المشاهد نت

تنظيم متطرف يستهدف العاملين في المنظمات الإغاثية 

آكام أنعم (الثاني من اليسار)، موظف أمني لدى الأمم المتحدة في اليمن عقب الإفراج عنه- 10 أغسطس 2023 -مكتب رئيس وزراء بلاده بنجلادش

عدن- عاصم طه الصبري

في يوليو الماضي اعلنت السلطات الامنية اليمنية عن اغتيال الموظف الأممي اردني الجنسية مؤيد حميدي، والذي يعمل كمسؤول لمنظمة الغذاء العالمي في محافظة تعز اليمنية جنوبي غرب البلاد.

احدثت هذه العملية صدمة واسعة في الاوساط اليمنية والدولية، وقد أعقبها حملات امنيه مكثفه للقبض على المتهمين ومعرفة الجهة المسؤولة عن تنفيذ العملية الارهابية، وحتى الآن لم تعلن اي جهة مسؤوليتها الرسمية، كما لم تعلن الحكومة اليمنية عن نتائج التحقيقات.

وقد عمل معد المادة على تقصي خيوط ما جرى في اليمن لمعرفة الجهة المسؤولة عن اغتيال حميدي، وتتبع أبعاد وخلفيات هذه الواقعة.

وبحسب أحاديث لمصادر أمنية  يحتفظ المشاهد بهويتها لأسباب أمنية ومصادر أخرى على دراية بنشاط  التنظيم نفسه، فإن تنظيم القاعدة في اليمن هو المسؤول عن تنفيذ هذه العملية رغم تكتمه الاعلامي عنها.

وكشفت المصادر عن توجه التنظيم نحو تنفيذ سلسلة عمليات اخرى تستهدف بشكل مركز الجهات الدولية والاممية العاملة في المناطق اليمنية التابعة للحكومة الشرعية.

لطالما كان استهداف المنظمات الإنسانية و الاغاثية الدولية، والكوادر المحلية والاجنبية العاملة بها، أمرا مرفوضا في سياسة الشرعية للتنظيم، وقد كرس زعيما التنظيم الراحلين عبد ربه الوحيشي وقاسم الريمي هذا الاتجاه حتى صار جزءً اصيلا من ارثهما القيادي في التنظيم.

لكن هذا الإرث لم يصمد كثيرا بعد رحيلهما، فقد ظهر خلال فبراير من العام الماضي سلوك مغاير في أوساط التنظيم، تزعمه القيادي المصري إبراهيم البنا وهو المسؤول عن الجهاز الأمني في التنظيم، و الذي امر باختطاف الموظف الأممي آكام سوفيول انعم  في محافظة أبين، جنوب اليمن، في فبراير 2022.

وعقب هذا الاختطاف حاولت مجموعة من القيادات الجهادية والوجاهات القبلية التوسط لثني البنا عن سلوكه واقناعه الافراج عن الموظف المختطف، لكن البنا رفض بشدة كل المحاولات وعرض مقايضة الرجل ماليا مقابل فدية مجزية تقدر بخمسة مليون دولار.

تم الإفراج في 9 أغسطس 2023 عن أنعم وعاد إلى بلاده بنجلادش عقب 18 شهرا مختطفا لدى مسلحي القاعدة. لا يعرف على وجه الدقة حتى الآن كيف تم إطلاق سراح أنعم وهل تم دفع فدية مالية أو لا.

لكن في سبتمبر من العام الماضي أعلنت الداخلية اليمنية في الحكومة المعترف بها دوليا أنها حررت موظفين أجنبيين في منظمة أطباء بلا حدود  واعتقلت بعض أفراد العصابة بعد ستة أشهر من اختطافهما في محافظة حضرموت.  يعتبر إختطاف العاملين في منظمات الإغاثة من قبل مسلحي القاعدة سابقة غير مشهودة في تاريخ التنظيم.

