض مكونات العمل السياسي، إلا أننا لا نجد أي عائق تجاه تنفيذنا لمهام وظائفنا، وكذلك كل الزملاء الآخرين من مختلف المحافظات الشمالية والجنوبية؛ فعدن وأبناؤها والانتقالي وكل المكونات هي بحاجة إلى ما يقدمه هؤلاء المسؤولون الحكوميون بغض النظر عن آرائهم السياسية أو انتماءاتهم الجغرافية”.

مبرر عدم العودة

يرى الصحفي علي الفقيه أن توجيهات مكتب الرئاسة بعودة مسؤولي الدولة إلى الداخل أمر مهم، وهذا أبسط الأساسيات في عمل جهاز الدولة، ولم يحدث طوال التاريخ أن يكون كبار مسؤولي الدولة مغتربين خارج البلد.

إقرأ أيضاً  تعز .. مقتل مدني بلغم أرضي في عزلة الأحكوم

لا يثق الفقيه بإمكانية تنفيذ هذا التوجيه، لأن العديد من التوجيهات السابقة لم تُنفذ، والتوجيه الأخير سوف يلاقي نفس المصير، كون كبار المسؤولين، بمن فيهم رئيس مجلس القيادة، يقيمون خارج البلد، وهذا يعطي بقية المسؤولين مبررًا لعدم العودة.

ويضيف: “غياب الحكومة والرئيس منذ تحرير عدن من مليشيا الحوثي منتصف 2015، أسهم في جعل عدن بيئة طاردة، وترك الفراغ الذي ساعد على نشوء تشكيلات مسلحة خارج المؤسسة الأمنية والعسكرية. اليوم، وقبل دعوة المسؤولين للعودة، يجب على الرئيس ورئيس الحكومة أن يستقروا في عدن بشكل كامل، وأن يهيئوا الأجواء الملائمة لعودة بقية المسؤولين، حيث إن بعضهم في حال عودته لن يجد مكتبًا ليداوم فيه”.

توقف تصدير النفط نهاية العام الماضي بسبب الهجوم الحوثي على موانئ تصدير النفط في شبوة وحضرموت، وبدت الحكومة عاجزة عن صرف المرتبات لجيش من المسؤولين المعينين في مناصب عليا، والذين تصرف مرتباتهم بالعملة الصعبة، بحسب الفقيه، الذي يقول: “الآن، وبعد الإعلان عن المنحة السعودية، صدر هذا التعميم الذي نعتقد أنه مقدمة لصرف المرتبات، وربما يتم توقيف مرتبات كثير من المسؤولين المعنيين بالتعميم بحجة عدم عودتهم”.

مكسب اقتصادي

وفيق صالح، صحفي اقتصادي يمني، يرى أن عودة كافة المسؤولين سيعني صرف رواتبهم بالريال اليمني، بدلًا من العملة الصعبة التي يتقاضونها وهم في الخارج، وبالتالي ستشكل عودة الحكومة خطوة مهمة تحسين الاقتصادي في البلاد، وخصوصًا في المحافظات التي لا وجود فيها لجماعة الحوثي.

بحسب صالح، عودة الحكومة ستعمل على تقليص نفقات المدفوعات الخارجية، والعمل على مكافحة الفساد والعشوائية في المؤسسات والمصالح العامة، وتحسين الإيرادات وتشغيل الموارد المعطلة.

يضيف صالح لـ”المشاهد”: “تعزيز الحضور القوي للدولة يتطلب مكافحة العشوائية، ووقف هدر الموارد وحوكمة المؤسسات والأجهزة الحكومية، وتفعيل الموارد العامة المعطلة، وتهيئة المناخ الآمن للاستثمار وتعزيز النشاط التجاري والاقتصادي”.

قد يخلق وصول الحكومة اليمنية إلى عدن في الأيام القادمة، نوعًا من التفاؤل لدى المواطنين، لكن وصولها لا يضمن قدرتها على أداء مهامها دون معوقات. يختم الفقيه حديثه، ويقول: “إن الارتباك الأمني في عدن وتعدد الفصائل التي تعمل بعيدًا عن أجهزة الدولة، بل لا تعترف بها، تجعل المدينة غير مهيأة لعودة المسؤولين لممارسة أعمالهم من هناك”.

مقالات مشابهة