أزمة مالية تغير سياسة التنظيم

لقد بدا واضحا أن ثمة تحول عميق في التنظيم على الصعيدين الامني والاخلاقي.  التغيير في سياسة القاعدة لم يقتصر على مبدأ خطف الاجانب العاملين بالاغاثة وتهديد مقراتهم، بل وخطفهم لأسباب مالية محضة دون أن يكون للعملية اي أبعاد استراتيجية أو أيدلوجية.

إقرأ أيضاً  انقطاع «الاتصالات» بمناطق بين لحج وتعز

ومع بداية هذا العام استطاع البنا إقناع أمير التنظيم خالد باطرفي، بانتهاج هذا السلوك كسياسة عامة للتنظيم و قررا سويا المضي قدما في هذا النهج،  إذ لا يكفي فقط اختطاف الأجانب بل يمكن أيضا اغتيالهم.

وقد أكدت مصادر متطابقة أن قرار استهداف المنظمات الأممية قد اتخذ خلال النصف الأول من العام الجاري من قبل خالد باطرفي و إبراهيم البنا، وأنه دخل حيز التنفيذ منذ شهرين، بالرغم انه مازال محل خلاف كبير بين قيادات القاعدة الذين يرفض غالبيتهم هذا السلوك لأنه يتعارض مع السياسة الشرعية للتنظيم .

وقد أعلنت الولايات المتحدة الأمريكية عن مكافأة تصل إلى عشرة ملايين دولارا أمريكيا لمن يدلي بمعلومات عن إبراهيم البنا وخالد باطرفي. وتصف الولايات المتحدة الأمريكية البنا  بأنه عضو مؤسس لتنظيم القاعدة في شبه الجزيرة العربية، والأخير أميرا للتنظيم حسب برنامج مكافآت من أجل العدالة.

 مصدر مطلع بنشاط  القاعدة في اليمن، يحتفظ المشاهد بذكر اسمه لأسباب أمنية، قال  في حديث للمشاهد أن استهداف العاملين الأجانب في المنظمات الإغاثية يأتي ضمن محاولات باطرفي والبنا للالتفاف على الازمة المالية التي يعيشها التنظيم.

مضيفا “ان هذا التوجه يمثل آخر تجليات التعاون بين جماعة الحوثي وتنظيم القاعدة الذي تصاعد بشكل مضطرد خلال الأعوام الثلاثة الاخيرة.”

وفي هذا السياق قال مصدر في الحكومة المعترف بها دوليا  للمشاهد، بأن عملية اغتيال الموظف الاردني تزامنت مع مطالبات للحكومة بافتتاح مقر رسمي للأمم المتحدة في محافظة تعز. وكانت الحكومة المعترف بها دوليا طالبت على مدار الأعوام الماضية  بفتح مقر رسمي للأمم المتحدة في تعز وسط معارضة شديدة من جماعة الحوثي، التي تصر  على بقاء المراكز الرئيسية للمنظمات الانسانية الأممية في صنعاء.

بحسب مصدر أمني في الحكومة المعترف بها دوليا، يحتفظ المشاهد باسمه لأسباب أمنية، فإن التحقيقات الرسمية في محافظة في تعز توصلت الى معلومات مهمة تفيد بأن المسؤول عن اغتيال الموظف الأممي الأردني هي مجموعة متطرفة تنشط في تعز”.

وفي ذات الاتجاه أفادت مصادر على علم بنشاط التنظيمات المتطرفة، بأن زعيم التنظيم خالد باطرفي والقيادي المصري إبراهيم البنا قد أمرا بتشكيل خلية خاصة لاستهداف المنظمات الدولية والاممية في تعز وعدن ولحج والضالع، وقد باشرت هذه الخلية أعمالها منذ يونيو الماضي.

الا ان القاعدة مازالت تواجه صعوبة كبيرة في تنفيذ مخططها بسبب تراجع نفوذها في المحافظات اليمنية المحررة لاسيما العاصمة المؤقتة عدن وايضا بعد ما تعرضت له من ضربات موجعة مؤخرا في محافظتي أبين وشبوة.

مقالات مشابهة